RSS

The Reader - 2008


فيلم ( The Reader    - القارئ ) للمخرج البريطاني ستيفن دالدري آثار العديد من الإشكاليات في موسم جوائز عام 2008 فبعد أن وصلنا إلى نهاية الموسم وكان المرشحين الأربع محددين سلفاً (المليونير وبنجامين وميلك وفروست) بقي المقعد الخامس هو محل الأشكال الأكبر فبعد الترحيب النقدي الكبير لفيلم فارس الظلام جاء الغولدن الغلوب ليعطي صوته للقارئ ثم جاءت نقابة المخرجين والمنتجين والكتاب لتؤيد فارس الظلام وعادت البافتا لترشح القارئ الذي ذهب إليه أخيراً مقعد الأوسكار الخامس وبخمس ترشيحات بينما نال فارس الظلام ثمان ترشيحات، الإشكالات استمرت حين التصويت لنجمة العمل كيت وينسليت ففي الغولدن غلوب والـ BFCA  والـ SAG تم اعتبارها ممثلة ثانوية ونالت الجوائز على هذا الأساس بينما عند البافتا و الأوسكار تم اعتبارها ممثلة رئيسية ونالت الجوائز على هذا الأساس ، الإشكاليات التي آثارها العمل الثالث لدالدري لم تتوقف عند الجوائز بل استمرت بعد مشاهدته فتعرض لانتقادات بسبب مشاهده الجنسية الكثيرة ولانتقادات بسبب ما اعتبره البعض غموض العديد من ملامحه وسطحية بعضها وانتقده البعض بسبب ما أظهره من تعاطف مع اليهود، عندما شاهدت الفيلم لأول مرة اجتمعت هذه الانتقادات عندي وخرجت بموقف سلبي منه وبأنه أحد الأفلام المكررة المتعاطفة مع اليهود ولم ينل إعجابي بالفيلم سوى أداء وينسليت ولكن حتى أدائها لم يحل عندي مكانة أدوارها الأخرى أو الأدوار الأخرى العظيمة لعام 2008 ، ولكن وطوال الفترة السابقة بقي الفيلم يدور في عقلي والعديد من أحداثه وتفاصيله بقيت تثير عندي شعور إنني لم أشاهد الفيلم بالشكل الصحيح وإن الفيلم يوجد فيه أشياء أكبر ونواحي أكبر لم ألحظها في المشاهدة الأولى، أعدت المشاهدة مرة ثانية قبل أيام وشعرت عندها وكأنني أشاهد فيلماً آخر، شاهدت فيه أحد أكثر الأفلام شاعرية على الإطلاق ، أحد أكثر الأفلام غنى بالتفاصيل النفسية للشخصيات ، أحد أكثر الأفلام متانة بالبناء الدرامي والنفسي للشخصيات ، أحد أكثر الأفلام جمالية بصرية ، شاهدت أحد أكثر الأداءات النسائية متانة وقوة ، شاهدت معالجة جديدة للنازية وللمحرقة لم تعتدها السينما ... في المرة الثانية شاهدت فيلم مبهر .... بل قريب جداً للكلاسيكية ... ولكنه يحتاج لبعض الصبر حتى تصل أفكاره وهذه ثغرة الفيلم – كما كان قبله فيلم سيكون دم لدي لويس - وهي صعوبة هضمه في المشاهدة الأولى ، هو يذكرنا بشكل كبير بالروائع الرومانسية الكلاسيكية كخارج أفريقيا لسيدني بولاك والمريض الإنكليزي لتوني مانغيلا اللذان قاما بإنتاج الفيلم قبل وفاتهما وعهدا بإخراجه لستيفن دالدري الذي لم يقدم فقط في عمله هذا حصيلة ما قدمه هذين المخرجين في روائعهما السابقة بل وضع لمسته الخاصة فيه فنجح بجعل العمل أحد أروع الأعمال الرومانسية وأكثرها فرادة في السنوات الماضية .

الفيلم أخذ صورة خاطئة إنه أحد الأفلام التي تعالج الهولوكوست أو تعالج عقدة الذنب الألمانية ولكنني بصراحة لا أرى هذه الأفكار سوى شيء ثانوي للفيلم مكمل للفكرة الرئيسية التي عالجها وقد يكون من الغريب أن بكون هذا الفيلم هو أكثر فيلم آثار انتقادات بسبب تناوله قضية الهولوكوست حتى لدى الجمهور الغربي فهو لا يمس الهولوكوست بشكل رئيسي ولكن الانتقاد جاءت بسبب الملل الذي بدأ ينتاب الجمهور العالمي – ليس العربي فقط - من هذه الأفلام وكثرتها وكثرة الجوائز الذي تناله منذ أختيار صوفي عام 1982 (أوسكار أفضل ممثلة لستريب) قائمة تشاندلار (ثمان جوائز أوسكار عام 1993 ) الحياة جميلة (3 أوسكارات عام 1998) عازف البيانو (ثلاث أوسكارات عام 2002) المخربون (أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2007) والآن هذا الفيلم ينال أوسكار أفضل ممثلة ، حتى إن أحد المتابعين الأوروبين كتب تعليق في imbd    حول الفيلم (لماذا كثرة الأفلام التي تتحدث عن الهولوكوست أين الأفلام التي تتحدث عن إبادة ستالين لعشرة ملايين مسيحي أبيض في الاتحاد السوفيتي أم إن ستالين يهودي) .

فكرة الفيلم الرئيسية هي تصوير تلك العلاقة المتشابكة والمعقدة بين فتى في الخامسة عشرة وامرأة في الخامسة والثلاثين على مدى ثلاثين سنة، كيف يمكن لعلاقة كهذه أن تنشأ وكيف يمكن أن تطور وكيف سيجد الحب طريقه خلال تلك العلاقة المنحرفة الغريبة وما هو مصيرها وما آثارها على الشخصيات، يبدأ الفيلم في برلين في وسط التسعينات ( مايكل بيرغ ) رالف فينز محامي وشخصية راقية محترمة في المجتمع ولكنه يعاني من مشاكل عاطفية تجعله عاجزاً عن التواصل بشكل جيد مع محيطه فينتقل بين العلاقات الغرامية السريعة دون أن يعثر على حبه الحقيقي الذي ضاع منه منذ سنوات عديدة، بيرغ خلال تلك السنوات يتذكر ذلك اليوم الذي عثر به على حبه وهو فتىً في الخامسة عشر في أحد أيام الشتاء عام 1958 حين أصيب بالحمى وأسعفته أحد عاملات جبي التذاكر في الحافلة هانا شميتس – كيت وينسليت، وعندما يعود بيرغ بعد شفائه إلى منزل هانا ليشكرها تبدأ الشهوة الجنسية تحركه نحوها وهو الفتى المقبل حديثاً على سن المراهقة ، هانا تدرك ذلك وترفضه في البداية ولكنها وفيما بعد تستجيب له وتبدأ تلك العلاقة الجنسية المنحرفة الغريبة، التي تتطور لتصبح شيء أكبر من مجرد لقاءات جنسية عابرة، تتطور لتصبح علاقة معقدة تكشف الكثير عن عقد الشخصيات الدفينة وتسهم إلى حد كبير بتغير حياة ذلك الفتى، فـبيرغ المنتمي لعائلة ثرية لا يعثر فيها على ذاته ويشعر – نتيجة مراهقته – بشيء من الاضطهاد وعدم القبول فيها مع شعوره بفشله وانحطاط شأنه فتكون لعلاقته مع هانا الفضل بتغير حياته حيث يتنامى لديه شعور إنه يوجد من يهتم به و هناك من يشعر بقيمته مما ينمي ثقته بنفسه ويجعله يكتشف في نفسه مواهب لم يكن يعرفها ويتمكن من تحقيق نجاحات لم يكن يطمح لها، ويجعله يعشق هانا ويفضل البقاء قربها وترك كل الفتيات الصغيرات حوله.

أما هانا فهذه العلاقة كانت بالنسبة لها متنفس عاطفي من وحدتها الخانقة التي تعيشها فهي لا تستطيع التواصل مع محيطها الخارجي فالنقص الذي تشعر به و عقدة الذنب الداخلي يمنعانها من التواصل والتطور فكانت هذه العلاقة مع فتى تعتقد إن كل ما يريده منها الجنس هي فرصتها لتحقق تواصل مع الآخرين ولتتمكن من إشباع ظمأها للقراءة والذي لا تستطيع تلبيته بسبب أميتها وجهلها ، ولكن هذه العلاقة الغريبة تتطور إلى شكل يخيفها ، فهانا تتطور مشاعرها نحو بيرغ لتصبح شيء أقرب للأمومة ويصبح الجنس معها شيء مرفوض ومزعج عدا شعورها بفارق السن بينهما وإنها لن تعد تستطيع أن ترضيه أكثر
 بوجود الشابات حوله مما سيجعله ينقطع عنها وتخسره دون أن تدرك العواطف الحقيقية التي تشكلت عند بيرغ لها الذي يريد منها شيء أكثر من الجنس شيء أكثر عاطفية ولكنها لا تفهم ما يريده إلى ما بعد سنوات طويلة وتضطر لهجره كعمل استباقي قبل أن يتركها هو بالإضافة إلى غاية أخرى وهي الحفاظ على السر المخجل الذي تحمله والذي يصبح بالنسبة لها عائقاً يمنعها من التطور بل عقدة يجبرها على الخوض بأكثر التجربة خطورة للحفاظ عليه .
الآثار النفسية لترك هانا لبيرغ يتم تصويرها بشكل ممتاز ... ضربة عاطفية لم يفهم بيرغ سببها ولم يستطع تجاوزها بقيت آثارها منطبعة في داخله للأبد جعلته يعجز عن التواصل عاطفياً مع الآخرين ويفشل في العثور على الحب مجدداً ولكن الآثار الإيجابية لتلك العلاقة تبقى تدفعه ليصل إلى كلية الحقوق ويتفوق فيها ويقوده ذاك لحضور جلسات محاكمة مجموعة من السجانات النازيات في الستينات المسئولات عن قتل 200 يهودية أثناء تركهم في سجن يحترق تحت القصف عام 1944 وبين أولئك السجانات تكون هانا وهنا ينتقل دالدري إلى القسم الأهم والأكثر تعقيداً في عمله تصوير تناقض مشاعر ذلك الشاب بين حبه الكبير لهانا وصدمته بحقيقتها الفظيعة، بين امتلاكه لدليل براءتها وخوفه من الإدلاء به، يصور دالدري بإبداع موقف ذلك الشاب الذي يتهم الجميع حب حياته بالنازية والإجرام بينما هو رأى فيها أشياء مبهرة رأى فيها عاطفة وحب لم يره من أحد والمؤسف إنه لا يستطيع تحدي الجميع وإعلان حقيقة هانا على الملأ.
دالدري لا يناقش فقط هذا الجانب بل يناقش أفكار فلسفية عديدة يلقي الضوء ولو سريعاً – ولكن بشكل وافي – على عقدة الذنب الألماني ، هل فقط النازيين هم المسئولين عن المحرقة أم إن كل الألمان كانوا مسئولين فهم كانوا يعلمون بأفاعيل النازيين وكانوا راضين عنها ولم يحركوا ساكناً لمنعهم، من ناحية أخرى يحاول دالدري أن يناقش قضية النازية والهولوكوست بشكل مختلف يقدم سؤال ما هي الفائدة من معاقبة النازيين بعد انتهاء الحرب (الأموات ما زالوا أمواتاً) مقدماً فلسفة بسيطة دون أن يتوسع بها عن عدالة القوانين ويثير الجدل حين يفترض إن النازيين لم يكونوا مدانين بقتلهم لليهود فهم كانوا ينفذ
 ون القوانين السائدة في ألمانيا النازية وقتها والجريمة هي مخالفة للقانون السائد في الدولة في زمن تطبيق هذا القانون،   وهذه قاعدة من أدبيات القانون – وأنا أقول هذا بناءً على دراستي للحقوق دون أن أتعدى هنا على اختصاص أحد – بالأخص إنه في زمن النازية لم يكن هناك قواعد واضحة للقانون الدولي وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية لم تكن معروفة بعد – لماذا لم يتم مساءلة الولايات المتحدة عن القنابل الذرية الملقاة على هيروشيما وناكازاكي - ، دالدري كما ذكرت لا يتوسع بأفكاره الجدلية هذه يقدمها بشكل بسيط محاولاً التركيز أخر هو فلسفة النازيين، ليست الفلسفة السياسية المعروفة بل فلسفة الأناس البسطاء الذين شغلوا وظائف في الحزب النازي، فهانا عملت كسجانة لأنها كانت تبحث عن وظيفة مريحة وكانت ترسل السجينات المريضات والكبيرات إلى الإعدام لأنها تعتقد إنها بذلك تريحهم من عذاب السجن ولأنها في نفس الوقت مهتمة بأن تكون متقنة بعملها، هانا في عملها كسجانة كانت تسعى لإنجاح وظيفتها لم تكن تفكر بعواقب ما تفعله هي ليست لها مشكلة مع اليهود لا تريد إبادتهم ولكن حالها كحال الكثيرين زمن الحقبة النازية كانوا يعيشون حياتهم بشكل عادي لم يكترثوا بما يجري بسبب الجهل خصيصاً لدى هانا حيث كان الجهل هو ما عماها عن الحقائق وهو ما قادها لارتكاب الفظائع وجعلها تتحمل عواقب العديد من الأمور التي لم تكن مسئولة عنها لذلك لم يكن من الغريب أن يقوم بيرغ بالتبرع بمالها لجمعية القضاء على الأمية كمحاولة منه لمحاربة الجهل السبب الرئيسي للعديد من الفظائع عالمياً.
القسم الثالث من العمل هو بعد سجن هانا وبعد طلاق بيرغ حيث يعودان وحيدان كما بدأا وهنا تبدأ علاقة جديدة بالنشوء بينهما علاقة غريبة كعلاقتهم الأولى بيرغ يحاول التعويض لهانا عن  عدم قيامه بالشهادة لأجلها ورد الجميل الذي قدمته له في السنوات الغابرة وذلك من خلال تسجيل صوته وهو يقرأ لها رواياتها المفضلة كالأيام الغابرة ولكن هانا تستغل ذلك وتستغل أيام السجن الطويلة للتعلم القراءة ، في هذا القسم تبدو بوضوح أكثر عقدة الذنب لدى هانا تلك العقدة التي كانت تخفيها طوال السنوات وتحاول أن تظهر لأعمالها العديد من المبررات التي كانت غير مقنعة وهي نفسها غير مقتنعة بها ولكنها في نفس الوقت لا
 تستطيع الاعتراف بفداحة ما ارتكبته حتى لنفسها لأن فظاعة ما تسببت به أصعب من أن تحتمله وعندما استسلمت أخيراً لكلمات بيرغ واعترفت بفظاعة ما قامت به لم تستطع التعايش معه فكانت تلك النهاية المآساوية التي وصلت لها، اعترافها كان حين لقائها الأخير بـبيرغ ذلك اللقاء الذي حمل الذروة الدرامية في العمل بيرغ المحمل بآلام الماضي الذي سببه فراقها وبالصدمة التي خلفتها حقيقتها وبخجله من نفسه بسبب عدم مساعدتها ممزوجةً بمشاعر الحب الصادق الذي حمله لها، ذلك التخبط الذي كان يعيشه طوال تلك السنوات والذي كان يمنعه من لقاء هانا لسنوات سيضطر لمواجهته مع كل مخاوفه في لقاء لم يكن حميمياً أبداً كان متخبطاً كما كانت حالة بيرغ على عكس ما كانت تتخيله هانا التي كانت متوقعة أن ترى ذلك الحب القديم الصافي الذي حمله بيرغ لها فكانت تلك القسوة التي واجهها  بها خير تعبير عن مدى فظاعة العمل الذي ارتكبته والذي جعلها غير قادرة على التعايش معها .

دالدري يختم فيلمه برسالة يطلب فيها مسامحة النازيين والغفران لهم، فالحرب انتهت والألمان نالوا جزائهم ولم يعد من المنطقي الاستمرار بمحاكمتهم بعد كل هذه السنوات ويجب على البشر أن يسامحوا نفسهم حتى يستطيعوا الاستمرار بحياتهم، ودالدري يضرب مثلاً بـبيرغ الذي لم يسامح هان على تركه فلم يستطع النجاح بحياته العاطفية والاجتماعية ولكنه حين سامحها – ولو جاء ذلك متأخراً وبعد أن أدت قسوته لهانا إلى انتحارها – تمكن من إعادة بناء حياته العاطفية وإعادة التواصل مع ابنته مجدداً التي كانت بعيدة عنه كما كان الكل بعيداً عنه .
ستيفن دالدري يثبت فيلماً تلو أخر إنه من أهم مخرجين هذه المرحلة فهذا البريطاني المذهل لم يخرج إلى حد الآن سوى ثلاثة أفلام طويلة جميعها نال عنها ترشيح أحسن مخرج وهذا أمر لم يأتي من فراغ ، هذا العمل ليس أفضل أفلامه بالنسبة لي بوجود الساعات (فيلمي المفضل لعام 2002) ولكنه يثبت عبقريته بالصناعة، أسلوبية دالدري تتميز بأنه يسعى دوماً لتقديم أفكار فيلمه للمشاهد دون الاعتماد على الحوارات من خلال أ
 دوات سينمائية خالصة تجعل الفكرة تنساب تلقائياً لعقل المشاهد، هذه الوسيلة تجعل أفلامه صعبة وغامضة بالأخص هذا الفيلم المعقد ولكن بالتركيز فيها ننجح بملاحظة مدى ذكاء هذا المخرج وتفرده، من أهم الوسائل السينمائية التي يستعملها دالدري هي التمثيل يجعل فكرة فيلمه تصل من خلال عيون الممثلين وردّات فعلهم وملامح وجههم وهذا ما يرمي عليهم عبئ إضافي بالعمل وكان اختياره بهذا العمل لكيت وينسليت لدور هانا شميتس موفقاً، وينسليت تفجرت بهذا العمل بطاقة غير مسبوقة لديها تعبر عن صراعاتها الداخلية بين ذنبها وخجلها مع نزاعات نفسية بين حبها الغريب لـبيرغ و إدراكها عدم قدرتهم على الاستمرار، وينسليت كانت مذهلة كيف تنجرف للعلاقة مع بيرغ كيف تظهر قوتها وشراستها وهي معه وكيف تتحول إلى قمة الضعف والانكسار في المحكمة مذهلة حين ترسم نظرة الارتباك على وجهها حين تمسك لائحة الطعام أو حين تسمع صوت بيرغ على جهاز المسجل مدركةً الحب الحقيقي الذي كان يحمله لها وكيف تتعلم الكتابة ثم كلماتها الأخيرة مع بيرغ قبل انتحارها وقد أدركت فداحة ما قامت به، لحسن الحظ إنه تم اعتبارها ممثلة رئيسية فرغم ليس باعتقادي أفضل أدوارها بوجود دورها في الطريق الثوري أو أفضل أدوار عام 2008 بوجود ميرل ستريب ولكنها مبدعة .

ديفيد كروس الذي قام بدور بيرغ الفتى ممتاز جداً متحكم بالدور وناجح بالتعبير عن الصراعات النفسية التي يعيشها هذا الفتى بعد اكتشافه الحب لأول مرة ثم كيف يظهر آثار الانكسار الذي خلفه فقده لهذا الحب، الممثل القدير رالف فاينز رائع جداً، عام 2008 شكل ساحة عودة لرالف إلى الأدوار الضخمة بعد غياب لسنوات فمع هذا الدور هناك دوره الرائع في الدوقة ورغم إنني أفضله في الدوقة ولكن لا يمكن إنكار تميزه هنا رغم صغر مساحة دوره فإظهاره للتخبطات النفسية التي يعيشها بين حبه لهانا وعذاب فراقها وصدمته بحقيقته كان شديد القوة، متى سينال رالف الأوسكار المستحق له منذ عام 1993 ربما سيكون هذا قريباً إذا استمر باختيار الأدوار القوية الهامة كهذا الدور .
دالدري لا يرمي كل عبئ العمل فقد على الممثلين هو يستعمل كل فنياته بشكل عجيب ليظهره كفيلم أوروبي كلاسيكي، ما يميز دالدري عدم جنوحه بالخيال الدرامي واهتمامه باللحظة الواقعية وتصويرها بأمانة وشاعرية دون افتعال حتى إن المشاهد يشعر بوجوده في العمل، في العمل تصوير رائع جداً في غاية الشاعرية والعذوبة مع موسيقى رائعة حزينة ومونتاج ذكي متوازن ومكياج مبهر جداً

0 التعليقات:

إرسال تعليق