RSS

أفضل عشر أفلام لعام 2011

أفضل عشر أفلام لعام 2011

في عام شديد التفرد والغرابة على كل مواطن عربي ربما يكون من الغريب أن نجد وقتاً لنتابع فيه أفلام ونهتم بتحليلها وتصنيفها بين زحمة النشرات الإخبارية والأنباء العاجلة الحمراء المؤلمة والفخورة، ولكن إرادة الحياة تبقى أقوى من كل ما يسعى له الطغاة من تحطيمنا من الداخل وتشويه حياتنا، ربما يكون من السخف أن نلهث وراء أحدث إصدارات الأفلام في وقت يلهث به الكلاب كالمسعورين وراء طلاب الحريّة، ولكن حين لا يقدم لنا العدو سوى الموت في وقت لا نطلب فيه سوى الحياة يكون لزاماً علينا أن نسرق حياتنا بأيدينا غصباً، قد يكون ما أكتبه سخيفاً بالنسبة للبعض ولكن – برأي الخاص – حين نتابع حياتنا بشكل طبيعي ولا نلتفت لكل التهديد والإكراه الذي نحاط به ولا نكترث لكل محاولات العدو لتشويه حياتنا وتدميرها كعقوبة لنا على طلب التغيير بل تتلازم ممارستنا الطبيعية لحياتنا مع إصرارنا على مطالبنا المشروعة نكون بذلك قد انتصرنا بمعركتنا مع العدو الذي أراد تقيد حياتنا وسلبها وألا يعيدها حتى نعود للركوع له مجدداً  .
هذا العام كان صعباً جداً بالنسبة لي كأي مواطن عربي، بشكل مفاجئ أشعل شاب تونسي نفسه فاستعر حريقاً جهنمياً أطاح بقصور زين العابدين و أهرامات حسني مبارك وخيمة القذافي وشرخ سد صالح في صنعاء وأحاط بعرين الأسد وهو يوشك أن يلتهمه، في هذه الظروف – بالأخص مع تصاعدها الدموي المخيف في سوريا – ذهبت لأداء خدمة العلم في وقت تحول به الجيش إلى ميليشا عصابات وعلى مدى أشهر والحيرة تتخاطفني بين ضميري المؤيد للثورة وبين نمط الحياة والفكر الذي يجب أن ألتزم به كوني عنصراً بالجيش حفاظاً على حياتي وسلامتي وسلامة أسرتي من وحشية النظام، حياة لأشهر قضيتها كرأفت الهجان وجه وفكر هنا ووجه وفكر هناك حتى أكاد أشعر إنني أحياناً لا أعرف نفسي ولا أعرف أنا بصف من ولا عواطفي مع من ، أعتدت حديث الهمس والحرص والامتحانات الشديدة القاسية حتى أختار الأشخاص المؤتمنين جداً، احترفت النفاق والكذب والمداجلة واعتدت الكوابيس التي تصورني وأنا أخرج مع الميليشا لأواجه الثوار وأحاول أن أجد مخرجاً من تجنب أن تتلطخ يداي بدماء بريئة أو التي تصورني أسيراً بيد الثوار وأحاكم على جرم لم أرتكبه فقط تهمة إنني ذهبت بوقت خطأ لأتخلص من عائق يقيد حياتي ، ولا أعرف إن كان ذلك حكمة أو خوف ولكن ما أعرفه إنه لا يحق لأحد أن يقيم ما قمت وأقوم به حالياً لأنه لا أحد يجلس بمكاني الآن.
المهم إنه وبهذه الظروف الصعبة التي مرّت وتمر عليّ مع ضياع شبه كامل لذاتي وشك كامل حول من أنا أشعر دوماً إنني ربما لا أعرف نفسي جيداً ولا أشعر بالسلام الحقيقي إلا حين أبتعد عن هذا العالم وأدخل بجو سينمائي وأنا أتابع فيلماً ما، ربما شاءت المصادفة أن يكون هذا العام عام تكريم السينما بروائع متتالية من صناع مختلفين في وقت أشعر إن السينما شغفي الحقيقي وبوابة نجاتي المؤقتة الوحيدة جعلتني فعلاً لا ألمس فقط عظمة هذا الفن بل يشتد إيماني وشغفي به .
10
The Artist

فيلم الفنان فيلم الموسم الأول بلا منازع، العمل الفرنسي الذي أخرجه ميشيل هيزينيفيكس وحاز نجمه جاك ديجاردين جائزة أفضل ممثل في كان قبل أن يخطف قلوب النقاد الأمريكيين وينال جائزتي غولدن غلوب أفضل فيلم وممثل كوميدي وجائزتي نقابة المخرجين والمنتجين وجائزة نقابة الممثلين كأفضل ممثل ، العمل هو أحد أكثر أعمال السينما ابتكارية في السنوات الأخيرة فكرة مجنونة وتحدي غريب فرضه هازانفيكيس على نفسه، الوقوف بوجه كل التقدم الذي عاشته السينما والعودة إلى ثمانين سنة سبقت ليخرج فيلم أبيض وأسود صامت، والنتيجة إنك حين تشاهده تنسى إن ما تشاهده إخراج 2011 وتشعر إن الزمن عاد بك وإنك تشاهد فيلم ينتمي للكلاسيكيات الصامتة وهنا قيمة العمل الحقيقية، فالشكل البصري والفني المصنوع به العمل وإخلاصه الكبير للأساليب الكلاسيكية وتماهيه بها وصنعها بمنتهى الجمال والأناقة يجعل منه على بساطته أعجوبة إخراجية، وهذه ليست القيمة الوحيدة للعمل هناك استغلال هذه الأساليب الكلاسيكية وتقديم قصة بغاية العمق بداخلها رويت بغاية البساطة عن نجم الأفلام الصامتة الذي أنقلب به الحال بعد ظهور السينما الناطقة وعدم قدرته على الاستمرار بها وانهيار كل عالمه من حوله وتسخير الأساليب الكلاسيكية لصنع أساليب تعبيرية بصرية عن الأفكار والدراما التي يريد الفيلم
9
The Descendants

ألكساندر باين يبدع كعادته برواية قصة أناس عاديين بطريقة غير عادية بطريقة جذابة جداً محببة للمشاهد وشديدة التأثير فيه ، هو يبدع بصنع قصة شديدة الإنسانية والتأثير والعاطفية عن شخص يخسر كل شيء ويبدأ ببناء عالمه المحطم من جديد، أبطاله ليسوا شخصيات سينمائية جذابة أو فريدة من نوعها هم غارقين بالعادية وقريبين جداً للواقع ولكن باين يجعل منهم أبطال بأفلامه وقريبين جداً للمشاهد لا يعرض لنا حوادث استثنائية أو غريبة ما تمر به شخوصه عادي جداً وواقعي ولكن باين يرويه بأسلوب شديد الجاذبية والجمال، هنا رغم إنه يترك دور البطولة لأحد أكثر ممثلي اليوم جاذبية جورج كلوني ولكنه يفعل فيه كما فعل مع جاك نيكلسون قبل تسع سنين يفرغه من كل جاذبيته ليظهر إنسان غارق بالعادية والواقعية ويبدع بتقديم مأساته بين تأنيب الضمير والشعور بالمسئولية عما يجري ، جرح الكرامة بعد اكتشاف خيانة زوجته، رغبته بالمسامحة بعد أن أدرك إنه لا فائدة الآن من الغضب، قلقه على أبنتيه وحيرته بكيفية التعامل معهم، وفوق كل ذلك حزنه العميق على فقدانه الإنسانة التي يحب وندمه على كل لحظة قضاها دون أن يشعرها بحبه المستمر لها في الأيام الماضية، جورج كلوني يقدم لحناً منفرداً عالي القيمة، الممثل الذي أبدع عام 2009 بدور مناسب له تماماً ومصمم لأجله تماماً في رائعة جيسون رايتمان (عالياً في السماء) يتألق اليوم بهذا الدور الغريب عنه تماماً منذ اللحظة الأولى حين يلعب دور الراوي ونراقب ملامح وجهه ندرك إن هناك عمل أدائي بغاية العظمة سنعيش معه بلا فتور أو ضعف طوال فترة العمل وسنراقب انتقالات عفوية مبهرة ومقنعة بين جميع الحالات المتناقضة التي تمر بها الشخصية. 
8
50/50

لم ابني توقعات كبيرة على هذا الفيلم رغم وجود اني كاندريك و جوزف جوردن وانجليكا هيوستن فيه، توقعت أن يكون من الافلام المستقلة الجيدة كـ500 يوم سمر فقط ولكن بعد أن شاهدته صدمت بحجم القوة الدرامية والفنية الموجودة فيه، وعشقت كل مشهد فيه، قصة تقليدية إلى حد ما شاب يكتشف إنه مريض بنوع نادر من السرطان واحتمال نجاته أو وفاته 50 % ويحاول التعايش مع حالته والنظر للحياة بمنظور جديد، شاهدنا العام الماضي فيلم مشابه ممتاز هو (جميل) لاليخاندرو كونزاليس اناريتو ومعه خافيير بارديم بأفضل أدواره ، هنا العمل يختلف كلياً عن الفيلم المكسيكي المبهر، يعالج الموضوع بأسلوب كوميدي أسود ولكن لا ينجرف وراء التهريج أو الاستخفاف الذي لا يتناسب مع العمل ولا يبقى ضمن النقطة السوداوية الكئيبة والتراجيدية لا يحاول أن يثير العواطف أو الإشفاق أو استدرار الدموع يزرع الابتسامة بطريقة عفوية موفقة ومحترمة لكل المصابين بالمرض، يحاول أن يكون واقعي جداً بتقديم معاناة المصابين بهذا المرض - ومعاناة من حولهم - دون ان يدخل بالمنطقة السوداء الكئيبة ينجح بجعل الفيلم شفافاً قريباً للمشاهد وممتعاً له.
سر جمال الفيلم هي عفوية صناعته عدم ابتذاله توازنه حفاظه على نفس الخط، السيناريو مبهر جداً بسيط ومحكم وتطوراته ممتازة جداً ويعطي طابع رومانسي بناء الشخصيات وملامحها شديد المتانة وعلاقاتها بالشخصية الرئيسية ممتازة والأداء الجماعي من طاقم العمل

7
The Skin I live in

تحفة جديدة قدمها المودوفار وبالنسبة لي هي ربما من أفضل ما قدمه منذ كلمها 2002، هو أشبه بفرانكشتاين ولكن برؤية ألمودوفار هي سريالية لينش ودموية كرونبيرغ ولكن ضمن شاعرية المودوفار الحالمة، هذا الفيلم رغم ابتعاده عن النهج الشاعري لأفلام الإسباني المجنون السابقة واقترابه ليكون اجرامي دموي سريالي ولكن المودوفار ينجح بزخ الشاعرية العظيمة فيه بملامسته حواس المشاهد، المودوفار قدم كل ما يعشقه متابعو أفلامه الألوان المبهرة التصويرالإخراج الفني المونتاج الأنيق الموسيقى الساحرة أجواء المودوفار السينمائية الفنية كانت حاضرة مع تمثيل عظيم جداً بالأخص من أنتونيو بنديراس بأفضل أدواره على الاطلاق وألينا انايا بأداء مبهر جداً، رغم إن سينما المودوفار ليست سينما أفكار لا يقدم أفكار عظيمة باعماله بقدر ما يقدم أجواء مبهرة تجعل من أفلامه سينما للسينما وجواب عن سؤال سبب عشق المشاهد للفن السابع ولكن هنا يزرع شيئاً من الأفكار حول أخلاقية التجارب العلمية على البشر ربما لم يعالج هذه الفكرة بشكل عميق ولكنه تطرق إليها بشكل جيد ووافي ولم يتعمق بها عمداً ليجعلنا نركز على أحداث فيلمه المجنونة المثيرة والشاعرية

6
War Horse

يبهرني سبلبيرغ كيف يصنع كل تلك الوردية والحب والتعاطف والتفاؤل والأمل ضمن أحداث دموية مؤلمة ويبهرني كيف إنه يستطيع أن يتجاوز هذه الإشكالية وتلك الكلاسيكية ليلامس قلب الجمهور ويحرك مشاعرهم، ويبهرني أكثر بأنه رغم صناعته لعمل غارق بالدرامية المؤثرة إلا إنه بنفس الوقت يصنع عملاً بصرياً بغاية الإتقان يصح وصفه بالتحفة البصرية موازناً بعظمة بين الدراما والصورة ومقدماً السينما الأمريكية الكلاسيكية بأجمل صورها، أكثر ما شدني للعمل وبهرني به كيف إن سبلبيرغ رمى بثقل العمل كاملاً على حصانين، لا يوجد بالعمل أدوار بطولة حقيقية والممثلين أغلبهم كومبارس البطولة الحقيقية هي للحصانين الذي أقنعني سبلبيرغ إنهما يمثلان، كم أنت رائع يا سبلبيرغ أجبرت الحيوانات على التمثيل.
الفيلم ليس فقط قصة استثنائية عن صداقة بين حصان وصاحبه في الحرب العالمية الأولى، هو تصوير محبب من سبلبيرغ لشوق الإنسان للحياة بكامل صورها، للملل من الحرب ووحشيتها والبحث بين دمائها ودمارها ونارها عن سبب يجعله يتمسك بالحياة، هو يقدم المآسي التي عاشها العالم أثناء تلك الحرب بالأخص مآساة معارك الخنادق وبينها يعطينا أمثولة عن الوفاء والصداقة الحقيقية ولو كانت من طرف حيوان.

5
Rango

فيلم رائع جدا من روائع الانيميشين ربما أول فيلم انيميشين يمزج بين الوسترن الكلاسيكي وكأن المخرج سيرجيو ليوني ويحافظ على القيمة الفكرية والهامة وكأنه الحي الصيني لبولانسكي ويدخل بمتاهات النوار ورحلات سكورسيزي لتحقيق الذات ومع ذلك يحافظ على كونه فيلم انيميشين فكاهي بنفس الدقة والأبعاد الإنسانية التي تصنعها بيكسار رغم إنه من أخراج المميز غوري فيردينسكي وهو إلى حد الآن أفضل ما أخرجه رغم سجله الحافل بالأعمال الناجحة الجيدة من الرعب الخاتم والمغامرة الفنتازية قراصنة الكاريبي وألان يبدو وهجه الحقيقي بالانيميشين والوسترن والنوار والدراما والكوميدية والمغامرة بنفس الوقت ، أعجبني جداً جعلني أدرك لماذا هوليوود عاصمة السينما ومصدر أعظم الأفلام بالتاريخ لأنها بكل بساطة قادرة على ان تنتج فيلم انيميشين رسوم كمبيوترية عن سحلية ومع ذلك لا تجعلنا فقط ونهتم ونستمتع طوال ساعتين بل أيضاً نخرج بقيمة وافكار عديدة هامة
4
Moneyball

هذه الرائعة الجديدة لا تقارب فقط بإتقانها وجمالها وتأثيرها رائعة توم هوبر الأوسكارية الخطاب الملكي بل هي مزيج بينه وبين رائعة فينشر الأخيرة الشبكة الاجتماعية ولكن بشكل أكثر تفاؤلية قصة أحد إنجازات عصرنا الحديث الأكثر عظمة على صعيد الرياضة يصنعها أفراد جيل العشرينات الحديث (جيلنا) ولكنه بنفس الوقت قصة عن الطاقات الذاتية المخبئة عن التحفيز الذاتي عن القدرات المخبئة لدا الإنسان ، فريق وايت سوكس النيويوركي كان يعاني عام 2001 من ازمة مالية و أزمة نتائج تشبه جداً الأزمة التي عاشها جوفنتوس المواسم الماضية ، المدير الفني للفريق بيللي (براد بيت) يحاول البحث عن مخرج لينجو بالفريق المليء بالنجوم ولكن بلا انجازات يرمي العبئ على شح النادي وأزمته وحين لا يجد خلاصاً في المال يلجأ إلى طرق أخرى وبأقل الإمكانيات الممكنة لا يستطيع بها فقط النجاة بالفريق وتحقيق بطولة عام 2002 بل يحقق مع فريقه أفضل إنجازاته منذ خمسين سنة رغم البدايات المتعثرة له في بداية الموسم ويصبح أحد أهم مدربي البيسبول على الاطلاق ، بيللي الذي كان لاعباً لامعاً في السابق يدرك في داخله إن الإنجاز لن يكون مادياً فقط بشراء لاعبين جاهزين ومفصلين لنقاط ضعفه بل من خلال اعتماده على الطاقات الداخلية المخبئة لهم، المشكلة إن لا أحد – ولا هو نفسه – مقتنعاً تماماً في الفكرة هو بحاجة إلى دفعة جريئة ليخوض هذا الطريق وحين يلتقي بـ بيتر (جوهان هيل) الشاب العشريني والعبقري الاقتصادي البدين يصبح لطريقته تلك أساس واقعي بيتر يعتمد على دراسات إحصائية لمستوى لاعبي الفرق ومن خلالها يستطيع أن يدرك (رياضياً) الطاقات الحقيقية للاعبين وما هم قادرين عليه فعلاً حتى قبل أن يدركوا هم ذلك يستغني عن لاعبيه النجوم ويستعين بلاعبيين محكوم عليهم بالانتهاء ويصنع تشكيلة غريبة في فريقه، اقتناع بيللي في الطريقة تجعله يتخذ العديد من الخطوات والخيارات المجنونة ويواجه تعثرات كثيرة في طريقه ولكنه ينجو منها ليحقق أحد أعظم إنجازات الرياضة على الاطلاق.
3
Adventures of TinTin : The secret of the unicorn

فيلم المغامرات المثالي والترفيه السينمائي الحقيقي من سيد هذا النوع، ستيفن سبلبيرغ، هو أحلام طفولة ET هو زخم مغامرات أنديانا جونز وخفة ظلها هو فيلم ينتمي لكلاسيكيات سبلبيرغ ولكن بثوب الألفية الحديث وبشاشة مضاعفة الرؤية وبصور مرسومة ولكن بدقتها تكاد تنبض بالحياة، ساعة وأربعون دقيقية لم ترف لي بها جفن لم أهدأ من الضحك لم أنظر إلى الساعة شعرت بالزمن يمضي كثواني، عمل يجسد اكتمال السينما بكل شيء هو كالكلاسيكات الشعبية المعاصرة سيد الخواتم وافتار يحوي كل شيء بدرجة تفوق الإتقان القصة البسيطة المحبوكة والمليئة بالمفاجآت والماهرة بالمزج بين الكوميدية والمغامرة مع تسلسل أحداث مثير ومتصاعد بعناية فائقة بلا تقليدية أو افتعال بل عفوية تامة ومذهلة، وٍالألوان المبهرة التصوير الإعجازي المونتاج الآسر الموسيقى الساحرة طاقم سبلبيرغ الذي صنع أعماله العظيمة ميونخ وتقرير الأقلية وجوراسيك بارك وقائمة تشاندلار و إنقاذ المجند رايان  و Et وأنديانا جونز كان حاضراً هنا من الموسيقار جون ويليامز والمونتير مايكل خان والمصور جانوز كامنزكي وصلوا بعملهم هنا لدرجة الكمال والإعجاز مع المؤثرات الثورية وواقعية الرسوم واتقان الـ 3D المعروض، سبلبيرغ لم يكن يخرج بهذا العمل كان يصنع فناً عظيماً أحمد الله أني عشت لأرى كلاسيكية حديثة له فكل خبرته السينمائية كل شغفه الفني كل عوالمه الطفولية كل ذرة من روح الشباب في قلبه سخرها ليصنع عمل هو تجسيد لسينماه التي عشقها الناس منذ سبعينات القرن الماضي وألهمت صناع السينما الشعبية من بعده، كل لحظة بهذا العمل هو لوحة فنية كل مشهد هو درس بالإخراج سبلبيرغ اهتم بكل التفاصيل حتى كوادر الصور وخلفياتها نقل واقعية صعبة التخيل فكيف التنفيذ وكأنه لم يقدم كل عمله رسماً بل عمل واقعي ولكنه محول إلى رسم.
2
Hugo

هدية مارتن سكورسيزي لكل عشاق فن السينما وأحد أكثر الأعمال إبهاراً بصرياً وتقنياً رغم إنه رحلة بحث طفولية عن أسرار الأفلام الصامتة القصيرة منذ اختراع الأخوة موليير للكاميرا، أكثر ما أثار إعجابي بفيلم سكورسيزي هو إصراره على تذكير المشاهد إن السينما فن حقيقي لا مجرد وسيلة ترفيه تجاري وحتى تقنية ثلاثي الأبعاد هي أيضاً عمل فني لا تختلف بأهميتها عن شرائط موليير الأولى رغم إحترام سكورسيزي الشديد لتلك الشرائط، هو يستعرض شريط موليير عن وصول القطار وحالة الصدمة التي عاشها المشاهد يومها ثم يعرض مشهد حادث القطار الإبهاري السكورسيزي بالعمل هو حركة متعمدة يريد سكورسيزي أن يشير فيها إلى مدى التطور والخطوات التي مرّ بها الفن حتى وصل إلى هنا، وقبل هذا المشهد هناك مشهد اكتشاف سر جورج كيليس وتناثر أوراق نماذجه الأولى في الهواء وتنقلها خلال الطيران من مرحلة الرسم إلى مرحلة العرض الورقي المتتالي الأول ثم الصورة البصرية السينمائية الأولى وتلونها رغم إن المشهد لم يتعدى الثواني، سكورسيزي يصر إن السينما هي فن جذوره الرسم الموسيقى الاستعراض ألعاب الخافة الرواية التصوير الفوتوغرافي، هي بكل بساطة حصيلة كل تلك الفنون ومزجها بالعولم الميكانيكية والتقنية، السينما هي حاصل مزج العقل والقلب العلم والفن هذا ما يريد سكورسيزي أن يقوله، هو يحقق بفيلمه هذا معادلة التوفيق بين الإعجاب والإنبهار بالصورة التقنية الحديثة التي وصلت إليها السينما وبالإعجاب ببدايات السينما البسيطة ، هو مليء بعرض لتلك الشرائط الأولى ودخول تفصيلي بكيفية صناعتها والجهد والتعب المبذول فيها والإبهار الذي صنعه هذا الفن ببداياته قبل أن يتعرض لإنتكاسة مع الحرب الكونية الأولى كإشارة إلى قسوة الإنسان التي تقتل الفن والسعادة بداخله، الفيلم فيه تعريجات سريعة ورمزية على محطات تطور السينما.
سكورسيزي بمسيرته قدم الكثير من الروائع التي لا تنسى ولكن لا شيء قدمه مثل هيوغو ، العمل موقعه بكل بساطة بين الكلاسيكات على مستوى سينما باراديسو وربما يفوقه جمالاً ، هو فيلم مهدى لكل عشاق السينما وهذا الفن الأصيل يجعلنا كأطفال ندور بحثاً عن أسراره ومغامراته، هو ليس رحلة حنين بل رحلة تكريم لهذا الفن الذي تحول لعلم دون أن يصبح جامداً بل يزداد روعة، هو عمل يرينا كيف هي السينما وسيلة لتحقيق الأحلام للانتقال إلى عوالم أخرى أكثر جمالاً حيوية لنخرج من عالمنا وندخل عالم السحر ونعيشه كما لم نعشه من قبل.
The Tree of life

ماذا كان قبل الحياة وماذا سيكون بعدها ؟ من نحن وما دورنا بهذا العالم وما حجمنا فيه ؟ السعادة، كيف نحصل عليها ؟ كيف نحققها؟ وما هي بالحقيقة ؟ أسئلة عديدة طرحها تيرانس ميلك وأجاب عليها في تحفته هذه المتوجة بجائزة كان والحائزة جوراً على ثلاث ترشيحات أوسكارية فقط (أفضل فيلم ومخرج وتصوير) وكان نجميه براد بيت وجيسكا شاستين قد حازا على ترشيحين عن أفلام أخرى دون تجاهل المديح الكبير الذي نالوه عن عملهم المميز هذا.
الفيلم فلسفي بحت، إنساني بحت، لم نرى الكثير من هذه المواضيع في الانتاجات الأمريكية، كوبريك في أوديسا الفضاء بحث عن حجم الإنسان في هذا الكون المتسع، وسكورسيزي تحدث عن علاقة الإنسان بالربّ ووظيفته بهذا العالم ودوره فيه في الإغواء الأخير للمسيح، وسام منديز هاجم المادية الحديثة في جمال أمريكي، ويأتي اليوم تيرانس ميللك بعمل مميز جداً لا يقل جمال عن تلك الكلاسيكيات ولن يقل أهمية عنها مع الأيام القادمة، هو بحث عن علاقة الإنسان بربّه وبالكون من حوله بصورة شديدة الرمزية والعناية، هو ليس كما تم تصويره عن خلافات الأبناء والآباء ، ما شاهدناه عن علاقة جاك بوالده ووالدته ليس سوى صورة رمزية عن علاقة الإنسان بربّه وبالكون.

0 التعليقات:

إرسال تعليق