RSS

Captain Philips – 2013


مازلت أذكر قبل سنوات حين تابعت قصة اختطاف سفينة الشحن الأمريكية على يد قراصنة صوماليين وتقديم كابتنها الأمريكي نفسه فداءً لطاقمه، قلت يومها إن هذه القصة لابد أن تحولها هوليوود لفيلم، وهي فعلاً تملك كل مقومات العمل الناجح، قصة الرجل العادي الذي وضع في ظروف استثنائية حولته إلى بطل، ربما ليست هذه هي المرة الأولى التي تقدم بها هوليوود قصص كهذه، ولكن المميز بهذه القصة  إنها حقيقية وذلك يزيد من نسبة أهميتها وجذب المشاهدين لها، ما كان ينقص القصة الرائعة فقط هو المخرج والممثل الذي يستطيع أن يصنع منها عملاً استثنائياً ولذلك فكان اختيار بول غرينغريس وتوم هانكس في العمل خياراً أكثر من موفق.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يصنع بها غرينغريس فيلماً عن قصة يمكن عدها إثارة وبطولة حقيقية، فبعد رائعة 2006 يونايتد 93 عن أحداث 11 أيلول يعود ويضرب مجدداً بنفس أساليبه السابقة الناجحة، الحيادية بعرض جميع الأطراف الاهتمام بالجانب الإنساني للشخصيات دون اطلاق أحكام، الوجوه المغمورة، التركيز على الواقعية والتفاصيل الحقيقية مع نفس إثارة متوازن، الاساليب البصرية الجذابة التي يعتمد عليها من تصوير وثائقي مونتاج سريع مشوق – وهنا كان مضبوط أكثر تناسباً مع القصة – ردود أفعال الممثلين الواقعية، الموسيقى الأسرة، غرينغريس صنع عملاً مبهراً جداً وكعادته مع رسائل سياسية مبطنة وهامة.
العمل قصته معروفة جداً عن الساعات التي تعرضت لها السفينة الأمريكية للاختطاف وأسر الكابتن ريتشارد فيليبس – توم هانكس - ثم تحريره، العمل مستند عن الكتاب الذي ألفه فيليبس ووضع السيناريو له بيلي راي، هو لا يحوي الكثير من التفاصيل المفاجأة الخفية والأحداث أغلبها رويت في تقارير الأخبار، الشيء الذي لفت نظري في العمل هو شخصيات القراصنة الصوماليين، قدمهم بنفس الطريقة التي قدم بها شخصيات القاعدة في رائعته السابقة، شخصيات إنسانية بحتة لا ترضى عن تصرفاتها ولكن لا تكرهها بالضرورة، هناك الكثير من الإشارات إلى الواقع والأسباب التي حولتها إلى هذا الوضع كالبيئة الصعبة والاقتصاد المنهار إنعدام فرص الحياة التي تحول شبان صغار إلى قراصنة، هم شبان لهم طموحات وأحلام احترفوا هذا العمل ليعيشوا ويجنوا مال يكسبهم حياة كريمة، ليسوا متعطشين للدماء ليسوا محترفين، هم غاضبين دوماً من الخوف الذي يحيط بهم ومن عدم قدرتهم على التعامل مع الموقف الذي وقعوا به دون أن ينجرف جداً بالتعاطف، ولكن لن تستطيع بمنع مشاعر الرثاء أن تراودك في النهاية مع امتعاض من تصرفات البحرية غير الأخلاقية.
الفيلم يركز منذ بدايته على طبيعية الشخصيات وواقعيتها ويبدأ بإيقاعها بهذا الموقف بالتدريج ومعه تبدأ الأحداث بالتصاعد والإثارة تتفاقم، ويركز على تفاصيل الأحداث وتعامل الشخصيات معها وتفاصيل العمليات التي تواكب تطورات الأحداث، يسير بنسق متوازن متصاعد بشكل جيد ومثير دون مبالغات ومهتم جداً بالحالة الإنسانية وقد نجح بذلك جداً مع تعاون الممثلين الممتاز من الكومبارس وتحديداً مؤدي دور موسى باركات عبدي، ومع الميزات البصرية الممتازة من تصوير ومونتاج وموسيقى ومؤثرات وتفاصيل مكانية .
توم هانكس هو سيد العمل ونجمه الأول ، هذا أحد أداءاته الممتازة جداً مبهر بكل حركاته وهمساته ونظراته وسكونه، يمزج بين الخوف وتحمله للمسؤولية ومشاعر الإنسان العادي الذي أجبر أن يحمل دور البطولة، يتهور يبكي يصرخ ينهار يتألم ينفعل يجبن، أدائه مدروس جداً ومحبوك وأحد أجمل الأداءات لهذا العام في عمل ممتاز جداً دراسة رائعة لحالة الإنسان النفسية في ظروف رائعة ومواقف الخطورة .

8.5 / 10 

Gravity – 2013



هذا العمل خالف كل التوقعات التي رسمتها حوله عن كونه خيال علمي أو كأوديسا الفضاء رحلة تأملية لموقع الإنسان وحجمه في الكون، هو أقرب لأبولو 13 أو كحياة باي والمقذوف، بحث في غريزة البقاء لدى الإنسان ونضاله الحثيث للنجاة وهو يواجه أكثر مخاوفه تأصلاً، أن يكون وحيداً ومعزولاً في فضاء رحب هو الوحيد الذي يشغل حيّز فراغه.

The Past – 2013


الذي جعل فيلم الماضي أحد الأفلام الأكثر انتظاراً بالنسبة لي هي ثلاثة اسماء أولاً وجود الفرنسية من أصيل أرجنتيني برنس بيجو في أول بطولة بعد الفيلم المتوج بخمس جوائز أوسكار (الفنان) الثاني وجود طاهر رحيم في البطولة في ظهوره الأهم منذ (النبي) عام 2009 المتوج بلجنة تحكيم كان وبافتا أفضل فيلم أجنبي والثالث والأهم هو وجود أصغر فرهادي على كرسي الإخراج في أول عمل له بعد فيلم عام 2011 إنفصال وأول فيلم له بفرنسا بعد أن سبق لمواطنه كيروستامي إخراج فيلمه (نسخة طبق الأصل) فيها.

Monsters University - 2013


إصرار استديو بكسار على صنع أجزاء جديدة لروائعها القديمة يشير إلى حد ما إلى إن الشركة في الخطر، فبعد الجزء الثالث عظيم من حكاية لعبة جزء ثاني سيء من سيارات ثم الفيلم المقبول
Brave، والآن الجزء الثاني من شركة المرعبين، الخطورة بالأمر هو الحساس بنضوب نبع الأفكار الجديدة للشركة التي كسرت تقاليد صنع الأنيميشين وقدمت روائع في هذا النوع طول العقد الماضي والأخطر إن الأجزاء الجديدة ليست على مستوى سابقها – باستثناء حكاية لعبة – الأمر يمكن وصفه حالة من الركود دخلتها الشركة عام 2011 مباشرة عقب وصولها إلى قمة المجد في up  و حكاية لعبة 3،  شيء يشبه حالة الانحدار السريعة غير معروفة السبب وريداً رويداً لم يعد فيلم بيكسار هو الفيلم الأكثر انتظاراً لعامه، والأسوأ إن سمعة الأنيميشين كلها أخذت تتراجع معها وكأن الشركة الشابة هي من كانت تعطيها قيمتها الحقيقية ليأتي تتويج Brave  بالأوسكار العام الماضي شيء من باب عدم وجود بديل أفضل لا قضية استحقاق وامتياز كعامي 2003 و 2004 و متواليات أعوام 2007 حتى 2010 ، رغم إن كل صناع الأنيميشين اليوم يصنعون أفكارهم بوحي بيكسار فكراً وشكلاً ومضموناً وإتقان التقليد ربما هو السبب بضياع هوية بيكسار – التي لم تتطور – بين هوية باقي الشركات – التي تطورت - .

The Double Life of Véronique - 1991


ماقدمه كيشلوفسكي في رباعية التسعينات اكثر من مجرد افلام شي يشبه المقطوعات الموسيقية الروحية التي تطهر النفس وتدفعها لرؤية الحياة وتقبلها بكامل تناقضاتها محزنها ومفرحها بل والوقوع في حبها، فيلم يجعلك تنظر في ذاتك وترى ان في حياتك كما في حياة كل من حولك قصة غريبة يجب ان تروى وان الحياة ليست سوى موزاييك من القصص الغريبة ، افلامه شاعرية روحانية بريئة عاطفية فلسفية دون ملل ، ربما لا يشبه أحد اليوم سوى بيدرو المودوفار هو بالنسبة لي تتمة البولندي الراحل في روعة الالوان وطغيان الانوثة بطولةً وطابعاً وغرابة القصص والنظرة السريالية العبثية المغلفة بالواقع للحياة باختلاف فصولها.