RSS

Ghost in the shell -1995



بعد سلسلة طويلة من متواليات الأكشن التي قطعتها مشاهد تأملية تتحدث بها الشخصية الرئيسية موتوكو عن هواجسها حول ذاتها، يعطينا (مامورو أوشي) مشهد استراحة طويل بعض الشيء على خلفية موسيقية عظيمة وتصميم رسومي مذهل لنتأمل بشكل أوسع العالم المستقبلي الذي صنعه والذي تدور ضمنه الأحداث ، يبدو التصميم الذي يقدمه أوشي أشبه لعالم من الأموات ، جموع عديدة تسير وتعيش كأشباح، شعلة روحها تخبو وانطفأت بداخل الكثيرين، العالم من حولها يبدو بارداً أصماً كئيباً ، عالم قوي الأركان بالظاهر وراسخ ولكنه يتداعى بخفاء وصمت ، هو على ما يبدو عالم ينتظر موته الأخير ليحظى بقيامة جديدة وبداية جديدة ، هو ليس مشهد تحذري لمستقبل البشرية بقدر ما هو تنبؤي لمرحلة ما بعد نهاية البشرية ، في فيلم أوشي البشرية انتهت وما نراه هو المرحلة الانتقالية نحو الحقبة الجديدة ، مخاض عهد جديد ليس للبشرية به وجود سوى بشكل ظاهر ، نقلة تطورية أخرى ستتيح لعرق أكثر تطوراً الهيمنة على العالم.

Mulholland Dr – 2001 - أختبار رورشاخ السينمائي


قبل أسبوعين تقريباً أصدرت الـBBC قائمتها لأفضل 100 فيلم للقرن الجديد، وتصدرتها رائعة ديفيد لينش هذه متجاوزةً أفلام عديدة لا تقل عنها شهرةً ومديحاً بين الجمهور والنقاد مثل There will be blood أو The Dark Knight  أو The Tree of life أو Boyhood ورغم ذلك فهذه هي المرة الأولى أو من المرات القلائل التي يتقبل بها الجمهور الخيار الأول بلا أن يثير ضجة أو اعتراض، قبول وترحيب تام بل وشبه إجماع على هذا الاختيار، حتى بالنسبة لي ورغم إني لا أعتبر العمل الأول بالنسبة للقرن أو حتى بسنته (أفضل عليه عقل رائع وأميلي بولان) فلم أشعر أبداً بغضاضة لاختياره كأول، فهو واحد من الأعمال الإبداعية الحقيقية التي تجسد مفهوم السينما كمصنع للأحلام، كفن يقودنا إلى مجاهل وخبايا في نفوسنا وعقولنا لا يمكن اختبارها، فيلم يجسد السينما الحقيقية التي تسعى أن تبقى مع الجمهور حتى بعد انتهاء عرض العمل، أن تحفزه وتثير أفكاره وخواطره وتجبره على التفكير والتحليل والنقاش وتحصل على خلودها من أصالة وذكاء أسئلتها ، ديفيد لينش الفنان صاحب العقلية المختلة ، مبدع بفن إثارة جنون المشاهد وزرع الفرقة والخلاف بين متابعيه حول تفسير أفلامه وصل بفنه هذا للذروة وصنع نتيجة فوق الإبداعية.

في رحيل عباس كيورستامي قراءة في سينما الإنسان البسيط

مراجعات لأفلام Close – up - Life, and Nothing More... - - Taste of Cherry – 1997

اتخذت من سنوات قرار ألا أغرق بالسينما، أن أحافظ على مشاهداتي ومتابعاتي شحيحية، أن أبقى جائعاً للفن السابع حتى لا أفقد لذة مذاقه ويختفي سحره وأقع بفخ الاعتياد، اعتدت أن أضع جداول وبرامج لمشاهداتي أجعلها منظمة ومتباعدة بحيث لا أعود إليها إلا حين يغلبني الشوق، فتبقى السينما بالنسبة لي مغارة اكتشف كنوزها بتأني لا وظيفة أمارسها يومياً بشكل روتيني فيضيع بريقها، بفضل هذه الطريقة شاهدت خلال سنوات نخبة أعمال فلليني وهيتشكوك وبونويل وتروفو وبريغمان وكيشلوفيسكي، وكان كيورستامي على جدول مشاهداتي، وتحديداً بعد غودار ومايك لي وكوروساوا – أي بعد ثلاث أو أربع سنين حسب طريقتي - ، ولكن الوفاة المفاجأة والفاجعة له جعلتني أقدمه على البرنامج، وفي حين كنت معتاداً أن أفصل بين مشاهداتي للأفلام أسبوع أو أيام فوجدت نفسي خلال يومين ألتهم أربعة من أفلامه ولا أرتوي .

The last tango in Paris – 1972


في هذا العمل يستأجر الإيطالي برناندو بورتوليتشي شقة في باريس ويحولها إلى كون منعزل موازي، يرمي فيها عجوز محطم وشابة ضائعة ويجبرهما على ممارسة الحب بأسلوب رقصة التانغو، يدخلهما بعلاقة غريبة ظاهرها الجنس فقط بكل أشكاله القائمة على السيطرة والهيمنة وأحياناً السادية، وخلف هذا الظاهر هناك علاقة أعقد من ذلك بكثير، علاقة أشبه بالسريالية والحلم، أشبه بالهلوسة لدى الشخصيات، تبدأ فجأة بشكل صادم دون مقدمات وتمشي بنسق غريب مليء باللحظات الحالمة وأحياناً الكابوسية، بول الأمريكي (مارلون براندو) يصر على أن تبقى العلاقة جنس فقط دون أسماء دون ماضي دون أحاديث جانبية، يريد أن يتجرد من أي شكل إنساني أو حضاري، أن يتحرر حتى من نفسه ، أن لا يكتفي فقط بالتواصل مع الحيوان بداخله بل أن يتوحد معه بهذه اللحظات القليلة مع جيني الفرنسية (ماريا شنايدر)   المبهورة ببول وغموضه وقسوته وكآبته وشهوانيته الحيوانية وانعدام مشاعره الإنسانية ، ترى فيه كتحدي تريد اختراقه، تريد تحطيم هذا الشكل واكتشاف الإنسان الحقيقي خلف التمثال الجنسي، ولكن حين تعريه من حيوانيته وتراه إنساناً مهلهلاً مهترئاً ضعيفاً مكسوراً بعيداً عن هذه المثالية التي يتقنع بها ينقلب كل حبها له إلى بغض ونفور، تعامله كشخص لا تعرفه ثم تقتله ، لا لتحمي نفسها منه، بل لتنقذه مما هو فيه، لتحافظ على بقايا الصورة القوية بذهنها ولتنقذ بنفس الوقت الإنسان الذي بداخل بول من الحيوان الذي يلتهمه.

Zootopia – 2016


العام الماضي افتتحت مراجعات العام عن فيلم الأنيميشين Inside out  لبيكسار وديزني ، وهذا العام كذلك أبدأ مع أنيميشين من انتاجات ديزني منفردةً دون ربيبتها المدللة بيكسار، Zootopia لـبايرون هاورد (مخرج تانغليد و بولت) و ريك مور (مخرج Wreck it Ralph) فيلم يبدو باكراً قد حجز مكانةً متقدمةً بين أفضل أفلام 2016 كحال سلفه العام الماضي، وكلاهما يبدوان أكبر من مجرد فيلم أنيميشين ، Inside out  أعاد الألق لسينما بيكسار بعد شيء من البهوت وقدم فتحاً جديداً لبيكسار بغزوها عالم العقل وتقديم معالجة مبهرة لمشكلة النضوج وبناء الشخصية عند اليافعين، و زوتوبيا إعلان لمنهجية جديدة لعالم ديزني وذروة انتاجاتها خلال السنوات الأخيرة، ديزني التي سلمت الشعلة طويلاً لبيكسار واستفادت منها بضخ دماء جديدة لعالمها لم يعد يكفيها فقط أن تلعب من خلف الستار، هي منذ سنوات وتحديداً منذ فيلم The Princess & The Frog 2009 (الأعلى ميزانية وقتها بين سينما الأنيميشين على الإطلاق والأول الذي ضم أميرة سمراء البشرة وأول عودة لديزني لقصص الجنيات منذ مولان 1998) أعلنت إنها تريد أن تعود للهيمنة باسمها الأصلي على عالم الأنيميشين وأن تتفوق حتى على بيكسار دون أن تهمل الاستيديو الخلاق، أعمالها اللاحقة كانت فعلاً قفزات ممتازة في مستواها ومنهجيتها Tangled 2010 و Wreck it Ralph 2012 وFrozen   2013 و Big Hero 6  2014 وأخيراً ها هو زوتوبيا كلاسيكية حقيقية معاصرة وأحد أفضل أعمالها وأكثرها نضجاً وجدّية وإمتاعاً ليس فقط منذ السنوات الأخيرة بل لا أبالغ إن قلت منذ Lion King  1994 .

أفضل 15 فيلم لعام 2015


تأخرت عن قائمتي السنوية هذا العام لعدة أسباب منها الخاص ومنها انشغالات عامة ورغبة بمتابعة المزيد من أعمال عام كان جيد ومرضي للسينما الأمريكية مليء بالأعمال الممتازة ، عام أحب تسميته عام النستولوجية مع أعمال أعادت لنا الحنين للعديد من الأفلام الكلاسيكية التي زرعت بداخلنا حب السينما ، والأهم هو عودة بيكسار لصدارة الرسوم المتحركة وعودة سينما الرسوم المتحركة لتقدم الروائع ، وطالما إنه تأخرت بعرض القائمة فهي ستكون عن 15 فيلم وليس عن 10 ككل عام

The Master-2012


لدي علاقة غريبة مع هذا الفيلم، أذكر حين شاهدته للمرة الأولى عام 2012 كيف صدمني بقوته وقلتها إنه فيلم عامه، ثم أعدت مشاهدته بعد أيام وشعرت إن السحر خف، كان لدي مشاكل مع خفايا ونوازع شخصية لانكستر دود وتساؤلات حول سر علاقته بفريدي كول، ثم جاءت النهاية التي كانت كفيلم أندرسون السابق (There will be blood) ليست صادمة ولكن حضورها صادم، تأتي بوقت صادم تشعر فيه إنه كان هناك المزيد ليقال لم يقله أندرسون ، بعد المشاهدة ثانية خف تقيمي للعمل ولكن لم أكرهه، وخلال تلك السنين شعرت برغبة لأشاهده مجدداً، كان هناك أمور كثيرة تغريني لأعيده، الاداءات الجبارة من ثلاثي العمل بالدرجة الأولى والرغبة بإعادة اكتشاف المستور فيه مجدداً ومحاولة المصالحة معه وفهمه أكثر، أعدته مجدداً في أحد العروض التلفزيونية بطريقة محايدة وركزت فيه أكثر وحاولت أن ألتقط إشارات ودلالات أندرسون الصعبة لأمشي على الطريق الوعر الذي شقه بفيلمه ، وشعرت أني وصلت وتأكدت من وصولي بعد المشاهدة الرابعة وتصالحت مع كل الأمور التي أرقتني بالمشاهدة الثانية، اكتشفت عدم صوابية انطباعي حولها وإنني فعلاً كنت أمام أحد أهم منجزات السينما للقرن الحالي إن لم يكن أفضلها.

Creed – 2015


في فيلمه الروائي الثاني الطويل يبدو رايان كوغلر على الطريق الصحيح ليكون من الأسماء التي ستصنع فرقاً حقيقياً في السينما الأمريكية، فيلمه كريد – Creed  أكبر من تتمة لسلسلة أفلام كلاسيكية شهيرة، أفضل من أن يكون رحلة حنين لفيلم عظيم تتحدث عن ماضي غابر لبطل عجوز، هو يبتعد عن أن يكون روكي 7 ويأخذ اسم كريد لأنه يريد أن يكون فيلم جديد، قصة مختلفة، تستند على شخصيات عرفناها وكبرنا معها، ولكنه يقودها نحو خط أخر ومسيرة أخرى وصناعة أخرى ويصنع فيها موازنة ممتازة بين فيلم درامي رائع جداً متين ومحكم وفيلم حنين – نستولوجيا ممتاز جداً وشديد الشفافية والرقة.