RSS

The Revenant - 2015


هذا الفيلم يذكرنا بحقيقة السينما، إنها ليست فناً، ليست رسالة، هي قبل كل ذلك تجربة، هروب من الواقع إلى واقع بديل، خوض تجارب جديدة من أمام القماشة البيضاء العملاقة، ثم أصبحت فناً بوسائل عرض هذه التجربة، والرسالة جاءت من خلال استخلاص أمثولة من هذه التجربة، حين نعود إلى بدايات السينما كشرائط جورج ميليس القصيرة كان من الواضح جنوح السينمائيين والمتابعين إلى تحويل الأفلام إلى بوابات لخوض تجارب جديدة واكتشاف عوالم أخرى ، وعبر أكثر من مائة سنة من تقديم الأفلام اختلفت طرق خوض تلك الرحلات، ومع وصول السينما هذه الأيام إلى قمة تطورها التقني بفضل تقنية الـ3D  لم يعد المشاهد يكتفي بأن يشاهد التجربة ويراقبها بل أصبح يعيشها حرفياً، اصبح من الممكن عليه أن يكتشف كواكب أخرى أو يضيع بالفضاء ، إليخاندور كونزاليس أناريتو برائعته الجديدة هذه يعيد السينما لأصولها التقليدية، لكلاسيكيتها المحببة، يقدم صفعة جديدة لكل رواد السينما التقنية ويقول لهم إن الطريقة القديمة بصنع الأفلام ما زالت هي مفتاح السر بعظمة هذا الفن، يرمي الشاشة الخضراء، يخرج من الاستديوهات الضيقة، يستغني عن الكاميرات الرقمية، لا يوظف دوبلير، ينطلق في البراري الرحبة  لا لينقل التجربة للمشاهد بل لينقل المشاهد للتجربة والمغامرة ويجعله يعيش أسوء وأصعب مخاوفه وتحدياته، محولاً الطبيعة بالطريقة الكلاسيكية إلى أصعب وأخطر تحدي يواجه الإنسان، أصعب حتى من الضياع بعيداً في الفضاء.

Paris, Texas – 1984


بعض الأفلام تشعرك بعد مشاهدتها بواجب الكتابة عنها وبعضها تشعرك بالحاجة للكتابة عنها، وفيلم فيم فندرز هذا هو من النوعية الثانية التي تتمتع بخاصية أخرى معقدة ، وهي إنك لا تعرف ماذا تكتب عنها، هذه أفلام إشكالية بحتة للمشاهد والقارئ ، هي أفلام الإحساس، أفلام تثير مشاعر وتحييها وتوقدها بداخلنا، لا يمكن مناقشتها كأي فيلم عادي من حيث الحبكة والدراما و الأداء والأفكار والإخراج وغيرها – وهي بهذا العمل بأعلى المستويات - ، لأنها نوع مختلف تماماً، عظمة العمل غير منظورة، لا تراها بعين عقلك بل تحس بها بعين قلبك، عظمة هذه الأفلام ليس بشكلها الفني، هي أعمق من هذا، عظمتها بالمشاعر التي تثيرها، بعملية التطهير التي تدخلنا بها، بذلك الأمل الإنساني التي تحيه بداخلنا بوجود خير وجمال على هذا الكوكب ولو كنا ببيئة قذرة أو بصحراء قاحلة .

Au revoir les enfants: Goodbye Children – 1987


يروي الفرنسي لويس مال في فيلمه هذا الحائز على أسد فينيسيا الذهبي لعام  1987 (وداعاً أطفال) قصة مستوحاة من طفولته الخاصة في أحد المدارس الكاثوليكية الفرنسية عام 1944 حيث يكتشف الفتى جوليان كوينتن (تجسيد لويس مال الفتي) أن زميله جان بوني هو فتى يهودي خبئه مدير المدرسة عن أعين وأيدي المخابرات النازية زمن الهولوكوست، القصة مغرية جداً لتكون مثيرة عن فتى في بداية طور المراهقة يخوض تجربة انتحال هوية مختلفة في زمن خطر أو عن فتى يحمل سراً خطيراً  لا يعرف كيف يتعامل معه، لويس مال لا يترك هذا، بل يتعامل مع إثارة راقية مندسة تحت السطح ويجعل هذين المحورين جزء في قصة أكبر، مال يصنع فيلم هولوكوست مختلف، الهولوكوست فيه محور فقط يضاف إلى محاور عديدة يناقشها ببساطة دون أن يتمحور فيها ، عن الحالة الفرنسية زمن فيشي، عن المدارس الدينية الداخلية، عن أطفال يخوضون تجارب استثنائية مع إقبالهم على البلوغ، يجمع هذه المحاور ويمزجها ليصنع خليط استثنائي خاص عن فيلم ليس عن الطفولة والبلوغ ، ليس عن الحنين، بل عن تلك المرحلة، عن ذكريات يستعيدها مال ويرويها بالكثير من الرقة والكثير من الألم والكثير الكثير من الشغف.

Inside out – 2015


هذا العمل هو ربما من أهم الأحداث السينمائية المعاصرة، ليس فقط لمستواه الفني الراقي جداً بل لكونه أعاد استديو بيكسار – الأستديو الأهم والأفضل في العقد الماضي - إلى المسار الصحيح بعد أربع سنوات من التشتت وأعطى دفعة جديدة لسينما الأنيميشن لتتألق مجدداً، العقد الماضي في المجال الرسومي هيمنت عليه بيكسار بروائع المرعبين ونيمو والمذهلون والسيارات وراتاتيول وول أي وأعلى، و افتتحت هذا العقد بالجزء الثالث من تحفتها حكاية لعبة أحد أفضل أعمالها على الإطلاق، ثم  عانت من انحسار غريب بدء مع السيئ السيارات 2 ثم المتوسط شجاعة والمقبول جامعة المرعبين  ومع هذه التخبط شهدت الأنيميشين شيء من انحسار القيمة، صحيح إننا شاهدنا أعمال ممتازة مثل رانغو وتان تان و فروزين و وتانغليد وصيد التنين والمينيونز و سوبر هيرو 6 ولكن بدون بيكسار هناك دوماً شيء ناقص، كنا بحاجة لدفعة من المغامرة الناضجة المبهرة الممتعة المضحكة والمؤثرة المليئة بالأفكار والقيم العائلية الهامة والعوالم الخيالية، أفلام تدغدغ الصغير بداخلنا وتمليء عقولنا كراشدين وتمتع الجمهور الأكبر من أطفال وتثقفهم، بيتر دكتور مخرج أفضل أفلام بيكسار للعقد الماضي Up  قدم لنا ما أردناه في Inside out  .

Avengers: Age of Ultron- 2015


منذ مدى تحدثت عن فيلم (The Avengers) على الFacebook  بأن سبب نجاحه تكمن ببساطته، تقديم ما يتوقعه وينتظره محبي الكوميكس بالشكل الذي يحلمون به دون زيادة أو نقصان مع قصة درامية بسيطة متناسبة مع جو العمل ككوميكس، جون ويدون والمارفيل من خلفه يدركون إن عملهم غير قابل ليكون The dark knight  وعرفوا حدودهم تماماً ولعبوا ضمنها وتميزوا كون فيلمهم مختلف عن رائعة نولان وعلى حد تعبير أحد المدونين (إنه إذا كان نجاح بداية باتمان إنه مخالف لكل توقعات محبي الكوميك فإن سبب نجاح The Avengers  إنه متوافق مع كل ما يتمنى محبي الكوميك مشاهدته) وجون ويدون لم يسطح القصة نهائياً ويقدمها بصورة سخيفة وطفولية كاقتباسات جويل شوماخير الرديئة لباتمان في التسعينات ولا يحاول المبالغة بالقصة درامياً وهي لا تتحمل فتبدو مفتعلة ومبتذلة كفيلم زاك سنايدر The Watchmen .

Mad Max: Fury Road – 2015


عام 2003 فاجئ أرنولد شوارزنيغر جمهوره بتقديم جزء ثالث متأخر لرائعته (The Terminator ) كمحاولة إعادة فرض وجوده على الساحة وتذكير الجمهور به وبقيمته الشعبية بعد تقدمه بالسن وتراجع مستوى أفلامه على مدة عقد من الزمن وتخليه عن عرش نجم الحركة الأعظم لممثلين أصغر وأكثر شباباً، حركة أرنولد بزمنها كانت دعائية – شخصية له – لا مجرد حنين لزمن ذهبي سينمائي بل ليكسب المزيد من الأنصار بين الناخبين الأصغر سناً في انتخابات 2004 على حكم ولاية كاليفورنيا، حضور الفيلم القريب للممتاز على شباك التذاكر والأصداء التي تراوحت بين الجيد والمقبول لدى النقاد والمتابعين أغرى أبناء جيله ليغامروا ويعيدوا تقديم روائع أفلام الحركة من الثمانينات – عقد الأكشن الذهبي الحقيقي – بتتمات جديدة فرأينا روكي سادس ورامبو رابع وجزئيين رابع وخامس لـ (Die Hard) ورابع لأنديانا جونز ، أفلام تراوح قبولها النقدي والجماهيري بين المقبول نوعاً ما والسخرية مما يصلح تسميته أزمة منتصف عمر أو مراهقة بعد الخمسين يعيشها الممثلين الأكثر شعبية بزمانهم.

Citizen Kane – 1941


في الشهر الماضي أصدرت الـ BBC  قائمتها لأفضل 100 فيلم أمريكي وأثارت جدلاً كبيراً لعدة أمور يطول شرحها أبرزها عدم وجود أي فيلم لأليا كازان ضمنها، ولكن المرتبة الأولى لم يصلها شيء من النزاع والاعتراض وهي التي استحوذ عليها فيلم أورسن ويلز (المواطن كين – Citizen Kane) بتجديد لما فعله معهد الفيلم الأمريكي عام 1997 حين أختار تحفة ويلز هذه على رأس قائمته لأفضل 100 فيلم أمريكي بمناسبة مرور 100 عام على صنع السينما، عودة وإصرار المواطن كين على تصدر القوائم المئوية السينمائية الرفيعة أعاد لي بحماس الرغبة الجامحة بالكتابة عنه والتي كنت أكبتها منذ أن شاهدته أول مرة منذ حوالي 10 أعوام ، التعامل مع فيلم يعتبر ليس فقط الأعظم بتاريخ هوليوود بل والأكثر تأثيراً على مسيرة السينما ككل يصيب الكاتب بشعور بالرهبة ،فهذا سيقود حتماً إلى تحويل المقال أما إلى تفنيد لأسباب كون الفيلم هو الأعظم والانغماس بهذه الجزئية مما يجعلنا نبتعد عن الحديث عن الفيلم كفيلم، أو تجاهل جزئية تأثيره ومناقشته كأي فيلم عادي مما قد لا تعطي الفيلم حقه، أعمال مثل كين أو العرّاب أو لورانس أو أوديسا أو سائق التكسي أو ذهب مع الريح ليست عظيمة فقط لتأثيرها التاريخي بل لما تخلفه من أثر لدى أي مشاهد يكاد يكون من الصعب إيصاله ببعض كلمات ومن الأغلب أن أي مقال عنها مهما كان احترافياً سيكون أقل من عادي لأنه لا يمكن مقاربة جوهر روعة المادة الأساسية التي نعالجها، ولكن مع ذلك لم استطع منع نفسي أكثر من الاستسلام لرغبة الحديث عن كين فأعدت مشاهدته مؤخراً وجلست وراء اللابتوب محاولاً أن أفند أحساسي نحو فيلم متواجد دوماً في قائمتي لأفضل 10 أفلام شاهدتها والله المستعان.

Belle de Jour - 1967


أفلام لويس بونويل عالم خاص ممتع ومبهر وشديد الإرهاق، مرهقة بالمشاهدة، ومرهقة بالانطباع الذي تخلفه، ومرهقة بتحلليها ، لا يمكن أن تكتب عنها بالطريقة التقليدية ، لا يمكن أن تحللها وتناقشها كما تناقش أي فيلم، بونويل لا يصنع أفلامه كمرآة للعالم، وإنما كمرآة لعوالم الإنسان الخفية، انعكاسات لأفكاره الأكثر تطرفاً وشذوذاَ ، هي أفلام ذاتية بحتة، مساحة خاصة له ليناقش هواجسه وانطباعاته وأحكامه وأفكاره الأكثر سواداً مع أكبر شريحة ممكنة من الناس، هي أفلام عن الازدواجية عن الشخصية الخفية الفاجرة الشيطانية المختبئة داخل كل إنسان، في أفلامه يتحرر من الوجه الذي يعطيه للبشر ليقدم وجهه الأخر الذي يخفيه، ومعه كذلك الإنسان يتحرر من ثوبه التقليدي ليعبر بالمشاهدة عن أكثر مساحاته الغرائزية سوداوية وحيوانية، ولذلك تبدو الشخصيات التي نراها متقبلة للمشاهد ويتفهمها، فهي ليست سوى مرآة لطبائعنا ورغباتنا التي نخفيها ونغلق عليها بإحكام.

Viridiana - 1961


ارتبط الفيلم الاسباني فيردينا للمخرج لويس بونويل الفائز بسعفة كان 1961 بصفة أحد أكثر الأفلام جدلية وتطرفاً بالتاريخ، وما زال حتى اليوم بعد أكثر من خمسين عاماً على عرضه يبدو فيلماً صادماً جداً وجريئاً إلى أبعد الحدود، يحاول به بونويل أن يكسر الصورة النمطية لا للأشكال والمفاهيم السينمائية وحسب بل للنمطية القابعة في اللاوعي الإنساني، لنظرة الإنسان العادي المسبقة للأشياء، يلامس حدود اللاوعي البشري ويهزه ويدفعه للخارج لنرى الأشياء على حقيقتها كاملةً بقذارتها بعتهها بشرها بشهوانيتها بأنانيتها بعدم امتنانها، فيلم يجلب أكثر النماذج تطرفاً ويعرضها على الشاشة في رحلة استثنائية تخوضها كاهنة مراهقة قبل أيام من إلقائها لنذورها لتغير نظرتها كاملةً لكل شيء.

La Dolce Vita - 1960


كمتابع سينمائي ينتابني شعور بالندم بسبب تقصيري بمتابعة بعض المخرجين بالأخص الأنكليزي مايك لي والإيطالي فدريكو فلليني، فرغم إني شاهدت له ثلاث أفلام 8,5 وليالي كباريا و ستركون ولكن أمام سجله الحافل أشعر إني مقصر اتجاهه، فمن من مشاهداتي الثلاث له أشعر إني أشاهد شيء غير اعتيادي في السينما، أفلام لا تنتمي لأي صنف ولا لأي فن، فن مستقل بذاتها وصنف خاص بذاته، فلليني الذي يعتبر السيرك هو ملهمه بصنع السينما يصنع أفلامه كمن يدير عرض سيرك مبهجة سريعة صاخبة مليئة بالأزياء والمكياج والجمال والموسيقى التي لا تتوقف وبعض المسوخ كذلك وأداء من الممثلين يضج بالإمتاع وروح الفكاهة ، وفي الحياة حلوة - La Dolce Vita يتجاوز عرض السيرك ليقدم شيءً أشبه بملحمة إغريقية معاصرة عن روما ولياليها وأزيائها وآثارها وجمالها وفقرها ونبلائها وبرجوازيها ومثقفيها وقسسيها وأطفالها وعشاقها، يقدم سبعة ليالي من حياة الكاتب والصحفي مارشيللو (مارشيللو ماستروني) يقضيها في سبع حفلات مختلفة تختلط فيها الأحلام بالواقع ، يصنعها فلليني على شكل سبع أفلام قصيرة متصلة ومنفصلة تبدأ قوية جداً وتتصاعد مع كل قصة – حفلة بشكل ممتاز لتصل إلى الذروة بخاتمتها المبهرة جداً.

The Leopard – 1963


لدي غرام خاص لمثل هذه النوعية من الأفلام ، الأفلام التي تنتمي لنوعية وداعاً خليلتي والشريط الأبيض وذهب مع الريح، الأفلام التي تؤرخ لتحولات تاريخية هامة من خلال عيون الأشخاص العاديين الذين عاشوا تلك الفترة لا عيون القادة والسياسيين، هذا العمل هو ربما من ذروة تلك الأفلام، المفخرة الإيطالية التي صنعها المخرج لوتشينو فيسكونتي وأحد الدلائل الدامغة على كون مهرجان كان صاحب أكثر اختيارات الفائزين ذكاءً وصوابية.

أفضل 10 أفلام لعام 2014


للحظات كدت أن أتخلى عن موضوعي السنوي الثابت هذا منذ 2009 ، تأخري بمشاهدة العديد من الأفلام بانتظار صدور نسخ جيدة لها أعاقني عن مواكبة العام، ثم حادثة الوفاة العائلية وما تبعها من ملل من الكتابة والمشاهدة وكل شيء، وحين قررت العودة لأكتب نظرت إلى ترتيب أفضل أفلام العام فوجدت القائمة ناقصة، شاهدت الكثير من الأفلام الممتازة ولكن لسبب ما داخلي لم أجد عشرة أفلام ترضيني بالكامل، توقفت عند ثمانية ثم عثرت على التاسع وبقي العاشر يحيرني وكدت أجعلها تسعة إلى إنني لم أشأ مخالفة التقليد وجعلت المرتبة العاشرة لفيلم مال له قلبي وربما يفاجأ العديد من القراء.

Superman- 1978


فيلم ريتشارد دونيير هذا ليس كأي فيلم كوميكس أو سوبر هيروز اعتيادي، هو عمل كلاسيكي و حدث سينمائي تاريخي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أول فيلم كوميكس على الشاشة الفضية وأحد أضخم وانجح الانجازات السينمائية بالتاريخ، مدرسة بصنع أفلام الأبطال الخارقين وأفلام الحركة والتجارة وعموماً ، إنجاز دونيير هذا هو بالنسبة للكوميكس مثل سكارفيس هاورد هوكس لأفلام العصابات ، عمل وضع المنهج بصنع فيلم البطل الخارق ، القواعد التي وضعها دونيير بسوبرمان هي الأساس التي سار عليها نولان وريمي وفافرو بروائعهم باتمان يبدأ و سبايدر مان و أيرون مان ، أفكار عديدة عظيمة قدمها كانت تحتاج لنضج أكثر ولكنها ثورية جداً بزمنها ومشبعة بشكل جيد والفيلم عموماً ما زال مبهراً وممتعاً ومشوقاً حتى بعد مرور حوالي ست وثلاثين سنة على صنعه .

Interstellar - 2014


بعد فراغه من سلسلة فارس الظلام كان لدي ترقب شديد لمشاهدة العمل الجديد لنولان، كنت أمل أن أرى شيء بآلق انسيبشن 2010 ولكن للأسف نولان كان للمرة الثانية مخيباً للآمال بالنسبة لي (المرة الأولى في بريستيج)، فيلمه هذا المرتقب كعمل يقدم تفسيرات لنظريات الثقب الدودي والأبعاد الرابعة والسفر عبر الزمن بطريقة درامية عانى الكثير من المشاكل ولكن مشكلته الرئيسية هي اهتمام نولان بتقديم تفسيرات لنظريات الثقب الدودي والسفر عبر الزمن في شريط سينمائي أكثر من تقديمه فيلم سينمائي.

Birdman: Or (The Unexpected Virtue of Ignorance) - 2014


هناك مخرجين تشتاقهم حين يطيلون الغياب ولكن تغفر لهم حين ترى الحمولة التي عادوا بها، وهذا الأمر ينطبق بالنسبة لي على اثنين  ديفيد فينشر وأليخاندرو كونزاليس أناريتو اللذان عادا عام 2014 بفيلمين من أفضل انتاجات العام .

American sniper - 2014

هذا العمل هو خيبة الأمل الحقيقية لعام 2014 ليس لأن مستواه لا يرقا لترشيحات الأوسكار الرئيسية التي نالها وحسب بل لأنه من إخراج شيخ مخرجين أمريكا كلينت إيستوود، العجوز النزق صاحب لا يغتفر وفتاة المليون دولار يبدو إنه دخل بمرحلة الخرف وزهايمر فني أنساه رسالته الفنية الإنسانية الناقدة المتسامحة في نهر مستيك و رسائل ايو جيما واعلام الأباء و غران تورينو وانفيكتوس وعاد إلى أساطير الكاوبوي الساذجة بعد استبدال الجنز ببذلة المارينز ليصنع فيلم بروبغندا ترويجي لبطولات الجيش الأمريكي بالعراق على نمط أفلام أكشن الثمانينات متوسطة المستوى ولكن بصورة راقية ذات شكل فني مزيف وخادع.

Winter sleep – 2014


لا استطيع أن أمنع نفسي من الشعور بالإشفاق الممزوج بالحسد وأنا أتخيل حالة أعضاء لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي في دورته الأخيرة وهم مضطرين لاختيار فيلم واحد من ضمن تحفتين ليتوجوه بسعفتهم، فالاختيار صعب حين تكون المنافسة بين فيلمين مثل يومين وليلة و بيات شتوي، وكان جنوح اللجنة نحو الخيار الأسهل فبدل أن تسمح للدالدريز بتسجيل رقم تاريخي كأول صانعا أفلام ينالان السعفة ثلاث مرات، قامت بتتويج مدلل المهرجان التركي نوري بيلج جيلان بالجائزة الكبرى أخيراً وهو الذي سبق له وأن نال مختلف جوائز كان الأخرى.

Whiplash – 2014


من حسنات الأوسكار إنه يعطي مجال لأفلام مثل Whiplash  بالخلود، فيلم رغم كل ميزاته الفنية وجماليته وأهميته إلا إن فرص خلوده بذاكرة المشاهد العادي شبه معدومة لعدة عوامل أهمها عدم تحقيقه الصدى التجاري وعدم شهرة صناعه في الوقت الحالي – لا ندري مصيرهم بالمستقبل - ، ترشيح الفيلم لخمس جوائز أوسكار فرصة لتحفة فنية حقيقة كهذه أن تبقى محط اهتمام المشاهد وهذا أمر أرضاني ولو جاء على حساب أفلام مثل Gone girl  و Foxcatcher  .

Gone Girl – 2014


"عندما أفكر في زوجتي, تنتابني أفكار بخصوص رأسها بالأخص, أتخيل نفسي أحطم جمجمتها الجميلة, وأفحص مخها في محاولة على أجوبة الأسئلة المعتادة في أي زواج, فيما تفكر؟ بماذا تشعر؟ ماذا فعلنا ببعضنا؟
هذه الافتتاحية مع نظرة إيمي (روزاموند بايك) الباردة المشفقة والمريبة العصيبة على الفهم كلغز تدرك إنك على وشك الدخول ضمن واحدة من أفلام التلاعب التي لا يجيدها سوى ديفيد فينشر، الأمريكي البالغ من العمر /   53 / يتجاوز باعتقادي كونه أحد أفضل مخرجي أبناء جيله وأحد أفضل العاملين بالإخراج حالياً ليكون من العلامات الفارقة كأفضل مخرجي السينما الأمريكية على الإطلاق، الرجل لا يكتفي أن يكون وريثاً شرعياً لهيتشكوك وبولانسكي ودي بالما كسيد سينما الإثارة المعاصر  ، بل هو امتداد لكوبريك وسكورسيزي كباحث عن الطبيعة الإنسانية الوحشية البربرية وراء ثوب الإنسان العصري وعن التناقضات والتشوهات الروحية التي سببتها الحياة المدنية المعاصرة، العقلية المبدعة وراء ثلاثة من أفضل أفلام الإثارة في التسعينات (se7en – the game – Fight club) والمرشح مرتين للأوسكار عن The Curious Case of Benjamin Button  و The Social network ، كان الجمهور ينتظر منه مع سماعه أنباء دخوله لمشروع جديد إجرامي مثير شيء بحجم Zodiac  و The Girl with Dragon Tattoo  ، وفعلاً لم يخيب الآمال وقدم شيء تجاوز كل التوقعات ...