RSS

My Week with Marilyn - 2011


فيلم أسبوعي مع مارلين للمخرج سيمون كورتيس من الأعمال القليلة التي تدخل وراء كواليس تصوير الأعمال السينمائية والحياة الخاصة لنجوم السينما وأساطيرها، شاهدنا سابقاً فيلم الطيار لمارتن سكورسيزي عن حياة المنتج هاورد هيوز وعلاقته بالنجمة كاثرين هيبرن و إيفا غاردنر وكواليس تصوير فيلم أجنحة الجحيم و خارج عن القانون والوجه مع الندبة، فيلم الطيار حافظ على الانسجام بين سيرة هيوز وتصويره أفلامه وعلاقته بالنجوم وإعطاء معالجة مميزة لكافة الشخصيات المحيطة بهيوز وهذا ما افتقده فيلم كورتيس، الفيلم الذي يفترض أن يدور عن كواليس تصوير فيلم الأمير وفتاة الاستعراض للورانس أوليفيه و مارلين مونرو تحول إلى فيلم مارلين مونرو فقط وظهرت باقي الشخصيات الشعبية الأسطورية فيه كالأسطورة لورانس أوليفيه وزوجته النجمة فيفان لي (الحائزة على أوسكاري أفضل ممثلة عن ذهب مع الريح و عربة تدعى الرغبة) والكاتب المسرحي آرثر ميللر زوج مارلين مونرو مجرد أدوار ثانوية رغم محاولته اختراق خصوصية تلك الإيقونات وإظهارها كنماذج بشرية على الشاشة ولكنه لم يصب هدفه تماماً بنفس الدقة التي اقتحم بها عالم مارلين مونرو وقدم معالجة دراميا شديدة الامتياز والمتانة.
الفيلم مقتبس عن كتاب لكولين كلارك الذي عمل كمساعد إنتاج في الفيلم الشهير جداً وأشيع عن علاقة سريعة ربطته بإيقونة سينما الخمسينات صدقها في كتابه شديد الشعبية، كولين كلارك الذي أدى دوره بصورة جيدة إدي رايدمان يظهر في بداية العمل كشاب ينتمي لعائلة راقية وثرية يبحث عن تحقيق ذاته بينهم ويرى في السينما المجال لذلك، مهووس بجمال مارلين مونرو وبموهبة لورانس أوليفيه – كحال شباب الخمسينات – وهما الآن سيجتمعان بفيلم واحد يعد بالكثير لعشاق السينما، وما يبدأه بالعمل بتمهيد جيد لقضية البحث عن الذات لكولين وتقديم رائع لشخصيات ولورانس أوليفيه وفيفان لي ينتهي مع ظهور مارلين مونرو الطاغي وتتحول قضية الفيلم إلى الدخول إلى خفايا عالم مارلين مونرو وإظهار المعاناة التي تعيشها الإنسانة وراء ثوب الأيقونة السينمائية وبداية انهيارها النفسي والعاطفي والعقلي الذي أوداها للانتحار وهي في قمة نجاحاتها، وتغيب فيفان لي عن الأحداث لأكثر من نصف الفيلم ثم لا تعود سوى بمشهد واحد أما آرثر ميللر فهو مجرد صورة فقط دون أي أهمية درامية وذاك القصور الدرامي وعدم التوازن بين المحاور أفقد الفيلم الكثير ولكنه يعوض ذلك القصور بمعالجته غير الاعتيادية لشخصية مارلين مونرو ، الإنسانة التي تملك كل شيء الجمال الموهبة الثراء المكانة الاجتماعية الزوج المحب وهي الآن على وشك أن تحقق حلمها بأن يعاملها الناس كممثلة على محمل الجد حين أختارها أفضل ممثل في زمانه لورانس أوليفيه لتشاركه بطولة فيلمه الجديد، ولكن وراء تلك الصورة البراقة تكمن شخصية مهزوزة فتاة ضائعة اسيرة للشهرة والأضواء والإعلام شكل جميل فقط واهتمام بشكلها دون أي اهتمام بما تعيشه وبما تريده ، الفيلم قدم مارلين كشخصية إنسانية حقيقية من وراء الأسطورة وقدمها كإنسانة تطوق لاحترام الذات والحياة الطبيعية والاستقرار الزوجي والأطفال ومحبة الناس ولكن أضواء الشهرة وبريق النجومية يأسرها ويقيدها بشكل لا تستطيع معه الفكاك والتحرر، هي تجد فيه محبة الناس واحترامهم لها – رغم احتقار أقرب المقربين لشخصها واستغلالهم لها دون وجود أي عواطف حقيقية – ولكن هي تصر على إنها ليست فتاة الاستعراض ليست تلك  الشخصية الأيقونية هي شخصية أخرى تماماً حين يجتمع معجبوها حولها تترك كولين وتقول له : (علي أن أكون هي..) هي تتعامل معها بضمير الغائب لأنها إنسانة غريبة عنها هي كأي فتاة تحلم أن تكون ممثلة لا مجرد وجه استعراضي شعرت إنها ستحقق ذلك إلى جانب لورانس أوليفيه ولكنها تصدم حين تكتشف إنه تم اختيارها فقط لتكون وجه تسويقي للعمل بينما تبهر حين تمدحها فيفان لي وتقدر موهبتها.
صناعة عمل عن حياة مارلين مونرو هو أمر بغاية الصعوبة كونها شخصية أيقونة سيرتها الذاتية معروفة لأغلب جمهور السينما ولكن كورتيس يتجاوز ذلك التحدي حين يهتم بنفسية مارلين وصراعتها وبعلاقتها بكولين التي يبنيها باقتدار وقوة وما يبدع به أكثر هو البحث بظاهرة مارلين مونرو في الخمسينات والتوازي مع معاناتها الخاصة، مارلين مونرو رمز الجمال والإثارة والشباب موضع حسد الجميع وإعجاب الجميع وكره الجميع، يصفونها بالعاهرة ولكن حين تكون موجودة يتجمهر الجميع حولها بخشوع، لورانس أوليفيه يبهر بها وهو الذي يتقدم به السن ويشعر بأفول شبابه ويريدها كوسيلة ليعود بها كأحد النجوم الشعبيين ويشعر بشيء من روح الشباب ولكن وجودها يزيده حسرةً لذاته ، فيفان لي تشعر بالغيرة من وجود مارلين بقرب زوجها وتريد رقابة شديدة حولهما، حتى عاملة الأستديو المعجبة بكولين تنسحب من حياته لأنها تشعر بعدم وجود منافسة بينها وبين مارلين وآرثر ميللر بحضوره القصير بالعمل يشعر بمارلين مونرو أكبر من مجرد وجه وبأنها بتناقضاتها الشخصية مصدر ملهم له لمسرحياته مما يزيد من تعاستها حين تقرأ السطور التي كتبها عنها والتي تصورها كمجنونة، ويتابع العمل بالتحري وراء مارلين مونرو وإعطائها شيء من الإنصاف كممثلة ، هي تملك موهبة نقية وحضور طاغي على الشاشة وتعامل مبهر مع الكاميرا و جرأة لا يمتلكها أغلب الممثلين ولكن مشكلتها إن الإعلام لا يريدها أن تكون ممثلة ناضجة يريد استغلالها كصورة تسويقية ورمز مثير ولا يريدها أن تخرج عن هذه الصورة ، أمر يدركه لورانس أوليفيه متأخراً وهو الذي يكاد يصاب بالجنون أثناء عمله معها وأخطائها المستمرة ولكنه يعترف إنها حين تقدم مشهداً تمثيلياً صحيحاً تقدمه بشكل شديد الإبهار والمتانة وعلى مستوى الممثلين الكبار، هي ممثلة موهوبة بالفطرة وكان من الممكن أن يكون لها موقع آخر بعالم السينما – كقدوتها فيفان لي – لو إنها حظيت بتوجيه مناسب و المزيد من الخبرة والتدريب، هذا ما يدركه لورانس أوليفيه ويعترف به وهو الذي يقف منبهراً مع باقي الكادر حين يراها تقدماً استعراضاً فنياً بالعمل شديد الروعة.
التحدي الأكبر بالعمل هو من سيقوم بدور مارلين مونرو، دور صعب على أي كان لأن القضية لا تتعلق فقط بتجسيد الشخصية وتقمصها بل بإظهار جاذبية وإغراء وجمال على مستوى مارلين مونرو، سكارليت جوهانسن وتشارليز ثيرون كانت أسماء متوقعة للعمل ولكن الدور ذهب إلى ميشيل ويليامز، الممثلة التي رغم وجود بعض الأدوار الجريئة لها ولكنها لا تهتم بأن تكون رمزاً مثيراً وظهورها في المناسبات العامة بتسريحة شعر صبياني ونوعية أدوارها الجادة البعيدة عن الشعبية والتجارية جعل لها مكانة محترمة بين الأسماء الشابة اليوم، بعد أدوار مميزة بزمن قياسي في جبل بروكباك و بلو فالانتاين (نالت عن الدورين ترشيحين للأوسكار) وشتر ايلاند لمارتن سكورسيزي تقدم هذا الدور الأصعب والأهم والأكثر رقياً بمسيرتها القصيرة المتلألئة ، ميشيل ويليامز ترتدي شخصية مارلين مونرو كمن يرتدي ثيابه منذ مشاهدها الأولى بالاستعراضات الراقصة المبهرة ثم الدخول إلى الإنسانة وراء الايقونة وإظهار كامل تناقضتها ونزاعاتها وعقدها وحفاظها بنفس الوقت على الشكل المثير والمغوي لها بكل الحالات التي تمر بها الشخصية، ميشيل ويليامز التي نالت جائزة غولدن غلوب عن الدور وترشيح ثالث للأوسكار تجاوزت مرحلة التقمص لمارلين مونرو بأن أنستنا بأنها موجودة بالعمل وجعلتنا نشعر بأننا نرى مارلين مونرو فقط وبأن مارلين مونرو هي من تقم ببطولة العمل وإنها هي من تؤدي دورها وتؤدي معه أفضل أدوارها.
كينيث برانا يؤدي دور أحد ملهميه لورانس أوليفيه بدور جيد ونال ترشيح رابع للأوسكار عن الدور ولكن المشكلة أن أدائه طغى في أغلبه عليه طابع التقليد الجسدي دون الدخول بالتجسيد الدرامي إلا ببعض المشاهد القليلة ، جوليا أورموند بدور فيفان لي لم تعطي شيء للعمل بسبب ضألة الشخصية وجودي دانش بدور سيبيل دوندرايك كانت جيدة وإيما واتسون نجمة هاري بوتير تشارك بدور ثانوي جيد .  

0 التعليقات:

إرسال تعليق