RSS

Good Night, and Good Luck - 2005


 
معادلة السيناتور مكارثي بسيطة جداً فإما أن تكون معي أو أنت شيوعي، إذاً ففي بلدنا العديد من الشيوعيين
من شاهد فيلم ليلة سعيدة وحظاً موفقاً دون أن يعرف التاريخ السياسي لجورج كلوني فسيشاهد فقط فيلماً رائعاً ...
ومن يعرف التاريخ السياسي لجورج كلوني قبل مشاهدته الفلم فسيدرك أنه لم يشاهد مجرد فيلم رائع بل شاهد أيضاً دفاع مستميت لكلوني عن نفسه وهجوم شرس وذكي على أرباب السياسة الأمريكية في.زمن جورج بوش.....



في فيلمه الثاني (إخراجياً) يقدم كلوني عملاً غنياًً بالأفكار ويتناول العديد من القضايا بوقت واحد هو أبى أن يجعل فيلمه محصوراً على تناول قصة مكارثي مع مورو بحسب دون أن يقدم معتقداته وأفكاره السياسية الخاصة حول تعامل أمريكا مع موضوع الإرهاب، كلوني يطرح أسئلة محرجة وعميقة جداً حول جدوى الديمقراطية الأمريكية وحول دور الإعلام في المجتمع وحول نتائج سيطرة رؤوس الأموال على مفاصل الحياة الأمريكية ويقارن بخبث وذكاء بين الماضي والحاضر فقد عمل - وكما أشرت سابقاً - إلى أن يجعل من فلمه هذا إسقاطاً على سياسة الرئيس وبوش وتعامله مع قضية الحرب على الإرهاب وتعامله مع معارضي سياسته، هذا يبدو واضحاً جداً إذ جعله كلوني واضحاً وضوح الشمس ولم يجعله مخفياً فمكارثي يرمز إلى بوش وإدارته ومورو يرمز إلى حلف المعارضين للحرب الذين عانوا الكثير من المحاربة والضغوط والتشهير بهم، وحرب مكارثي ضد الشيوعية والتي جعلته باسمها يدمر كل حدود الحريات الشخصية والحقوق المشروعة ويتصرف وكأنه الأمر الناهي هي مشابه جداً للسياسة التي يتبعها بوش في أمريكا في حجة محاربة الإرهاب إذ تجاوز كل نصوص الدستور الأمريكي وقام بتصرفات دكتاتورية لا تختلف عن التصرفات التي يقوم بها خصومه من دكتاتوري الشرق الأوسط فها هو غوانتنامو شاهداً وقضية التنصت على منازل الأمريكيين المشبوهين بالانتساب لمنظمات إرهابية لم يمضي عليها الكثير من الزمن، كلوني يصر على أن فلمه موجهاً لانتقاد الرئيس بوش وسياسته فيقدم إلقاء مورو لكلمة قالها حول مكارثي بطريقة مميزة جداً تختلف عن باقي الكلمات التي قام مورو بإلقائها وهي : (معادلة السيناتور مكارثي بسيطة جداً فإما أن تكون معي أو أنت شيوعي، إذاً ففي بلدنا العديد من الشيوعيين)، وجميعنا نذكر كلمة بوش الشهيرة : (أما أنتم معي أو أنتم مع الإرهاب)، وكلوني جعل من مورو صوته الذي ينطق به بآرائه حول الديمقراطية وحرية الإعلام وتحديداً في خطبته الأخيرة (وهي امتداد لخطبته الأولى) والتي راح يتحدث بها عن التضليل الإعلامي والتعتيم التي تمارسه وسائل الإعلام و الشركات ورجال الأعمال الراعيين له من أجل أن لا تضر الحقيقة بمصالحهم وإلهاء الشارع الأمريكي بتشديد التركيز على القضايا والنزاعات الخارجية، ولكن كلوني لم يكتفي بالكلام بل أرانا التضليل الإعلامي وجعلنا نعيشه من خلال محطة CBS وبرنامج مورو فيها حيث إن الراعين من رجال الأعمال يعارضون أن يتطرق مورو ببرنامجه إلى الشأن السياسي ويحاربوه بشدة وبشتى الوسائل الممكنة ويعيقونه بقدر ما يستطيعون في حين يرحبون عندما يتطرق إلى شؤون سخيفة جداًَ ولا تعني الشارع عن بيوت النجوم وزيجاتهم وحياتهم، وهنا يركز كلوني كما فعل سكورسيزي قبله العام قبل الماضي في الطيار على سيطرة رؤوس الأموال على مقاليد الحياة السياسية والإعلامية وتوجيه الأخيرة لمصلحتها وتحريكهم كما يريدون لمنع تسليط الضوء على نشاطاتها المخالفة للقانون والدستور وفضحها أمام العوام ومن هنا كانت انطلاقة كلوني ليسقط لنا قناع الديمقراطية التي تضعه الولايات المتحدة ويفضح ممارساتها الدكتاتورية الذكية، حيث يمنحون الشعب الأمريكي شيئاً من الحرية والديمقراطية بجعلهم يتحدثون ويناقشون بعض الأمور والقضايا البسيطة والعادية بحرية مطلقة وهذه القضايا تكون على الأغلب موجهة ومسلط الضوء عليها من قبل الإعلام ، في حين الأمور الحساسة والمصيرية يجري إخفائها والتعتيم عليها، وعلى عكس العديد من الأعمال التي تنتقد الإعلام نرى كلوني يركز على دور الإعلام وعلى أهمية دوره متحرراً ونظيفاً، فالإعلام وكما يقول كلوني على لسان مورو هو سلاح بحدين فإما أن يستعمل بإلهام الشعب وتوعيته وإصلاحه أو يستعمل في تضليله وفي إخفاء الحقائق ودعم الفساد فقد قال مورو بالحرف الواحد
هذه الآلة – يقصد التلفزيون - يمكن أن تكون معلماً وموجهاً) .
تلك الأسئلة والطروحات العميقة قدمها كلوني ضمن نص سينمائي أعده مع أحد منتجي فيلمه غراند هيسلوف بشكل يثير الإعجاب جداً هو من أفضل النصوص السينمائية للعام لا يتجاوز عليه بروعته سوى نص بول هيغتس العبقري تصادم، أهمية نص ليلة سعيدة وحظاً موفقاً تأتي من كونه نجح بالحفاظ على مسارين مميزين ثابتين بالفلم الأول هو المسار المثير والمتوتر طوال أحداث العمل فالمشاهد لن يشعر بالملل على الإطلاق طوال العمل سيبقى مشدود لمتابعة تطورات حرب مورو ومكارثي، أما المسار الثاني فهو إصرار كلوني على أن فلمه ليس سيرة ذاتية عن المذيع إدوارد مورو صحيح أن الفلم مع بدايته يقدم معلومات بسيطة عن التاريخ الصحفي لمورو، لكنه يجعل كل أحداث العمل تتمحور فقط حول مجابهته لمكارثي فلم نتعرف على عائلته ولم نرى بيته ولم نرى تعامله معهم، بل إن كل أحداث العمل لم تخرج عن نطاق المحطة باستثناء مشهدين أو ثلاثة في منزل الزوجين السريين جو وشيرلي، النقطة الايجابية الأخرى في العمل هي أنه يعطينا درس رائع جداً في كيفية العمل الإعلامي بالخمسينات هو استفاد جداً من تجربة والده الذي كان مذيعاً في احد المحطات الإخبارية تفاصيل استديوهات محطة CBS وغرفة الأخبار كيفية صنع الأخبار وإعدادها وتقديمها وطرق العمل الإعلامي البدائية التي كانت مستعملة، وما يجري خلال تلك الاستديوهات بين العمال فيها كيف يعملون ويتعايشون كأنهم أسرة واحدة، كيف يقضون وقتهم وماذا يهمهم وماذا يحرضهم على العمل والإبداع، رغم القتامة والصرامة الواضحة للعمل ولكن هذا لم يمنع كلوني من إضافة بعض المواقف الكوميدية أو بالأحرى المفارقات التي كانت تجري خلال غرفة الأخبار بغرض الواقعية لا أكثر، من يشاهد العمل ستبهره الاستديوهات والتفاصيل الدقيقة المصنوعة بها والتي أكدت على واقعية الفلم ومصداقيته، فرغم أن كلوني لم ينزل كاميرته إلى الشارع وصوره ولكنه بواسطة ديكورات غرفة الأخبار وملابس الشخصيات قدم تفصيلاً دقيقاً ورائعاً وواقعياً حول حقبة الخمسينات، عام 2005هناك العديد من الأعمال القادمة من حقب مختلفة والتي أبدع مخرجيها بتصوير تلك الحقب ، فسبلبيرغ قدم بيئة السبعينات في ميونخ وإنغ لي قدم الستينات في جبل بروكباك ولآن لدينا كلوني يقدم بيئة الخمسينات في فلمه هذا، وبرأيي فقد كان كلوني أفضل الجميع فمهمته كانت الأصعب حيث كان يعاني من ضيق المساحة التي يعمل بها والمقتصرة على غرفة استديو المحطة ومن ضيق الميزانية أيضاً إذ لم تتعدى ميزانية فلمه الثماني مليون دولار ولكنه مع ذلك نجح بتقديم الحقبة المعنية بشكل شديد التفصيل والاعتناء، كلوني لم يرد فقط أن يصور فيلماً عن الخمسينات بل أراد أن يجعل فيلمه يظهر بمظهر القادم من الخمسينات، تصوير العمل يوحي تماماً أنه قادم من الخمسينات تلوين العمل بالأبيض الأسود حركة كاميرا زوايا التصوير المونتاج الإضاءة الصوت بل حتى اقتصار تصوير الأحداث ضمن استديوهات بالإضافة إلى الديكورات والملابس وتسريحات الشعر ولهجة الحديث كلها أشياء ستجعلك للحظات تنسى أنك تشاهد فلماً من إنتاج عام 2005 وسيجعلك تشعر أنك شاهدت عملاً لإليا كازان من إنتاج 1955 ، طبعاً كلوني لم يقتصر بجهده على استحضار بيئة الخمسينات بل حاول أيضاً أن يقدم بصمته الخاصة هناك حركة جميلة جداً بالعمل وهي أنه خلال تصوير مورو أثناء تقديمه لبرنامجه كنا نرى على التلفاز الصغير الموضوع عند المنتج صورة مورو الحقيقي وهو يقدم البرنامج وهو ما كان ليقوم بذلك لولى الإبداع التمثيلي لديفيد ستراثيرين وهو شيء سأتحدث عنه لاحقاً، من الحركات الجميلة التي قام بها كلوني هي أنه قام باستلهام ثلاثة ميزات من ثلاثة مخرجين بارزين جداً معاصرين، هو لم يكتفي فقط باستحضار روح المخرجان الكلاسيكيان كازان أو أورسن ويليز بل شاهدنا استخدام كوبولا العبقري للموسيقى والأغاني وتقديم أجواء التوتر والحذر في فلمه الرائع العراب، شاهدنا أسلوب سكورسيزي المشهور ببدء العمل من المنتصف، وشاهدنا الحركة الرائعة التي قام بها أوليفر ستون في فلم J.F.K حيث دمج لقطات العمل باللقطات الوثائقية الأرشيفية الحقيقية.


نقطة إيجابية أخرى تحسب لكلوني وهي اختياره لأبطال عمله وإدارتهم له، نحن لم نرى أسماء كبيرة بفلمه، ديفيد ستراثيرين ممثل مخضرم من جيل أل باتشينو ودي نيرو ولكنه لم يقدم خلال تاريخه الفني الطويل أي عمل بارز، هذا العمل عرفنا على موهبته الكبيرة والرائعة، ما ساعده شبهه بمورو والذي ساعده أكثر المكياج وتسريحة الشعر، من يعرف كريستوفر مورو الحقيقي فسيشيد فعلاً بأداء ستراثيرين وتقمصه لشخصية مورو من حركة حاجبيه وطريقته بالتدخين وأسلوبه بتقديم المقابلات، الحركة التي قام بها كلوني حيث جعلنا خلال المشهد الواحد نرى كيف كان مورو يقوم بتقديم برنامجه وكيف يجسد ستراثيرين شخصيته بالعمل تدل على عبقرية أداء ستراثيرين، ستراثيرين كان الند الأقوى لفيليب سيموري هوفمن فهو لم يجسد فقط مورو من حيث الشكل بل شكل الحالة النفسية لمورو عند تقديمه لبرنامجه، فالمشهد الذي يهاجم به مكارثي لأول مرة على شاشة التلفاز سنلاحظ بلهجته شيء من الغضب المكبوت الذي كان ينتظر تلك اللحظة ليتفجر، والمشهد الذي يدافع به عن نفسه بعد اتهامات مكارثي ستلاحظ بلهجته شيء من الحزن والشعور بجرح الكرامة، وسنلمس مشاعر الأسى عند نعيه لصديقه الميت، وباقي المشاهد التي لا يجسد بها سراثيرين مورو على شاشة التلفاز ستلاحظ عبقرية بأدائه فسكوته العبقري وتفكيره الضمني ونظرات عينيه ولهجته بالكلام، حفاظه على الملامح الشاحبة والقاسية طوال العمل، الأسى الذي يبديه حيال هولينبيك مشاعر أتقن ستراثيرين تقديمها فقدم لنا أداء شديد الجمال والروعة ولولا وجود هوفمن لنال الأوسكار عن جدارة .
جورج كلوني يجسد بالعمل دور فريد فريندلي منتج برنامج مورو، فريندلي شخصية مرحة ساخرة وقوية بنفس الوقت وشديدة الثقة بمورو، هي ليست بالشخصية الصعبة جداً ولكن كلوني أحسن أدائها بطريقة جيدة جداً، راي ويز شارك بالعمل بدور دون هولينبيك ورغم ظهوره القصير ولكنه قدم أداء جميل جداً حيث أقنعنا بدور الشخص المهزوم المجروح بكرامته .
ففي عام 2003 ومع إعلان أمريكا حربها على العراق ظهر العديد من المعارضين عالمياً ضد هذه الحرب وكان لنجوم هوليوود نصيب، وكان أشرسهم عداوة لفكرة الحرب هم سوزان سارندن وزوجها تيم روبينز شون بين  وبالتأكيد المخرج مايكل مور والممثل الشهير جداً ورمز الوسامة الحديثة جورج كلوني، وبحكم هذه المعارضة ضد الحرب فقد تعرض أولئك وغيرهم الكثيرين لهجوم شرس وعنيف من الصحافة الأمريكية وألصقت بهم أوصاف شنيعة كعدم الوطنية وغيرها ، حتى إنهم كادوا أن يسموا بإرهابيين، وبعد نشوب هذه الحرب بثلاث سنوات وبعد أن أفرزت ما أفرزت وبانت نتائجها وافتضحت حججها عاد جورج كلوني ليرد الاعتبار لنفسه ومعسكره بعملين يتحدثان عن تاريخ أمريكا الدكتاتوري بالتعامل مع الإرهاب (بغض النظر إن كان مفتعل أو حقيقي) الأول هو الفلم الذي أكسبه أوسكاره الأول كأفضل ممثل مساعد سيريانا والذي يناقش السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وعلاقتها بنفط الخليج وغير ذلك، الثاني وهو الأهم فيلم ليلة سعيدة وحظاً موفقاً والذي عاد به إلى خمسينات القرن الماضي ليقدم لنا مرحلة من مراحل محاربة الولايات المتحدة للإرهاب الشيوعي في أمريكا بقيادة السيناتور جوزيف مكارثي الذي جعل من هذه الحرب شماعة ليجعل نفسه السيد الأوحد في أمريكا كلها فتصرف بطريقة شنيعة جداً وإرهابية أفقدت حربه وحملته معناها وجعلت الشارع الأمريكي يتقلب غضباً ولكن لم يجرأ سوى شخص واحد على رفع صوته بالثورة والاعتراض هو المذيع التلفزيوني إدوارد مورو مقدم برنامج رجل لرجل في محطة CBS الذي كان أول من تجرأ على الاعتراض على سياسة مكارثي مما سبب له حرباً ضروس معه على شاشة التلفاز ومن خلال برنامجه رجل لرجل..
الفلم يبدأ عام 1954 في الحفل التي أقامته محطة CBS بمناسبة اعتزال إدوارد مورو العمل الصحفي مشهد البداية يبدأ بالحفل حيث جميع الحاضرين من رجالات الصحافة والإعلام وجميعهم فرحين ومسرورين، ثم يظهر مقدم الحفل يقدم لمحة عن سيرة إدوارد مورو ثم يقدمه ليلقي كلمة ويظهر ذاك الأخير ويبدأ كلمته بعبارة (ما أقوله لن يسر الكثيرين) وفعلاً يلقي مورو كلمته بملامحه الصارمة عن الإعلام وحرية الإعلام والدور الذي تقوم به الشركات الكبرى الرأسمالية بالتعتيم الإعلامي على الشارع الأمريكي، وتنقطع هنا اللقطة لتنتقل بنا الكاميرا بأسلوب الفلاش باك إلى الحادثة التي كانت سبب بإقالة مورو من منصبه كمقدم برامج وهي حربه الشرسة ضد السيناتور جوزيف مكارثي الذي كان يقود حملات التحقيق ضد من يتهمون بالانتماء للأحزاب والاتحادات الشيوعية في أمريكا، حيث تتجول كاميرا كلوني في استديوهات المحطة تصور الخوف لدى الزوجان السريان جو وشيرلي من اكتشاف أمرهما بالزواج مما سيسبب بطردها كون قوانين المحطة تمنع الزواج بين الموظفين وما يخيفهما أكثر هو أن يتم اتهامهما بالشيوعية، وتتابع الكاميرا تجولها لترى الجميع يخشى من ذلك الاتهام ويتابع أخبار ومجريات التحقيقات وهم صامتون لا يجرؤون التعليق حولها حتى لا يتم اتهامهم بمناصرة الشيوعية، ويحاولون شغل أنفسهم عن هذا البرامج بطرح مواضيع متعددة طريفة ومضحكة لإلهاء أنفسهم ونرى بين هؤلاء إدوارد مورو المذيع رقم واحد بالمحطة مطرق صامت يلاحظ المشاهد ملامح الغضب بعيناه يسأله منتج برنامجه فريد فريندلي عن سبب غضبه فيخبره بالقصة التي قرأها عن الطيار الحربي ميلو رادولوفيتشالذي طرد من عمله بالقوات الجوية الأمريكية بسبب رفضه الشهادة ضد والده وأخته بأنهم شيوعيين وسبب وقوع هذه التهمة عليهم هي مشاهدة والد الطيار يقرأ صحيفة صربية، إدوارد مورو يقرر تناول هذه القصة في الحلقة القادمة من برنامجه، فريندلي يسأله : ألن يثير تناول هذه القصة غضب لجنة التحقيق ضدنا، مورو : يرد لماذا ؟ نحن لن نتحدث عن اللجنة بشكل مباشر نحن سنتحدث عن القوى الجوية ومعاملتها للمجند، فريندلي يوافق على فكرة مورو ويسانده بمسعاه، تناول مورو لهذه القصة سيسبب له بالعديد من المشاكل بداية من عند ضباط القوى الجوية الذين عارضوا نشر هذه المادة، رعاة برنامجه الذين لا يريدون أن يدخل برنامجهم بهذه القضايا الخطيرة التي تهدد مستقبله، ومدير المحطة الذي لا يريد أن يزج بنفسه بنزاع مع مكارثي والذي يتحمل كل هذه الضغوط من أجل استمرار البرنامج ونجاحه واستمرار المحطة، ورغم كل تلك الضغوط ولكن مورو يقول إن تناوله لقصة ردولوفيتش ما هي إلا وخزة ليعرف ما هي نتائج تناوله لموضوع حرب مكارثي ضد الشيوعية والآن وبعد أن عرف العواقب والنتائج والمخاطر لم يع يخيفه شيء من المتابعة لتوجيه سهام الهجوم والنقد ضد مكارثي نفسه، إقحام مورو نفسه بهذه المواجهة مع مكارثي يعني تجاوز كل الخطوط الحمراء التي رسمت له ويعني انقلاب العديدين ضده ومحاربة كثيراً وسيتعرض للهجوم هو الآخر سيتركه الجميع ولن يؤيده سوى طاقم برنامجه الخائف من مغامرة مورو ومنتجه فريندلي الواثق جداً بجدوى ما يقوم به مورو، والعديد من الصحفيين النزيهين الذين كانوا يتمنون لو أن لهم جرأة مورو للهجوم، كلوني بعمله هذا يضع جميع المبررات لمحاربة مورو لمكارثي، صحيح إن الجميع لم يكن موافقاً على سياسة مكارثي ولكن هذا لا يعني أن لا يرينا الأسباب التي تجعل مورو يخوض تلك المغامرة فملئ الفلم بالقطات وثائقية من جلسات محاكمات مكارثي الحقيقية التي كانت أبشع وأقسى من محاكم التفتيش، في حين عرفنا على مورو بأنه واحد من أكثر الصحفيين شرفاً ووفاءً للمهنة وعرف على مدى مزاولته الطويلة للمهنة بجرأته وعدم خوفه فكان من الطبيعي أن لا يرضى بما يقوم به مكارثي ويقرر مقاومته وكانت قصة ردولوفيتش هي التي قصمت ظهر البعير، ولكن كلوني لم يكتفي باللقطات الوثائقية فأرانا أسباب شخصية دفعت مورو لتلك الثورة فعرفنا على صديقه الصحفي (دون هولينبيك) الذي كان من أشهر مذيعي المحطة وتم فصله من عمله والتشهير به لمجرد انتسابه إلى حزب اشتراكي لا شيوعي مما سبب له حالة مزرية من الاكتئاب جعل على مورو يتحمل على كتفه واجب الانتقام لصديقه .

0 التعليقات:

إرسال تعليق