RSS

District 9 - 2009




عشاق سينما الخيال العلمي سيعثرون بهذا العمل على ضالتهم في مادة تروي ظمئهم لنبوءات وأحداث خيالية لم تشهد السينما مثلها منذ رائعة ألفونسو كوران (أطفال الرجال) عام 2006 حيث قدم لنا المخرج نيل بلوكامب عمل يمكن عده مزيجاً بين أفلام خيالية ناجحة  كـ Flay لكرونبيرغ و Iron man لـجون فافرو و ET لسبلبيرغ ضمن خط أحداث يذكرنا بخط مدينة الرب لميرليس وأسلوبية تشبه أسلوبية مشروع الساحر بلير لـدانيل مايرايك حيث تصوير أحداث العمل بأسلوب وثائقي إخباري بحت لإيهام المشاهد إن ما يجري حقيقي وقد حدث فعلاً ....
 
الفيلم يتحدث عن الصراع الأزلي بين سكان الفضاء وسكان الأرض ولكن ليس كما شاهدناه بحرب العوالم و يوم الاستقلال بل هناك قصة ثورية جديدة تحطم كل القوالب التقليدية لهذه الأفلام ، فهو لا يرينا جيش من الفضائيين يهاجم الأرض من السماء أو من باطن الأرض بل يرينا قصة شعب فضائي استوطنوا بقعة من الأرض بعد دمار كوكبهم عرفت بالمنطقة 9 ويصور لنا حياة أولئك الفضائيين في تلك المنطقة والعنصرية التي عوملوا بها والظروف غير الصحية التي عاشوا بها بينا هم لا يريدون غزو الأرض بل يريدون فقط العثور على مكان يقيهم من التشرد، في العمل تم إظهار الفضائيين بشكل شبيه للحشرات ولكنهم من حيث الطباع يحملون العديد من الخصال الإنسانية التي ركز عليها المخرج لدرجة استطاع بها قطع الحاجز بين الشخصيات والمشاهد وجعل المشاهد يشعر بالشفقة على أولئك المساكين مما ساعد بلوكامب على أن يحرر فيلمه من إطار الخيال العلمي ليجعله عمل جاد يناقش وبطريقة فريدة مشكلة العنصرية في العالم بالأخص وإن الإحداث تدور في جنوب أفريقيا ومنطقة الفضائيين وبيوتهم وأسلوب حياتهم وملابسهم يشبه إلى حد كبير أسلوب الحياة والحياة في أحياء ومدن السود الفقيرة في أمريكا بالأخص إنه يصور لنا إن كره البشر للفضائين ومعاملتهم بإضطهاد كانت بسبب اختلافهم فقط دون أن يسببوا أي أذىً لهم لدرجة إنهم لم يكونوا يوفرون طريقة لقتلهم دون أي رحمة أو مبرر .

العمل مليء بالرموز والإشارات إلى وحشية عالم العنصرية ورعب سباق التسلح في العالم فالعصابات في أفريقية تشتري السلاح من الفضائيين مقابل طعام القطط الذي يستعملونه كمخدرات والحكومة تجري تجارب غير إنسانية وغير مشروعة على الفضائيين للوصول إلى طريقة لاستخدام أسلحتهم الغريبة وقد عزلوهم بمنطقة لا تصلح لحياة الحيوانات وبظروف قاسية وعندما حاول الفضائيين مقاومة أسلوب ذلك الحياة الصارم تم مواجهتهم بعنف مخيف وطلبات عديدة من سكان الأرض لرميهم بعيداً عنهم، وهكذا كان الأسلوب الوثائقي الذي أتبعه المخرج من تصوير بكاميرا تلفزيونية محمولة وإجراء مقابلات وهمية وسيلة ناجحة للتعبير عن الفكرة بالأخص مع الشكل الواقعي الذي نجح بصنعه لعمله مع فنياته الغريبة تلك واستعانته بممثلين مغمورين والديكورات الممتازة والنص الذكي المحيط بكل تفاصيل حياة الفضائيين الوهمية لدرجة تجعل المشاهد ينجذب إلى تلك القصة ويتفاعل معها وكأنها حقيقية لا خيال ويفهم رموزها بسلاسة وبدون مباشرة خطابية...

العمل كان يحمل إثارة وتشويق عاليتين على طول مدته بالأخص مع مؤثراته الممتازة في رسم الفضائيين والرجال الآليين والمركبات الطائرة وتصوير المعارك والمؤثرات الصوتية الممتازة وفرادة ذلك التصوير بشكل يوحي إننا نشهد عمل وثائقي عن حروب المليشيات لا فيلم خيالي وقد كانت مقنعة رغم ضعف الإمكانيات المستخدمة، الدور الرئيسي في العمل تم اسناده لشارلتو كومبلي في أول دور بطولة له ورغم إنه لا يحمل شهرة ووسامة نجوم هوليوود ولكنه قدم أداءً ممتازاً جداً وفي غاية الإقناع ..
العمل هو التجربة الأولى لنيل نيوكامب بعد ثلاثة أفلام وثائقية له كلها عن الفضائيين وقد وضع له النص السينمائي أيضاً ورغم ميزانية منخفضة لم تتجاوز الـ 20 مليون دولار إلا إنه تمكن من أن يكون أحد ضربات الصيف الناجحة لعام 2009 ويحقق أرباح تجاوزت الـ 114 مليون دولار ومديح نقدي كبير، العمل انتجه بيتر جاكسون المخرج الحائز على جائزة أوسكار كأفضل مخرج عن سلسلة سيد الخواتم الشهيرة ومخرج الفيلم الناجح كينغ كونغ

0 التعليقات:

إرسال تعليق