RSS

The Hurt Locker - 2009


فيلم خزانة الآلم – The Hurt Locker  للمخرجة كاثرين بيغولي ليس أول عمل يعالج التورط الأمريكي بالعراق ولكنه أهمها، فالفيلم الذي نال تسع ترشيحات للأوسكار منها أفضل فيلم والمتوقع أن تكون مخرجته الأنثى الأولى التي تنال جائزة أفضل إخراج – رغم منافسة زوجها السابق جيمس كاميرون مبدع الأفتار – بعد أن سبقتها ثلاث مخرجات للترشيح وخرجن خالي الوفاض، الفيلم حاول قدر الأمكان الابتعاد عن البعد السياسي بمعالجته للحرب وركز على نفسية الجنود المتورطين بحرب لا يعرفون سببها أو نتائجها، يناقش نفسية أي جندي بغض النظر عن جنسيته وبغض النظر عن الحرب التي يشترك بها، ولن يختلف الفيلم لو إنه دار في أفغانستان أو فيتنام وتمحور أحداثه بالعراق ليس سوى وسيلة جذب جماهيرية كونه يتحدث عن حرب يعرف القاصي والداني تفاصيلها، العمل يروي يوميات فرقة تفكيك ألغام ويرصد المعاناة النفسية لأشخاص لا يفصل بينهم وبين الموت سوى دقائق معدودة وأحياناً سلك، تتفجر الأحداث مع قتل الاختصاصي بالفرقة – قام بدوره الممثل الشهير غاي برينس – أثناء تفكيكه أحد القنابل ونراقب إنعكاسات ذلك الأغتيال على الفرقة وتحديداً على أوين الذي يعاني من نوبات الخوف والفزع ويصيبه إنهار نفسي جراء قتل صديقه وتتصاعد الأحداث مع تعين جيمس (قام بدوره بشكل مميز جيرمي رينز) كاختصاصي تفكيك ألغام والذي يتعامل مع الموت الوشيك بأسلوب عدم الاكتراث والاندفاع والتهور مخاطراً بحياته وحياة الفرقة معه مما يثير سخط من حوله وتحديداً الضابط المسؤول عنه ساندرون الذي يواجه هو الأخر احتمال الموت بإدعاء الصلابة والتماسك.
ليس من المستغرب أن يكون هذا العمل هو المفضل بين النقاد الأمريكان لعام 2009 فهو يعالج موضوع هام جداً لدى الشعب الأمريكي بتقنية عالية جداً رغم الإمكانيات المحدودة ولكنه على الأغلب لن يكون مفضلاً لدى المشاهد العربي الذي يصعب عليه مشاهدة عمل عن حرب العراق تكون فيه الضحية هو الجندي الأمريكي بينما الشعب العراقي – الضحية الحقيقية - مجرد عنصر ثانوي بالأحداث بالأخص إن العمل لا يكتفي فقط بالتركيز على المعاناة النفسية للجندي الأمريكي بل إنه يتغاضي عن كل الجرائم التي يرتكبها وأحياناً يبررها.
على أية حال لا يمكن إنكار القوة التقنية المستعملة بالعمل فالمخرجة بيغولي المختصة بأفلام الرعب تنجح بصنع جو من الإثارة والتشويق بالعديد من مشاهد العمل وتحديداً لحظات فك لألغام حيث يشعر المشاهد بنفسه مكان الجنود وأنه على بعد خطوات قليلة من الموت وإن الكل مشتبه به، وخلال لحظات الإثارة تلك تزرع جواً من الإنسانية والتعاطف بتجريدها الجندي الأمريكي من الثوب البطولي الهوليودي المعتادة لتظهره معاناته الإنسانية وخوفه من الموت في حرب لا يعرف سبب وجوده فيه، الفيلم ينتقد بصورة غير مباشرة المؤسسة الحربية الأمريكية حيث لا يظهر الضباط ذو المراتب العالية سوى بمشهد واحد فقط وبعيداً عن الساحة المعركة ويكتفون فقط بتوجيه الأوامر والتأكيد على إن الجيش الأمريكي يعسكر بالمكان الخطأ حين يصور مشاعر جيمس بالخوف والعزلة أثناء تجواله في بغداد لوحده أو حين يقول له أوين : (حين تخرج تلاحق المتاعب ستتعرض للإصابة) بذلك المشهد يشعر المشاهد إن تلك العبارة موجهة لأمريكا بالإخص إن المشاهد يشعر إن جيمس يرمز لأمريكا المتخبطة المندفعة غير المدركة لهدفها والمعرض الجميع حولها للخطر.
أهم نقاط قوة العمل إن أحداثه لا تحوي عقد درامية أو تحولات وتطورات سينمائية هو يعتمد على الواقعية البحتة بتصوير يوميات تلك الفرقة أثناء تفكيكها للألغام ولكن تفاصيل تلك الأحداث وتفاعل الجنود معها يصنع الدراما، الفيلم مصنوع بجوي شديد الواقعية بالأخص مع اعتماده على يوميات مراسل صحفي بحرب العراق بكتابة النص وتصوير أحداثه بالأردن والاعتماد على كومبارس عراقيين وتصوير العمل بشكل وثائقي إخباري يجعلنا نشعر بحرارة الجو وقسوة البيئة العراقية والمؤثرات الصوتية البصرية الجيدة والاعتماد على ممثلين مغمورين بالأدوار الرئيسية – رغم وجود بعض النجوم بأدوار صغيرة كرالف فينز – كل ذلك يساهم بصنع عمل هام وعالي القيمة ولكنه لن يكون مفضلاً لدى المشاهد العربي

0 التعليقات:

إرسال تعليق