RSS

Into the wild - 2007


لأفلام الطرقات احترام كبير لدى رواد السينما ونتج عنها العديد من الأفلام الراقية أخرها كان sideways  و Little miss sunshine  و رائعة شون بين كمؤلف ومخرج in to the wild  والتي هي أحد أكثر أفلام الطرقات تأملية وشاعرية مقدمةً رحلة كريس الشاب العشريني عبر أمريكا إلى ألاسكا ثم إقامته فيها وما مرّ معه خلال تلك الرحلة والأهم أسباب رحلته وانعكاساتها على كل من حوله ...
الفيلم أشبه بقصيدة أو أغنية ريفية عن جمال الطبيعة وجمال الحياة بعيداً عن مادية المجتمعات الأسمنتية الحديثة، عمل مليء بالتأمل والشاعرية كل مشهد فيه لوحة فنية مستقلة تمجد الطبيعة وبراءتها، ليس ممتلئ بالأحداث والتحولات الدرامية بل أغلبه تصور لرحلة كريس وتأملاته خلالها التي يعبر عنها بتعليقات يرويها تارةً أو نراها مكتوبة على الشاشة بينما تقوم أغاني إيدي فيدير الرائعة وموسيقى مايكل بروك وكاكي كينغ الريفية الحنونة وكاميرا إيريك غوتير المذهلة بإدخالنا إلى تلك الحالة التأملية الرائعة التي يبدع الممثل الشاب أميل هيرش بالتعبير عنها وبتصويره حالة السلام التي يعيشها الإنسان بعيداً عن قيود المادية وقد توحد مع الطبيعة وجمالها وصدقها ...
بين ومع تصويره لحياة مريس في منفاه الاختياري و محاولته التأقلم معه يصور في نفس الوقت البيئة التي جاء منها وحياتها السابقة ودوافعه ليس من باب مليء الفراغ والإجابة عن تساؤل (لماذا هجر الحياة المادية ؟) بل لإكمال الصورة عن فكرة يريد بين التعبير عنها عن مدة بشاعة الحياة المادية التي وصل إليها المجتمع الحديث وعن الجمال الخفي الذي لا نشاهده رغم إنه يكون ماثلاً أمامنا، فيرينا الكذب والنفاق والخيانة التي تملأ حياة والديه الثريين الراقيين وما ولدته من تعاسة لم تستطع الثروة إزالتها بل زادت منها مما جعل ذلك يولد ردّة فعل ثوري لديه ضد كل الماديات والتقاليد الاجتماعية ويندفع في رحلة إلى قمة الصدق والنقاء في الطبيعة حيث يلتقي هناك بعدة نماذج من الناس (زوجان من الرحالة سائحان أوروبيان مزارع بسيط وعجوز وحيد) لا يحملون ذكاء أهله أو ثروتهم ولكنهم يحملون جمال الروح المفقود عندهم وقد تمكنوا من منحه ما لم يستطع أهله منحه إياه  من سلام واستقرار نفسي وفي نفس الوقت نرى كيف يستطيع إلهام أولئك الناس والتغيير بحياتهم وكيف غير بشكل غير مقصود حياة أهله وساعدهم على تجاوز مشاكلهم ، والأهم نرى كيف غيرت الرحلة من كريس كيف كانت بالبداية ثورة على تقاليد المجتمع وانتقاماً منه ثم تحولت فرصة ليعثر بها على السلام الداخلي في نفسه ويسامح الجميع من حوله ....
العمل يحاول أن يكون على قدر كاف من الحياد والواقعية فيرينا مع الجمال الذي قابله كريس الصعوبات التي تعرض لها وهي صعوبات من الصعب احتمالها ولكن التمهيد الذكي للشخصية وتصوير نفسيتها يساعدنا على تبرير سبب إصراره على المتابعة بالأخص بالمشهد الرائع في لوس أنجلوس، ويرينا في نفس الوقت الصراع الداخلي في نفسه اتجاه أهله وشعوره بالقسوة نحوهم ويجبرنا على أن نشفق عليهم رغم كل ما قاموا به ، يرينا خلال الرحلة قصص عديدة جميلة كقصة الزوجان اللذان يمران بمرحلة برود بعلاقتهما والذين ساعدهما كريس على تجاوز مشاكلهما صحيح إن تلك القصة لم تحوي العمق الكامل بالمعالجة ولكن بين عوض عنها بصنع علاقة رائعة وبغاية الإنسانية بين كريس والعجوز في ألاسكا ...  
بقدر ما يحمل العمل من شاعرية وتأمل فهو يحمل بنفس الوقت قسوة مفرطة من خلال تصوير سوداوية الحياة الحديثة والصراع العائلي وقسوة انتقام الأبناء وقسوة الطبيعة التي لا تتقبل أحد بسهولة، شون بين أبدع بمزجه بين تلك الشاعرية وتلك القسوة وأخرج عمله بصورة تجريبية جامحة ولكنها منسجمة مع مضمون العمل الجامح وتحوي قدر عالي من التأملية ، شون بين كان نجم العمل الحقيقي بفنياته المذهلة من تصوير ومونتاج وموسيقى وأغاني صنع منها عمل بغاية الشاعرية والفرادة تألقه الإخراجي الحقيقي كان بالشيء الذي يبدع فيه أكثر التمثيل فإدارته الذكية للشاب الموهوب أميل هيرش أعطت العمل قدر عالي من الحيوية والواقعية بالأخص إن أميل كان مستعداً لتنفيذ كل طلبات بين حتى الخطيرة منها (كمشهد النهر) العمل كما ذكرت لا يحوي أحداث عديدة ولا يحوي حوارات كثيرة ويعتمد على التأمل بأغلب أحداثه لذلك فكان على أميل أن يعتمد على الارتجال بالدرجة الأولى والتعامل بعفوية مطلقة مع الكاميرا لدرجة نسيان وجودها وتصوير نفسه كشاب يعبث وحيداً بغرفته ببراءة طفولية دون أن يراقبه أحد محاولاً ملئ فراغ وقته وقد أبدع أميل بذلك كما أبدع بتصوير حماسة الشباب للمغامرة وتصوير عقد الطفولة وآثارها وتصوير حالة السلام النفسي التي يعيشها الشخص في البرية ...
مع أميل كان هناك جان مالون بدور شقيقة كريس بأداء جيد و كريستين ستيورات بدور حبيبته قد أصبحت هي الأخرى نجمة اليوم بالأخص بعد قيامها ببطولة فيلم الشباب Twilight وقد قدمت أداء جيد، بالإضافة إلى المغمورين بالعمل فهناك أسماء ضخمة الفائزة بالأوسكار ماري غاي هاردين وزميلة بين في فيلمه نهر غامض تقدم أداء جيد بدور والدة كريس وكذلك المخضرم وليام هرت بدور والده وفينس فوغت بدور صديقه المزارع بينما يبدع كل من هال هولبيرك و كاثرين كيننر ، الفيلم عرض عام 2007 ونال نجاحاً كبيراً تحول من بعده أميل هيرش إلى أحد أكثر النجوم الشباب المطلوبين وأثبت حضوره فوراً بالفيلم المثير للجدل ميلك عام 2008 وهذا العام يشارك بفيلم إنغ لي المرشح لسعفة كان الذهبية Taking Woodstock وهو الآن يستعد للقيام بدور هملت، الفيلم نال جائزة الغولدن غلوب كأفضل أغنية وترشيحات لدى نقابة المخرجين والممثلين والكتاب وترشيحين في الأوسكار كأفضل مونتاج وممثل مساعد لهولبيرك .... 
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق