RSS

No Country for Old men - 2007


لدي شعو سيء حيال هذا
-
حقاً ... أنا لدي شعور جيد ... هذا يعني التعادل .. هل سبق أن شاهدت مجرم يقرأ بريد ضحيته قبل قتله ؟ هل سبق أن شاهدت شرطي يتحدث عن نحر الأبقار وهو يحقق بمجزرة ؟ هل سبق أن شاهدت شخص ضمن مطاردة سيارات عنيفة يكترث لتعديل مرأة سيارته ؟ هل سبق أن شاهدت شخص يشرف على الموت وبدل أن يطلب المشفى يفاوض على شراء سترة وبيرة ؟ هل سبق لك أن فكرت أن حياتك ثمنها هو لعبة مراهنة بقطعة نقود ؟


Best 10 Movies - 2007
No Country for Old Men
The Diving Bell & The Butterfly
In To The Wild
American Gangster
Sweeney Todd: The Demon Barber of Fleet Street
3:10to Yuma
ATONEMENT
Ratatouille
Death Proof
Zodick
هذه أشياء لا نشاهدها إلا عند الكوينز (إيثان وجويل كوين) أحد رواد التجديد والعبثية في السينما الحديثة بالإضافة إلى تارانتينو طبعاً، أفلامهما تحظى دوماً بترقب جماهيري ونقدي واسع، صحيح إنهما لم يقدما شيء يستحق الذكر منذ رائعة عام 1996 ((Fargo ولكن فيلمها الجديد No Country for Old men أعادهما إلى طليعة المخرجين عالمياً، هناك تشابه بين فيلمهما هذا وفيلم Fargo بلدة نائية معزولة عن الحضارة وجريمة – أو سلسلة جرائم – تتطور آثارها حتى تمس الجميع في البلدة، الفرق بين الفيلمين ليس فقط الانتقال من بلدة فارغو ذا الطقس الشتوي الثلجي البارد إلى صحراء تكساس الحارقة بل هناك فرق جوهري ومهم بين الفيلمين وهو إن No Country for Old men أفضل من Fargo ، نعم أفضل من Fargo بكل شيء ، أنا بصراحة لست من عشاق الكوينز وأشعر دوماً بوجود مبالغة حول Fargo وحول اعتباره من أفضل 100 فيلم انتجته السينما في القرن الماضي وكنت أتوقع وجود مبالغة أيضاً حول عملهم الجديد هذا لذلك لم أشاهده بآمال عالية، ولكن مع كل مشهد متقدم كنت أزداد قناعة إن هذا العمل هو من أفضل ما انتجته السينما في السنوات الماضية بل حتى إنني أحب أعتباره Pulp Faction الألفية الحديثة (رغم انتفاء الشبه ولكن لا أعلم لماذا وأنا أشاهد هذا الفيلم ذكرت رائعة تارانتينو الكلاسيكية) .
مجرم مهووس بالقتل ، شرطي عجوز يطارده ، شخص بسيط قاده القدر ليدخل ضمن جحيم حرب مخدرات العصابات المكسيكية شخصيات يعشق الكوينز تقديمها ويبدعان برسمها ويقدماها ضمن عمل يوحي إليك إنه أحد أساطير الوسترن الأمريكي ولكن ضمن قالب العصر الحديث ، هناك إبداع واضح بنقل أفلام الوسترن بتقليديتها وأصالتها إلى تكساس ثمانينات القرن الماضي ويصيغون العمل ضمن واقعية صرفة تجعل المشاهد يشعر إنه جزء من العمل وأنه كالشخصية الرئيسية يحيط الخطر فيه من كل مكان لدرجة إنه لا يستطيع أن ينام ، مشاهدة العمل تشعرك إنك تتنقل ضمن فصول راوية مشوقة ممتعة لا تريدها أن تنتهي ، الكوينز لا يكتفيان بل يقدمان بعملهما هدية مجانية للمشاهد ، هما يعيدان بإبداع ترتيب خريطة سينما الإثارة ، يصنعان عشرات اللحظات المثيرة المشوقة بالعمل التي تجعل شعر بدن المشاهد ينتصب خوفاً وفزعاً وذلك من خلال إبداعهما باختيار زواية التصوير والتحكم بدرجات الإضاءة والمونتاج الذكي وتسخيره لصنع تمهيد عبقري للحظات الجريمة يجعل قلب المشاهد يوشك على التوقف ثم يصدمان المشاهد بمشهد إجرامي واقعي صرف مخيف وعنيف جعلني أتأكد إن إنجاز الكوينز البصري هنا هو أفضل ما قدموه من الناحة البصرية على الإطلاق على طول تاريخهم. الكوينز لا يكتفيان بصنع أفلام لمجرد تقديم شيء جديد لسينما ومحاولة العبث بأساسيات السينما والتمرد عليها بل هما يقدمان قيم وأفكار هامة ربما لا تكون واضحة بأفلامهما السابقة بالشكل الذي ظهرت عليه هنا ، العمل يكاد يكون مرثية ترثي الغرب الأمريكي القديم وتبكي على أطلاله وتبكي على القيم التي قامت عليه الدولة التي تدعي حماية الديمقراطية، فها هو (ليلوين موس) المحارب السابق في فيتنام يقيم في عربة مهترئة قذرة ، و (إد توم بيل) شريف القرية الذي ورث هذا النصب عن جده أصابه السآم من الواقع الذي تغير بشكل غريب وسريع وغير مريح فكيف من الممكن لمجرم متوحش كـ(أنتون شايغور) أن يتجول في الغرب دون أن يوقفه أحد ، (لا بلد للرجال العجائز) اسم الفيلم يدل على فكرته الرجال العجائز الذين خدموا بلادهم بشتى الطرق ها هم الآن وعائلاتهم يشعرون إنه لا مكان لهم فيه إلا في عربات مهترئة قذرة بينما تجار المخدرات يعيشون حياة السلاطين، عبقرية الكوينز إنهم لا يقدمون هذه الأفكار بطريقة مباشرة بل يجعلان المشاهد يلمسها مع نهاية العمل حيث تجعله يتساءل هل تساوي حياة الإنسان مليوني دولار أم إنها تساوي مجرد قطعة نقدية واحدة بلعبة مراهنة فكرة مخيفة جداً.
الكوينز يتفنان برسم الشخصيات عملهم يرسمان الشخصيات بأسلوبهما المميز والمشوق، شخصيات غير منطقية وردود أفعالها غريبة جداً وغير تقليدية، فنحن نرى ليلوين موس يتجول في ساحة مجزرة بين الجثث وكأنه يتجول في متجر يأخذ أسلحة ومليوني دولار ويذهب ثم يعود ليلاً بعد أن تذكر إن هناك شخص ما زال حياً وقد طلب منه ماء، وعلى ناحية أخرى هناك الشريف إد توم بيل لا تلفت نظره المجازر التي تقع بينما يشد انتباهه خبر قرأه في الجريدة عن شخص ركض عارياً وهو يضع طوق كلب، في حين إن أنتون شايغور يفجر سيارة حتى يشغل الناس في المتجر ليتمكن من سرقته، هذه مشاهد وغيرها الكثير لا أحد يجرأ على تقديمها سوى الكوينز اللذان يبدعان بإظهار مفارقات الحياة فخطأ أحدهم بإصابة هدفه برحلة صيد يقوده إلى كارثة، وإمرأة ينقذ حياتها صوت المرحاض (أجلكم الله) وأخر تنقذه مراهنة بقطعة نقود، وبالمقابل ثلاثة أشخاص يقتلون لمجرد إنهم كانوا جيران للشخص الخطأ، كارسون ويلز نراه يقنع ليلوين موس إنه لن يستطيع مفاوضة أنتون شايغور على مليوني دولار، ولكن حين يقع بين يديه نراه يفاوضه بيآس على أثنا عشر ألف دولار لينقذ نفسه، وفي النهاية نرى ذلك المجرم الجزار الذي أسقط العشرات طوال العمل لا يستطيع حماية نفسه من حادث سير أصابه حين شرد قليلاً، يالهذا العالم الموحش الذي يفرض على الشخص أن يبقى متيقظاً وإذا غفل للحظات قليلة قد تصيبه كارثة. رغم التفنن البصري الذي يقدمه الكوينز بعملهم هذا ولكنهم لا يهملان النص والحوار تحديداً حيث هناك حوار مذهل جداً يؤكد على مكانة الكوينز كأفضل كتاب السيناريو :
-
هل ستقتلني ؟
-
هذا يعتمد على هل رأيتني جملة واحدة بسيطة أمام بحر من الجمل الرائعة التي قدمها الكوينز بعملهم المذهل جداً. إخراج الكوينز هنا في قمته بين ما قدموه خلال تاريخهم كله هناك تفنن مذهل برسم مواقع التصوير وتفاصيل المكان وتفاصيل الشخصيات وهناك تفنن مبهر بالتصوير يعيدان إنجاز إنغ لي في جبل بروكباك حيث يحولان صحراء تكساس إلى لوحات بصرية رائعة ويمزجان بينها وبين مشاهد إجرامية مروعة ومخيفة عدا العبقرية اللامحدودة بصنع مشاهد الإثارة المشوقة جداً. فيلم كـ(No Country for Old men) كان من الممكن أن يتحول إلى فيلم أكشن عادي وبأحسن الأحوال إلى فيلم إثارة ممتاز مع أي مخرج عادي، ولكن تحت قيادة مخرجان بعقلية الكوينز يتحول إلى شيء مختلف ، إلى تحفة سينمائية إن صح التعبير ، تحفة بصناعة الواقع، ليس فقط الاعتناء بتفاصيل المكان وأشكال الشخصيات بل أيضاً من خلال التركيز على الجانب الإنساني للشخصيات، فليلوين موس ليس الشخصية الخارقة التي تصرع العشرات ، إد توم بيل ليس المحقق العبقري الذي يلتقط أضق التفاصيل من مسرح الجريمة، أنتون شايغور ليس مجرماً تقليدياً أنيقاً وجذاباً وعبقرياً، هذه الشخصيات مأخوذة من الواقع أفعالها متوقعة وردات فعلها منتقية ومأخوذة من الواقع، والأهم الذي يقدمه الكوينز هو تركيزهما على الطابع الإنساني للشخصيات فهي ليست مضادة للرصاص كما في الأفلام المشابهة بل هي تصاب وتنزف وتتألم، عدا اتباعهما لأسلوب واقعي مذهل بتصوير المعارك والاشتباكات.
الكوينز لديهم طقم تمثيلي مبهر جداً ، جوش برولين بدور ليلوين موس قدم أداء جميل جداً وجذاب وصارم ، الممثل الذي ظهر بدور رائع صغير بفيلم ريدلي سكوت الرائع (رجل العصابات الأمريكي) لديه مساحة واسعة هنا ليعبر بإبداع عن شخصية ليس لها شيء لتخسره، أما توم لي جونز بدو إيد توم بيل فهو يقدم شخصية الشريف الصارم التقليدي بإبهار ، هو يتمتع جداً بأداء هذه الشخصية ويؤديها بتفنن وعفوية رائعة يقنعنا بكونه هذا الشخص المتمسك بتقاليدالغرب وأصالته هو لديه مساحة واسعة بنهاية العمل ليقدم إنفعالات عبقريةجداً يعبر فيها عن خيبة آمله بضياع كل قيمه وكل مبادئه وبسخطه على الواقع الذي تغير وأختلف، وودي هاريلسون بدور كارسون ويلز يقدم أداء صغير وجميل جداً. الإبداع الحقيقي بالعمل يأتي من الإسباني المبدع (خافيير بارديم) بدور أنتون شايغور ، هو رائع كيف يظهره بذلك الشكل الوحشي إنسان سيطرت عليه غريزة القتل وشهوة الدم، يحافظ على صرامته وقوسته طوال العمل بشكل مخيف جداً يرهب المشاهد ويفزعه هو مزيج من صرامة أرنولد في Terminator و وحشية هوبكنز في صمت الحملان ورهبة كايزر سوزي في المشتبهون الاعتياديون، لا يمكنني نسيان ظهوره الأول وهو يقتل شرطي، (بارديم) يظهر كشخص لديه حاجة لا يمكن إشباعها سوى بالقتل كالمدمن الهائج المحتاج للمخدرات، باعتقادي لولا أداء بارديم لفقد الفيلم الكثير من قيمته. فيلم No Country for Old men ينتهي دون أن نعرف مصير العديد من الشخصيات حيث الكوينز يصران على إن الفيلم جزء من الحياة الواقعية التي لا يحدها فيلم سينمائي حيث الشخصيات بدأت حياتها قبل قصة العمل واستمرت بعده.
-
لقد وعدت بأن أقتلك .
-
وعدت ؟
-
نعم وعدت زوجك
-
وعدت زوجي بأن تقتلني هذا غير منطقي من كان يتوقع إنه سيشاهد عملاً تقليدياً اعتيادياً وهو يشاهد رائعة الكوينز فهو مخطأ هو عمل غير تقليدي إطلاقاً وربما – بل بالتأكيد – لن يعجب العديد ممن يشاهدونه إذا توقعوا إنهم سيشاهدون عملاً تقليدياً ، فإذا كنت تريد الاستمتاع فتأكد إنك لن تشاهد عملاً تقليدياً

0 التعليقات:

إرسال تعليق