RSS

jerry maguaier - 1996


جيري ماغواير يعمل وكيل أعمال لأبطال الرياضة ..... طرد من عمله فأسس شركة إعلانات صغيرة لوحده وبالاعتماد على موظفة واحدة الأرملة دورثي وبالاعتماد على زبون واحد هو الرياضي الغريب الأطوار (روب تيدول) ......

في النظرة الأولى نرى فيلم كوميدي من العيار الثقيل لا يختلف بطرافة قصته عن الأفلام الكوميدية الشهيرة الأخرى كقصة (قابل الأهل) رجل ضعيف الشخصية يتقدم لخطبة ابنة عميل سابق بالمخابرات وأول ما يقوم به والد خطيبته تعريضه لاختبار كشف الكذب ، أو قصة فيلم كوميدي شهير أخر (كاذب كاذب) محامي شهير يعتمد بنجاح عمله على الكذب ويخسر موهبته هذه ليوم واحد ويبدأ كل عالمه بالانهيار مع انهيار أكاذيبه .... حسناً إذاً لماذا جيري ماغواير هو الفيلم الوحيد الذي نال ترشيحات للأوسكار بكامل فروعه تقريباً ما عدا أفضل مخرج وممثلة؟؟؟؟ ، بل ولماذا كان أيضاً من المرشحين بين 400 فيلم ليدخل ضمن قامة أفضل فيلم 100 أمريكي كلاسيكي القائمة التي ضمت العراب بجزئيه وعديم الرحمة والثور الهائج وفورست غومب والقيامة الآن وذهب مع الريح وكازبلانكا وسائق التكسي والمواطن كين؟؟؟؟ ما الذي يميز جيري ماغواير عن غيره من الأفلام الكوميدية الشهيرة حتى ينال كل هذا الاهتمام ويصبح تقريباً بمستوى الأفلام العظيمة تلك؟؟؟؟


الجواب ببساطة لأن فيلم جيري ماغواير هو ليس كأي فيلم كوميدي أخر هو أعمق وأكبر من أن يكون فيلم كوميدي بل هو فيلم عن الحياة الأمريكية الحديثة عن المادية التي باتت تحكم المجتمع الأمريكي و كاميرون كرو يواجه المادية الأمريكية من خلال موضوع بعيد كل البعد عن الشركات والمصانع والبورصة وهذا الموضوع هو الرياضة، حيث يبدأ فلمه بصوت جيري ماغواير (توم كروز) وهو يتحدث عن الرياضة والمواهب الرياضية وكيف أن الرياضيين يبدءون كموهوبين يمارسون الرياضية لحبهم بها ولكن وعندما يحترفون يأتي دور رجال التأمين لتأمين العروض المناسبة لأولئك الرياضيين وإظهارهم بالإعلانات لجني أكبر مبالغ من المال لهم بالإضافة للعناية بصحتهم، ولكن مع كثرة العروض والأرباح وكثرة المال تكثر التزامات الرياضيين حتى تصبح الرياضة عبئً على محبيها ومصدر الإزعاج لهم لا مصدر المتعة والهواية ، ولكن بعضهم - وهذا الأسوأ- يصيبه الغرور نتيجة لكثرة أرباحه وانجازاته ويتكبر على معجبيه و محبيه وينظر إليهم نظرة السيد، أما الموظفين بشركات التأمين فقد أصبح المال وتأمينه هدفهم الوحيد والاعتناء بالرياضي ومستقبله الصحي هو أخر ما يفكرون به، جيري ماغواير كان واحداً من موظفي التأمين ، بل من الأساطير بهذا المجال ، عندما دخل هذا العمل كان كأي موظف شاب يريد أن يعمل ضمن المبادئ التي يفرضها العمل والتي تهتم بالدرجة الأولى بحماية حياة الرياضيين وتأمين مستقبلهم ولكن كثرة الزبائن والأعمال جعلته ينسى تلك المبادئ فأنحدر بدروب المادية ولم يصحا منها إلا في يوم راح فيه يرد على صحفيين يسألون وكيله حول تهمة اغتصاب فتاة، ثم جلس مع رياضي كبير أخر يتناقشان بالعمل فجاء طفل يريد توقيعه فرفض ذلك الرياضي لأن الدفتر الذي يحمل الطفل ليس غالي الثمن ، ثم موقف أخر عندما أصيب رياضي أخر فسأله أبن ذلك الرياضي هل سيترك أبي الرياضة ؟! وهو يتمنى ذلك حتى لا يتعرض والده للمزيد من الإصابات ولكن جيري جاوبه عزيزي ... لا تستطيع دبابة أن توقف والدك عن حب الرياضة، فقام ذلك الطفل بشتم جيري ، وفي الليل وبينما كان جيري يفكر بكل تلك المواقف التي كانت تتكرر معه كثيراً ولكنه لم يكن ينتبه له بذلك جاءته لحظة إنسانية لأجل أن تتوقف شركته عن تلك الممارسات اللا إنسانية من خلال خطة جديدة للعمل تعتمد على تخفيض عدد الزبائن .... ويقوم بطبع تلك الخطة ونشرها على كل شركائه ولكن لم يكن جيري يدرك بأن لحظة الإنسانية تلك كانت سبب بتخريب حياته حيث يطرده مديرو الشركة فيقرر جيري الانتقام من خلال تأسيس شكة خاصة به تعمل بالسياسة النبيلة التي رسمها، وراح يحاول جذب كل العملاء السابقين الذين كانوا يعملون لشركته ولكنه لا يستطيع أن يجذب سوى عميل واحد هو الرياضي الأسود العنيف الغريب الأطوار روب تيدول ثم يحاول جذب الموظفين الأصلين ليعملوا لديه ولكنه لا يجذب سوى موظفة واحدة هي الشابة الرومانسية الأرملة دورثي وقبل ذهابها تكون الشركة بحالة صدمة بسبب طرد جيري وقراره الجديد بالانتقام فيقول جيري لدورثي خلال ذهابهما فلنرى كيف سيستطيعون العمل بدونا وحالما يقول جيري تلك الكلمة تعود الشركة إلى العمل بشكل نشيط ومفاجأ كآلة توقفت جزئياً ثم عادت وعملت بواحد من اللقطات الطريفة العديدة التي قدمها كاميرون كرو بعمله الممتع هذا، ويبدأ جيري مع موظفته الوحيدة وعميله الوحيد حربه اليائسة ضد شركته الكبيرة تلك .

عندما شاهدت العمل لأول مرة شعرت بلمسة جيمس لبروكس بالعمل وتوقعت أن يكون كاميرون كرو متأثر بلبروكس خلال أخراجه له، ولكن وعندما علمت اسم جيمس لبروكس بين منتجي العمل لم استغرب أن يكون قد قدم مساعدة لكرو بكتابة العمل وبالأخص رسم الشخصيات ، حيث أن هذا العمل يشبه العديد من أعمال لبروكس من خلال اعتماد الفلم على ثلاث شخصيات متناقضة أشد التناقض فنحن نرى :

جيري ماغواير : شاب ابيض وسيم وثري ومرح ومحبوب وأعزب يعيش لوحده بعد وفاة واليه يبحث عن الزوجة المناسبة له ليكون عائلة ويترك الوحدة التي هي أكبر مخاوفه وهمه الأكبر هو تحقيق أكبر ربح مادي على الأقل ببداية العمل ولكن وفيما بعد يصبح همه الأكبر الصعود من هاوية الفشل .

دورثي : شابة بمقتبل العمر ، فقيرة تعيش مع أختها، أرملة لديها طفل وحيد هو أغلى ما ليدها هي الأخرى تبحث عن النجاح والحياة الكريمة والحب ..

روب تيدول : شاب أسود ، يعيش مع عائلته كاملةً زوجته وأولاده وأخوته وأولادهم وزوجاتهم، رياضي بذيء اللسان غريب الأطوار همجي ، ورغم أنه رياضي ضخم إلا أنه ليس محبوب من الإعلاميين وزملائه الرياضيين أو الجمهور بسبب غرابة أطواره وطرافة طباعه هو على وشك الاعتزال ويريد بنهاية الاعتزال شيء يساعده على إعالة أولاده وعائلته بعد اعتزاله وهذا الشيء الذي يريد أن يخرج منه هو عقد بـ 11 ملايين دولار ولكن كيف سيخرج بهذا العقد والنادي الذي يلعب فيه يريد حجة ليتخلص بها منه ومن شغبه ؟؟؟ وهنا يأتي دور جيري ماغواير.

ويتابع كاميرون كرو السير على نهج جيمس لبروكس بتقديم قصة الحب بين جيري ماغواير ودورثي التي نشأت منذ المشهد الأول في الفلم ، حين تكون دورثي وأبنها بالطائرة وبالصدفة يكون معهم جيري بنفس الطائرة ويبدأ جيري بالحديث مع احد أصدقائه كيف تقدم لخطبة أحد الفتيات بطريقة شديدة الرومانسية ، دورثي كانت معجبة بوسامة جيري ولكنها الآن أصبحت معجبة برومانسيته أيضاً، ثم يضيع أبنها بالمطار فبقوم جيري بمساعدتها وتتفاجأ عندما تتدرك بأنه يعرف اسمها وماذا تعمل وبعد محادثة صغيرة تعجب دورثي بذكاء جيري وطرافته، ولكن وبعد أن ينشر خطته الجديدة للعمل تصبح معجبة بأفكاره فتترك العمل في الشركة الأصلية وتتجه لمساعدته بعمله الجديد رغم أنه ليس مضمون مئة بالمئة وهي بأمس الحاجة للمال، في حين أن جيري يجعل من دورثي متنفسه الوحيد من الوحدة التي كان يخشاها فتنشأ بينهما علاقة صداقة جميلة وتتجه المراكب كما تشتهي دورثي نحو الحب، بالأخص بأن جيري تعلق بها وبولدها الرائع جداً بطرافته.

الطريف بالنص الذي قدمه كاميرون كرو هو واقعيته ، فدورثي تندم على تلك الخطوة المفاجئة التي قامت بها وهي مؤازرتها لجيري وكذلك الوكيل الوحيد روب توديل، ولكن إيمان دورثي بما يفعله جيري وثقة دويل به يدفعانهما للاستمرار، والطريف أكثر هو أن كاميرون كان يريد أن يقدم بصمته الخاصة بخلال هذا الفلم فراح يبتعد رويداً رويداً عن نهج لبروكس الرومانسي ليسلط الضوء بشكل أكبر على كفاح جيري وتحوله من شخص رأسمالي كمايكل دوغلاس في وول ستريت إلى غريمه بنفس ذاك الفلم شارلي شين رجل الأعمال صاحب الأخلاق، فراح كرو يعرض بأسلوب كوميدي بحت راقي نزاع جيري مع كبار الشركات ونضاله إلى القمة من نقطة الصفر وحالات الانهيار واليأس التي أصابته ووصوله لمرحلة الاستسلام وعدم الثقة بما يناضل لأجله ولكن يستمر بمسعاه لأجل دورثي وروب اللذان وضعا ثقتهما به واللذان وجد بهما جيري ما كان يحلم به ، حيث وجد العائلة عند دورثي ووجد الصداقة الحقيقية عند روب بعد أن كانت كل صداقاته السابقة مبنية على الرياء والكذب والمصالح المادية .

ويركز كاميرون على علاقة الصداقة بين جيري وروب والتي يصفها جيري خلال العمل (ساعدني ..... لأساعدك) فجيري يريد مساعدة روب للحصول على عقد بأحد عشر مليون دولار ولكنه لن يستطيع بدون أن يغير روب بعد الصفات السيئة والتي تجعله خارج موضع ثقة المدربين، ولكن الصداقة تطور بينهما فتنمو بينهما صداقة عميقة فجيري يحتاج لمساعدة روب ببناء حياته العاطفية الجديدة مع دورثي كونه عاش علاقة حب حقيقية انتهت بالزواج في حين أن جيري لم يعش ولا قصة حب فكل من أحبهم كان حبهم له مزيفاً وكاذباً مبني على المصالح وكانوا يخدعونه ويقنعونه بأنه جيد جيداً في حين كانوا يتحدثون بالخفاء عن عيوبه الكثيرة والتي ظهرت خلل فيلم تصورته صديقاته السابقات عنه بمناسبة زفافه الأول، وبالمقابل فإن جيري يساعد روب على تخطي العديد من صفاته السيئة السابقة كالنزق والشجار والشغب وعدم إطاعة مدربي الفريق وغير ذلك .

حوارات العمل دلت على ذكاء كبير من قبل كاميرون كرو، لا عجب أن هذا المخرج نجح بنيل أوسكار أفضل سيناريو عن فيلمه الأروع المبني على تجربته الشخصيةAlmost Famous فهو برأي أفضل كاتب سيناريو ينجح بتقديم المأساة بصورة كوميدية بحتة، أسلوب رسمه للشخصيات وبالأخص شخصية روب تيدول نم عن موهبة كبيرة ، حوارات الفلم ولا سيّما حوارات جيري ماغواير وروب تيدول ببداية العمل وصراخ جيري المجنون (أرني المال!!)، كاميرون كان ناجحاً بتسليط الضوء على المادية الأمريكية وعلى تعقيد العصر الحديث بهدة جمل ، كتقديم توم كروز للعمل ، وجملة دورثي لولدها بالطائرة حين سألها عن الحجرة المرفهة : (هذه الدرجة الأولى .... كانت تعني وجبة طعام أفضل ..... ولكنها الآن تعني حياة أفضل ) ، كاميرون كرو نجح باختيار زواية التصوير وإدخال العديد من المشاهد الكوميدية الطرفية على الأحداث ولكن دون ابتذال كمشهد طرد جيري، من الغريب إن كاميرون لم يلقى إلى حد الآن احترامه كمخرج فهوليوود تعده إلى حد الآن كاتب جيد ومخرج لا بأس به.

الآداء بالفلم كان مذهلاً توم كروز خلق ليؤدي دور جيري ماغواير ، لا يمكنني أن أتخيل أبداً ممثل أخر مكانه في الدور، فشعرت بان توم لا يمثل بل هو يعيش حياة جيري، شخصية جيري تميزت بأنها تعشق الاستعراض أي التعبير عن الحالة الداخلية بتصرفات خارجية فعندما يحتفلون بعيد ميلاده يتظاهر جيري بأنه أصيب بنوبة قلبية وعندما يطرد من الشركة يقول كلمته الأخيرة للموظفين (تتوقعون بأنني سأفقد عقلي ...) ويبدأ بالقيام ببعض حركات المجانين خلال قوله هذه الكلمة، وعندما يتشاجر مع روب يبدأ بملاكم الهواء وهذا الشيء جعل كروز مستعداً ليطلق طاقاته بالكوميدية فأبدع فعلاً ولولا وجود جيفري راش وأداءه الخارق لدور عازف البيانو المعتوه لكان الأوسكار من نصيب كروز، استغرب من الكثيرين في المنتدى الذين يعدون توم كروز ممثلاً سيئاً رغم أنه أبرز نفسه كممثل ممتاز بالعديد من الأفلام منها هذا الفلم بالإضافة إلى العديد من الأدوار التمثيلية الرائعة، دور الأخ الانتهازي في رجل المطر (استغرب عدم نيله ترشيح لجائزة أفضل ممثل مساعد عن الدور) ودور معاق الحرب في المولود في 4 جولاي ودور المحامي الشاب في بضعة رجال جيدون ودور مصاص الدماء المجنون في مقابلة مع مصاص الدماء ودور الأبن العاق في ماغنوليا ودور القاتل المأجور في كولاترال ودور الأب المستهتر في أخر روائع ستيفن سبلبيرغ حرب العالم، ولكن مع ذلك نرى له أدوار سيئة كأدواره في مهمة مستحيلة 1 و2 والمسدس المتفوق وكوكتيل والوكيل، أما باقي أدواره فهي بين جيدة والجيدة جداً.

كوبا غودينغ جونيور أدى بالعمل دور روب توديل وهو الدور الذي غير حياته، كوبا كان مناسباً تماماً لدور الرياضي الأسود المشاغب، أداءه كان شديد المرح والمتعة وتمكن جونيور من تخطي حدود الدور ليظهر معاناة تيدول بشكل درامي ، فتيدول ناقماً على الجميع هو أفضل من العديد من الرياضيين ولكن الاهتمام ينصب على الرياضيين الراضيين للإعلام لا عليه رغم أنه أفضل منهم، راقب نظراته حين يدخل على قاعة رياضية ويرى كل الصحفيين متجهين إلى رياضيين عاديي المستوى وهو يقف وحيداً ، جونيور استحق الأوسكار عن دوره رغم أنني كنت أفضل بالدور ويل سميث كان الاخر ليكون مذهلاً به ولكن المشكلة بان سميث كان خلال عرض الفلم مازال ممثلاً هاوياً يشق طريقه بعالم الغناء والمسلسلات التلفزيونية ولو أن الفلم أنتظر سنتين ليعرض لكان الدور من نصيب سميث

ريني زيلوغير تغيرت حياتها أيضاً بعد دورها بهذا الفلم فأصبحت أخيراً مشهورة بعد سنوات عديدة من التجاهل ، ريني تابعت مسيرتها بعد هذا الفلم بأفلام بعضها كان من نفس النوعية كوميدي رومانسي كالأعزب ويسقط الحب  وسلسلة بريدجت جونز، وكان لها أيضاً عدة أدوار أخرى جيدة دور عاشقة المسلسلات التلفزيونية في الممرضة بيتي وعازفة الجاز في شيكاغو ودورها الذي أكسبها الأوسكار كفتاة ريفية قوية في الجبل الباردللمخرج أنتوني مانغيلا وبمشاركة نيكول كيدمان وجود لو .

0 التعليقات:

إرسال تعليق