RSS

A Beautiful Mind - 2001


هناك أفلام تخرج منها بمذاق رائع تبهرك لدرجة إنك تخشى أن تعيدها حتى لا تظهر فيها عيوب المشاهدة الثانية وتضيع بهجة العمل ومن هذه الأفلام عقل رائع ، عمل رائع لدرجة السحر ... لدرجة الصدمة .... يبقى في ذاكرتك حتى لو مضت على مشاهدته سنين ولا تعيده حتى لا تعكر صفاءه ولكن الشوق غلاب وفي نهاية الأمر فيلم مثل عقل رائع لا يمكن أن يمر بمشاهدة واحدة ستعيده عدة مرات دون أن تتعكر صفاء المشاهدة الأولى لأن ما يقدمه هذا الفيلم من سحر حقيقة وليس مجرد بهرجة وخداع كغيره من أفلام شهيرة ....
سيرة ذاتية مختلفة ضمن صناعة مختلفة ... عمل جريء وبسيط ومؤثر ولكن على درجة عالية من الإتقان .... عمل لا يدخلنا فقط بالجحيم الذي عاشه عبقري الرياضيات جون ناش مع الشيزوفينيا بل يقدم لنا العديد من المواضيع والتساؤلات عن الحب والمسؤولية والخيط الرفيع بينهما وعن العبقرية والجنون والخيط الرفيع بينهما ويعالج مواضيع أخرى عديدة عن الطموح والقوة والإرادة  والمنافسة وعن الجنون الذي يجتاح العالم كله ولا يقتصر فقط على شخص واحد ...
في هذه الحقبة الزاخرة بأفلام السير الذاتية المبهرة كالطيار وكابوتي وراي ومشي الخط وآخر ملوك اسكتلندا ورجل العصابات الأمريكي وساندرلا مان وغيرها يبدو فيلم عقل رائع أفضلها وأعمقها وأكثرها جمالاً وإمتاعاً، عمل قدم أسلوب جديد بصناعة أفلام السير للذاتية وجعل صناع السينما ينكبون على صناعة هذا النوع بعد عرض الفيلم بشكل غريب وبجرأة وأسلوبية مستوحاة من هذا العمل ولكن إلى حد الآن لم يستطع أي فيلم أن يجاري عقل رائع بروعته حتى الطيار رغم كل الفن والإبهار الذي قدمه سكورسيزي فيه ولكن هاورد هنا يقول كلمته – رغم إن الكثير من أفكار مارتي كانت موجودة بهذا العمل ومستخدمة بشكل صحيح – إن ما يجعل رون يتفوق بهذا العمل ويطبع فيه بصمة الكلاسيكية مبكراً أشياء عديدة ولكن أهمها قدرته على تحطيم الحواجز بين الشخصية والمشاهد وجعل المشاهد يعيش مع الشخصية ويتفاعل معها ويتأثر بها ....
العمل يسير على خطين متقنين خط بداية ظهور المرض عند جون ناش وتطوره وفي نفس الوقت تحليل لنفسية جون ودراسة محيطه للوصول إلى أسباب هذا المرض وذلك بمنتهى البساطة والعفوية والبعد عن التكلف يبدأ العمل بمشهد لجون ناش وهو في أول سنة دراسية له في بداية الأربعينات للتحضير لرسالة الدكتوراة الخاصة به بالرياضيات هناك يستمع لمحاضرة عن أهمية علم الرياضيات وإنها ليست مجرد علم حسابي بل سلاح من الممكن استعماله في مواجهة الخطر الشيوعي والتفوق عليه كما استعملته أمريكا في الحرب العالمية الثانية وتفوقت من خلاله على دول المحور، ثم ننتقل لنرى ناش في الحرم الجامعي يحاول الاختلاط بمن حوله ولكن خجله وضعفه بآداب اللياقة الاجتماعية والبروتوكول يجعله عاجزاً عن العثور على صداقات ويوقعه بمواقف محرجة ونتعرف عليه أكثر كعبقرية رياضية نال بعثة دراسية لمتابعة بحوثه في أكبر جامعات أمريكة رغم فقره ويحمل طموحاً كبيراً بصنع إنجاز ... إنجاز غير تقليدي ..... إنجاز يجبر الجميع على الاعتراف بعبقريته .... إنجاز يغير به وجه العالم، الفيلم يقتحم بجرأة ومباشرة وبساطة عوالم ناش النفسية يقدم لنا ما وراء تلك العبقرية من خجل وضعف شخصية وغرور وعدم ثقة بالآخرين وعدم قدرة على الاندماج ناش يتحدث عن نفسه يتذكر ما قالته له معلمته بالمدرسة إنه ولد بعقلين ونصف قلب ، فهذا الشخص العبقري عن جدارة تقف عبقريته حاجزاً عن التواصل مع الآخرين فأفكاره مختلفة وطريقة تعاطيه مع الأمور مختلفة هو يستطيع الوصول إلى نظريات رياضية من أدق التفاصيل ولكنه لا يستطيع فهم من حوله ومن حوله يعجزون عن التواصل معه والتأقلم مع غرابته مما يجعله يعيش في عزلة بسبب عبقريته فيكرهها ويحبها ولكنه يقرر جعلها وسيلة ليجبر الجميع على احترامه والاعتراف بذكائه من خلال سعيه لإنجاز لم يحققه أحد ....
ناش يصر على غرابته وغروره حين يقرر الابتعاد عن المناهج التقليدية والعمل بشكل مستقل لتحقيق إنجازه يشعر بنفسه أعلى ممن حوله ويثق بأنه سيتفوق عليهم جميعاً ولكن بالمقابل يصدم بأنه لا يستطيع تحقيق هذا الإنجاز أو الوصول إلى فكرة بسيطة عنه بينما أصدقائه يتقدمون، ناش لا يستطيع تحمل الهزيمة وهو الذي انهار حين خسر بلعبة الضامة كيف سيستحمل أن يفشل بالنجاح بدراسته وهو أكثر عبقرية من الجميع ناش يرى حلمه يبتعد ذلك الحلم المجسد بتكريم أحد العلماء في مقهى الكلية بعد باع طويل من العمل ذلك الحلم الذي يمثل لناش (التقدير) يبتعد ولا يعثر على أحد يساعده ويقف معه سوى تشارلز زميله في السكن وصديقه الوحيد المميز الماجن عاشق السهر والخمر وغير المكترث بشيء والمستعد لسماع ناش ومساعدته والوحيد الذي يقدره ، تشارلز ذاك يمثل كل ما يحلم ناش أن يكونه ولا يستطيعه بسبب عبقريته ويمثل الصديق الذي يحلم أن يكون معه، ذاك الشخص الذي يعبر له ناش عن العديد من مكنوناته دون خجل ومن خلال حواراتهما نتعرف على خفايا ناش وماضيه وعقده النفسية، ذاك الشخص لم يكن بالحقيقية سوى وهم من نسيج عقل ناش، الناش الذي ظهرت معه هلوسات تحولت إلى شيزوفينا بسبب ما يعانيه من وحدة عاطفية وعدم تقدير وتفهم مما حوله بسبب عبقريته فنسجت تلك العبقرية ذلك الشخص الفريد من نوعه القادر على تقديم كل ما يريده ناش.
الهلوسة التي يعيشها ناش في الجامعة تتوقف برهة حين يقابل إليشيا التي استطاعت التواصل معه ومع غرابته بالأخص إنها هي الأخرى لا تختلف عنه غرابة ويظهر تشارلز في توقيت مناسب ليساعد ناش على اختيار قراره بالزواج بعد تخبط عاطفي طويل، ولكن الهلوسات عادت بشكل آخر ناش لا يكفيه كإنجاز في حياته أن يقدم بحث فريد من نوعه ينسف فيه أسس علم الاقتصاد ويصنع بداية جديدة له ، لا يكفيه أن يكون بروفيسور مخضرم ، لا يكفيه أن يستشيره البينتاغون ، ذلك الشخص الاستثنائي يريد إنجاز استثنائي يريد أن ينقذ العالم فأخترع شخصية باركر الأخ الأكبر ومؤسسة المخابرات – وهنا إشارة إلى أنه مع استمرار الوقت يزداد تعقيد مرض الشيزوفينا وخطورته فلم يعد يقتصر على صنع شخص واحد - ونسج من مخيلته تحدي خطير ومهمة حرجة عليه تنفيذها لينقذ العالم ويحقق إنجاز يعادل إنجاز موريس وإنشتاين ولكن الأمور تفلت من يده وينقلب السحر عليه ليكتشف فيما بعد أن كل شيء يعيشه خيال وأوهام وحتى يبقى في الواقع ولا ينغمس في الجنون عليه أن يتخلى عن عبقريته، ولكن أيها أفضل أن يتخلى عن عبقريته التي هي الشيء الوحيد الذي تشعره باحترام ذاته، أن لا يستطيع الاعتناء بابنه،  أن يفقد قدرته على التواصل مع زوجته، أو أن يبقى مجنوناً ، ناش أختار الجنون فجنونه يحقق له الاحترام  الذي يفتقده، ولكن هذا العبقري يحمل حلاً جديداً استثنائي هو يختار أن يسيطر على حياته أن يقوم بما يسميه حمية للعقل أن يسيطر هو على أوهامه وأن يتجاهلها ليدخل الفيلم بحبكة جديدة عن صراع ناش ضد أوهامه ليعود متألقاً ثانيةً ....  
إن ما يجعل هذا الفيلم برأي أفضل فيلم سيرة ذاتية  لهذه الحقبة هي أمور عديدة ، فرغم إنه يتحدث بشكل رئيسي عن معاناة ناش مع الشيزوفينا ولكنه لا يقتصر على هذا المحور هو يتعرض لنشأة ناش لنفسيته الخاصة يتبحر في وصف عبقريته ويقدم لنا رحلة بحثه عن إنجازه وتحقيق ذاك الإنجاز ، يرينا تفاصيل حياته دراسته صداقاته تدرجه على سلم المراتب الاجتماعية علاقاته العاطفية تعرفه على إليشا وتطور علاقتهما زواجه مرضه سقوطه عودته تكريمه حياة كاملة على مدة أربعين سنة أختصرها هاورد بساعتين دون أن يهمل شيء تقريباً – إلا تلك الشائعات عن شذوذه الجنسي وخيانته لزوجته وهذا يبدو غير منطقي بل ومتناقض – هنا مجدداً نرى عبقرية سكورسيزي كصانع أفلام مؤثر في التاريخ فالأفكار التي قدمها في أفلام السير الذاتية الخاصة به – وتحديداً الثور الهائج وصحبة جيدة ولاحقاً الطيار – من محاولته احتواء كل عناصر السيرة وتفاصيل حياتها كاملة والاعتماد بذلك على نقاط رئيسية وربطها والقفز من خلالها مع الاهتمام بالبناء النفسي للشخصية وماضيها وعقدها وتبرير تصرفاتها كلها أمور رسخها سكورسيزي في صناعة أفلام السير الذاتية ولكن ما قدمه هاورد في عمله شيء لم يستطع سكورسيزي تقديمه للأسف وهو صنع الرابطة النفسية بين المشاهد والشخصية كسر الحاجز بينهما وجعل المشاهد يندمج مع الشخصية ويتأثر بها، هاورد استخدم كل عناصره الفنية لذلك من تصوير شاعري ومونتاج هادئ وموسيقى مؤثرة وتمثيل مذهل من طاقمه ضمن أسلوبية مذهلة حيث كسر حاجز غرابة الشخصية وأرانا الوجه الإنساني للعباقرة وجعل المشاهد يدخل إلى عقل ناش وينظر إلى ما ينظر ويتحاور مع أشباحه، هاورد استفاد من هذه الميزة في النص ليصنع حيوية أسرة بعمله وإثارة غريبة على هذا النوع، شاهدت عقل رائع وأنا أعلم إنه عن عالم مصاب بالشيزوفينيا ولكن وأنا أشاهد العمل راودتني الشكوك وقلت لنفسي ربما يكون يتحدث عن حقيقة ناش وإنه لم يكن مصاب بأي مرض ولكنه تعرض لمؤامرة من المخابرات فأسلوبية هاورد الرائعة تنفي ذلك الخيط الرفيع بين الخيال والواقع ويجبر المشاهد على أن يدخل جحيم الشيزوفينا ويعيشه حيث كل لحظاته الجميلة والهامة ليست ضائعة أو منسية بل ليست موجودة من الأصل والممتع إنه عندما تعيد مشاهدة العمل وتركز في شخصية شارلز على سبيل المثال تدرك إن هاورد وضع رموز وإشارات خفية بالعمل تشير إلى أن شارلز شخصية خيالية وصداقة ناش به من نسيج عقله.
هذه الفكرة الرائعة استندت على النص المذهل من أكيفا غولدسمان الناجح بتقديمه لتفاصيل حياة ناش والبناء النفسي لشخصيته وعلاقاته بمن معه والإحاطة بكامل التطورات والتبدلات التي طرأت عليه في حياته والدخول إلى عقلية مريض الشوزيفينا والعبقري وتقديمها بشكل شديد البساطة مع لهجة حوار رائعة جداً ومتينة وأنيقة متناسبة مع الشخصيات ومركزها العلمي ...
رون هاورد أخرج عمله بأناقة رهيبة قد لا يكون يحوي إبهار بصري كمنافسيه على أوسكار 2001 ريدلي سكوت (هبوط النسر الأسود) و بيتر جاكسون (زمالة الخاتم) ولكن رون هاورد تفوق عليهم بقدرته على جعل فيلمه يصل إلى الجماهير بشكل رهيب جداً ويحقق معهم التعاطف مع محافظته على تقديم تفاصيل حياة ناش كاملةً وربط كل تفاصيله بحلقة واحدة ، رون هاورد صنع فيلماً هادئ بسيط شاعري عفوي التصوير في غاية الأناقة والمونتاج قادر على صنع حيوية رهيبة بالعمل ومشهد تصوير ناش يعمل متواصلاً على طول الفصول من أروع مشاهد العمل، هاورد قدم بيئة رائعة لعمله تنقل على مدى أربعة عقود وقدم تفاصيل تلك العقود بشكل وافي مع مكياج ممتاز جداً وأزياء رائعة، ولا أنسى الموسيقى والأغنية العذبة في العمل ، قد لا يكون هاورد مخرجي المفضل وكنت أتمنى أن أرى ديفيد لينش متوجاً بأوسكار 2001 عن فيلمه الغريب طريق مولهاند ولكن النتيجة التي قدمها هاورد في عمله تجعلني مقتنعاً باستحقاقه بالأخص إنه لم يتوقف عند حدود شخصية ناش بل قدم تصوير رائع لمدى الجنون الذي أصاب أمريكا في الخمسينات من الشيوعية ، قدم أفكار ملهمة عن العبقرية والأمل والطموح ، قدم علاقات إنسانية رائعة وفي غاية الشفافية قدم نزاع الواقع والخيال والجنون والعبقرية بشكل لم نره كثيراً في السينما ، أحببت فلسفة الحياة الإنسانية التي قدمها هاورد فناش الذي كان يبحث دوماً عن صديق وابتدع واحد في خياله في حين كان متجاهلاً طوال الوقت صديقاً واقعياً له مستعداً لمساعدته طوال الوقت هو هانسون وناش الذي كان يسعى لتحقيق إنجاز يغير العالم لم يكتشف إلا متأخراً أن نظريته في الاقتصاد غيرت العالم اقتصادياً وجعلت العالم الاقتصادي أفضل وأسهل ...    
أنا أحب دينزل واشنطن وهو من ممثلي المفضلين ولكن أن يفوز بأوسكار أفضل ممثل لعام 2001 على حساب راسل كرو عن هذا الدور فهذا أمر لم أصدقه إلى حد الآن ... كيف حدث هذا؟ .... ولماذا ؟ كرو بعد أن فاز بجوائز لم يفز بها حتى عندما نال أوسكاره الأول 2000 لا ينال الأوسكار، كيف يجري هذا بعد البافتا و الغولدن غلوب والساج ونقابة النقاد ثم يخسر الأوسكار، كارثة حقيقية منعت كرو من أن يكون ثالث من ينال أوسكارين على التوالي بعد سبنسر تريسي وتوم هانكس ومنعته من أن يكون الوحيد الذي فاز بأوسكارين كأفضل ممثل عن فيلمين نالا أوسكار أفضل فيلم سنتين على التوالي، هل حرمان كرو من أوسكار أفضل ممثل عام 2001 تعويض عن فوزه المثير الجدل عام 2000 أمام هانكس الذي كان قريباً ليحقق أوسكاره الثالث و أمام إيد هاريس الذي كان في أقرب مرة من حياته من الأوسكار، حتى لو كان ذلك صحيحاً فهذا غير منطقي فما قدمه كرو من روعة في الأداء تحطم كل المعاير حتى شون بين و دينزل واشنطن لم يكونا يستطيعا الوقوف أمامه رغم قوة أدائها في (أنا سام و يوم التدريب) – الفريد أن الثلاثة تنافسوا سويةً عام 1999 ولم يفز أحد منهما بالأوسكار حيث قال سبيسي كلمته والآن تشكيلة 1999 أربعة منهم معهم الأوسكار وثلاثة منهم مرتين- من المؤسف إن الأمر سيتكرر العام التالي حيث أدريان برودي سيسرق الأوسكار من دي لويس بشكل غير مستحق وضمن مجاملة غبية لليهود .
هل تريد أن ترى كيف يكون المصاب بالشيزوفينا شاهد راسل كرو في هذا العمل ، راسل كرو قدم أداء من النادر مشاهدته أداء يمر مرة واحدة في العام ويفرض نفسه مخلداً في الزمن حتى لو لم ييتوج بالأوسكار لا يقل قوة عن روائع هوفمان في كابوتي أو دي لويس في سيكون دم أو بارديم في البحر في الداخل وفوكس في راي أو أوتول في فينوس، أداء غير مفهوم تقمص فظيع للشخصية مزج بين براعة وصعوبة الأداء الخارجي وقوة الأداء الداخلي التلعثم و المشية وحكة الرأس وحركة اليد لم تكن تقليد بل كانت تعبير عن حالة داخلية تعيشها الشخصية ، حالة متناقضة بين الغرور والخجل بين العبقرية والجنون، بين تمسك بالعبقرية من باب الطموح للإنجاز وبين كره هذه العبقرية التي تقيده وهو الذي يكره القيود ويهرب منها، يمزج بين الحب والصدمة والعجز والكره للآخرين وعدم التأقلم معهم وصعوبة محاولته مجاراة المجتمع ، يعجبني كيف ينظر لتلاميذه كحشرات كيف يحاول أن يتقرب من فتاة بأسلوب غريب كيف يتلعثم وهو يعبر عن مشاعره لأليشا منتظراً صفعتها كيف ينهار بعد خسارته بلعبة الضامة ، كيف يتكلم لوحده عن نظرياته كيف يحاول التقاط حلول لنظرياته من أدق الأشياء، كيف يشعر أنه محاصر ومنهار، كيف يجلس عاجزاً في حديقة منزله وقد خسر كل شيء كيف يرتبك حين يدخل إلى قاعة الأساتذة وكيف يتلعثم وهو يتحدث مع ممثل جائزة نوبل ونظرته الرائعة عند استلامه الجائزة مشاهد تجبر العين أن تدمع وعيني لم تدمع من أجل أفلام سوى هذا و المصارع وعودة الملك ونهر غامض، كرو رائع كيف يساير الشخصية على مدة أربعين سنة يتقلباتها المختلفة يعبر عن الهزيمة

والسقوط وطموح العودة مجدداً رغم كل ما يتحداه وما يواجهه من مجتمع ليس مستعد لتقبله، أداء لم ينل الأوسكار ربما لأنه أكبر من الأوسكار...
جينفر كونللي مذهلة هذه الممثلة المقلة التي تعتمد الاختيار الدقيق لأدواره وهي تصيب بهذا وكانت هذه التحفة بداية سلسلة من الأعمال الهامة التي تألقت بها بشكل غير معقول (منزل الضباب والتراب و أطفال صغار والماسة الدامية) في هذا العمل تقدم أداء في غاية الاحترافية والعاطفية تلك المرأة الشهوانية الجريئة القوية الطموحة المتحدية الفريدة من نوعها التي تدخل في أكبر مأزق في حياتها حين تدرك إن زوجها يعيش في الوهم وعليها مساعدتها، كونللي مبدعة بضخ كمية من العاطفة والقوة في العمل تحرك الأحداث وتجبر المشاهد على التعاطف بطريقة شديدة العفوية والهدوء ...
إيد هاريس .... كم أعشق هذا الممثل رغم ما قيل عن أن كرو سرق منه أوسكار أفضل ممثل عام 2000 ها هو يظهر أمامه بدور ثانوي تحت إدارة رون هاورد مجدداً بعد أن سبق واجتمعا في أبولو 13 عام 1995 حيث نال هاريس أول ترشيح له للأوسكار ، هاريس رائع بإظهار شخصية رجل المخابرات بذلك الشكل النمطي التقليدي المطلوب للشخصية يظهر القوة والصلابة والعنجهية والتسلط المطلوب منه لا ينسى ....
جوش لوكاس بدور صديق ناش اللدود ممتاز هانسن، بول بيتني بدور تشارلز الخيالي جيد كرستوفر بلمير بدور الدكتور روزين جيد أيضاً ....
قد يكون العمل يحمل بعض الأمور السلبية على صعيد الرواية كإهمال علاقة ناش مع ابنه وتأثير مأساته على ولده و ضآلة مساحة دور إليشيا في نهاية العمل ولكن تلك الأمور لم تأثر على وحدة العمل وتماسكه وكونه من أفضل أعمال السيرة الذاتية على الإطلاق ....          
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق