RSS

Amélie - 2001


ذبابة زرقاء اللون، سرعة جناحيها تصل إلي 14.670 هزة فى الدقيقة، حطت على أرض شارع سان فنسنت. فى نفس الثانية، خارج المطعم، كانت الرياح تداعب المفرش.. مما جعل الكئوس ترقص دون أن يلاحظ أحد. و فى الوقت ذاته، فى الدور الخامس فى عمارة 28 شارع ترودان.. مسح إيوﭽين كولر إسم صديقه العزيز إميل ماﭽينو من دفتر التليفونات عقب عودته من الجنازة. وأيضاً، فى نفس الوقت، حيوان منوي يخص السيد رفايل بولان يحمل كروموسوم x وصل إلى بويضة السيدة بولان المعروفة بـ أمادين فويه.بعد تسع شهور ولدت فتاة..أميلي بولان !!!
لست من المتابعين أو المهتمين بالسينما الفرنسية ولكنني شاهدت فيلم أميلي بعد الشعبية المذهلة التي حظي بها، أحد أجمل الأعمال الرومانسية الكوميدية التي شاهدتها ومن أفضل الأعمال غير الناطقة باللغة الإنكليزية التي عرضت في الألفية وأحد أكثر الأفلام إمتاعاً وقرباً للقلب على الإطلاق، قصة مجنونة محكمة ضمن مجموعة من الفنيات والمؤثرات المذهلة التي صنعت صورة عبثية رائعة ليس غايتها استعراض عضلات المخرج بقدر ما إنها تهدف إلى تقريب المشاهد من نفسية أميلي وعالمها وتوحده معها، فيلم يشبه كثيراً رائعة غاليرمو ديل تورو متاهة بان ولكن بشكل كوميدي مرح يدور عن أميلي فتاة يتيمة لطيفة غريبة الأطوار تسمي نفسها عرّابة المنبوذين لديها الكثير من العاطفة رغم إنها طوال عمرها لم تحظى بعاطفة أو محبة، صدفة غريبة تقودها إلى تحقيق السعادة لدى أحد المنبوذين تجعلها تعشق صنع السعادة والفرح من حولها وتعمل بالخفاء على إسعاد الناس – وإسعاد نفسها - بطريق غريبة ومجنونة وبنفس الوقت إنزال العقاب على المسيئين بطرق غريبة أيضاً، في أميلي هناك بناء محكم وتمهيد ممتاز لتصرفاتها من خلال استعراض طبيعة والديها والظروف التي ولدت ونشأت خلالها وتقديم بعض المواقف المهمة في طفولتها التي مهدت للتحول الرائع بحياة أميلي (كحزنها على وفاة السمكة – وانتقامها من جارها المزعج) إن الصناعة الراقية لشخصية أميلي والتمهيد الممتاز لها يجعلنا نعثر على تبريّرات منطقية لكل ما تقوم به وبنفس الوقت يقدم جان بيير جينيه بإبداع جميع الشخصيات المحيطة بأميلي ومشاكلهم بصورة وافية جداً، فيلم أميلي يسير ضمن صورة عبثية مجنونة غريبة ولكن أحداثه شديدة الواقعية والتقليدية ومشاكل شخصياته والحلول التي تقدمها أميلي واقعية وعادية أيضاً وهنا يكمن جمال العمل على قدرته على تصوير تقليدية الحياة من خلال عيني أميلي بشكل غير تقليدي وإظهار مشاكل الشخصيات التقليدية بشكل غرائبي بحت ، كقصة صاحب الصور العبوسة والفرضيات المجنونة التي نسجتها أميلي حوله ثم حقيقته التقليدية العادية، كمشكلة والدها التقليدية العادية والتي يمكن حلها بطريقة عادية تقليدية في حين أميلي تلجأ إلى طريقة مجنونة لمساعدته، إن المخرج جينيه يبدع من خلال ذلك المزيج المذهل بين الواقع والخيال على إدخالنا ضمن عقل أميلي – التي مهد لها ولمخيلتها المذهلة بإبداع- وجعلنا نقتنع إن ما يجري معها غير تقليدي والمشاكل غير تقليدية التي تتعرض لها رغم إننا نعلم إن كل ما يجري معها يجري مع أي إنسان، في أميلي لا تنتهي مشاكل الشخصيات بحلول جذرية ، بعض الشخصيات تحصل على ذلك الحل الجذري وبعضها الأخر يحصل على مهدئ أو حل مؤقت ثم يعود إلى تعاسته – كقصة العشيقين في المقهى – فالمهم ليس نهاية التعاسة نهائياً – لأن هذا غير ممكن – بل المهم هو اللحظات السعيدة التي نعيشها والتي يجب استغلالها بسرعة قبل فواتها – وهذا ما حرص جينيه على إظهاره بتصويره للحظات أميلي السعيدة مع حبيبها على الدراجة النارية بتلك الصورة السريعة السريالية .
أدريان توتو بدور أميلي تبدع بشكل غير معقول رغم إن أغلب أدائها صامت ولكن نظراتها البريئة وانطباعات وجهها الطفولية تعطي الشخصية الثقل المطلوب منها وتنجح أن تكون مقربة ومحبوبة للمشاهد وتقنعنا بأنها أميلي وأن دور أميلي صنع لأجلها هي أداؤها لشخصية أميلي يدخل ضمن أفضل الأدوار النسائية لعام 2001 .

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق