RSS

Unforgiven - 1992


نعم أنا وليام ماني ، أنا قتلت النساء والصغار ، أنا قتلت كل من يزحف على وجه الأرض ويقترب نحوي ، وقد أتيت لأقتلك الآن ليتل بيل !!)رائع ... مذهل ..... صعب التكرار ..... مستحيل التقليد .... والقصد هنا كلاهما المخرج والنجم الرائع كلينت إيستوود وفيلمه  لا يغتفر الذي كان فوزه بجائزة الأوسكار كأفضل فيلم لعام 1992 هو ثاني أقوى مفاجأة بتاريخ الأوسكار بعد فوز رائعة كيفن كوستنر (رقصات مع الذئاب) حيث كلاهما فيلم وسترن ضعيفا الميزانية واجهة منافسة عسيرة ففي حين أن الرقصات كان بمواجهة صعبة ضد رائعتي كوبولا وسكورسيزي (العراب 3- صحبة جيدة ) فإن إيستوود كان أيضاً بمواجهة أفلام ضخمة كالفلم البوليسي الرائع (بضعة رجال جيدون) وفيلم أل باتشينو الدرامي المأساوي (عطر إمرأة) وفيلم جيمس ايفوري الرومانسي (هاواردز اند) ونجح إيستوود بسرقة الأوسكار عن هذه التحفة التي تروي قصة رجل لا يعرف الرحمة و يبحث عنها في رحلة انتقام دموية.وليام ماني هو وكما تصفه السطور القليلة التي تظهر ببداية الفلم سفاح .... القذر ..... سكير ..... متوحش ...
 والذي وكما سنعرفه بتسلل الأحداث قاتل النساء والأطفال وقاتل كل من يدب على وجه الأرض وجرأ أن يقترب منه لكننا لن نرى شروره ووحشيته بالعمل إلا من خلال حديث الناس عنه في حين هو وكما يظهر ببداية العمل فلاح بسيط أرمل يلاحق خنازيره المريضة ليفصلها عن الخنازير السليمة ، هو مسالم عطوف مع أولاده وجيد معهم، في عينيه حزن عميق مصدره وفاة زوجته التي وكما يقول عنها : ( لقد شفتني من الشر !!) ورغم أنها قد شفته من الشر إلا أنها قد فجرت له جروحاً أخرى حيث جعلته يلمس كم كان متوحشاً شريراً تافهاً ، عاش حياته كلها يقتل ويسكر ويهين الناس بدون سبب وبدون مبرر فقط ليرضي غروره وغريزته المتوحشة نحو القتل .... اليوم وليام ماني يعيش حالة من عذاب الضمير بسبب الأفعال الدنيئة التي أقترفها سابقاً هو يشعر بأن الله ينتقم منه في أي موقف بسيط يجري معه إن كان وفاة زوجته أو مرض خنازيره والتي يقتات من تجارتها هذه مواقف قد تجري مع جميعنا ولكن حجم آلم وليام ماني النفسي يجعله يشعر بأنه يعاقب بسبب ما اقترفه بصغره ونلمس ذلك عندما يحاول ركوب الخيل بصعوبة هو لا يستطيع ركوب الخيل لأنه مضى عليه سنوات عديدة لم يركبه ولكن ماني يظن بأن عدم قدرته على ركوب الخيل هو انتقام الخيل منه لأنه كان يلجمه ويسئ معاملته ...وليام ماني يشعر بأنه يعيش بالجحيم ويعاقب بسبب ما أقترفه ، ماني يعتقد بأن توبته لا تكفي لتغفر له عن ذنوبه هو يحتاج إلى عمل يساعده على التكفير عن ذنوبه السابقة وتأتيه تلك الفرصة عندما يأتي لديه سكوفيلد كيد راعي البقر الشاب ضعيف البصر والمنحدر حديثاً في دروب الجريمة والذي يطلب منه أن يشاركه بمهمة قتل رجلين قاما بتشويه وجه فتاة سخرت من أحدهما ، ماني يرضى بالقيام بالمهمة من أجل المال حتى يخرج عائلته من الفقر وينتقل إلى مكان أخر لا يعرف أحد ماضيه كيف كان ، هذا واحد من أسباب خروجه ولكن السبب الحقيقي لذهابه هو شعوره بأن أولئك المجرمين يجسدون ماضيه الأسود وبأنه بقيامه بتلك العملية وهي العملية الأولى التي يقوم بها لهدف النبيل سوف تجعله يحصل على الغفران الذي ينتظره، ولكن رحلته للانتقام من نفسه ومن أولئك الشبان سوف تجعله يبحر بمتاهات دموية عديدة وتجعله يعود لوحشيته السابقة وعاداته القذرة ويركب كل السبل التي كان قد تركها سابقاً من أجل ينتقم من الجميع ويعود لاحترام ذاته ...خلال رحلة وليام ماني نحو الانتقام سنلمس ذلك الألم النفسي الكبير الذي كان يعانيه من خلال أحاديثه مع شريكه السابق نيد لوغان الفلاح الأسود والقناص السابق الذي جاء معه إلى هذه المهمة، سنراه يتحدث بحسرة عن الناس الذين قتلهم سابقاً لأسباب تافهة لا يذكرها هو نفسه ، سيتحدث عن ضحاياه الذين عادوا يهاجموه بأحلامه بأشكالهم المقرفة المتوحشة وينادوه لينضم معهم بالجحيم، سنراه يتحدث بألم عن أصدقائه الذين كانوا يرافقوه دوماً بمهماته ولكنهم كانوا جميعاً محتاطين منه خائفين من لحظة سكر تجعله يثور ليقتل الجميع ، هو لا يعرف ماذا استفاد من كل هذه البطولات ، فهو لم يكسب سوى كره الجميع والسمعة السيئة التي يخشى أن يعرف بها أولاده، في الفلم سنرى عدة نماذج للكاوبوي العجائز جميعهم يتحدثون عن أفعالهم بالفخر والتعالي ما عدا وليام ماني الذي كان يشعر بالخجل كلما ذكر له أحدهم شيءً من بطولاته ويحاول تغير الموضوع، في الفلم ليس فقط وليام ماني يعاني من ذنوبه السابقة بل أيضاً صديقه السابق نيد لوغمان يعاني هو الأخر من تلك الأحلام ولكنه يعاني بصمت لم يشئ الحديث عن همومه ولكننا سنلمس معاناته الحقيقية عندما يحاول إطلاق النار على أحدهم ولكنه لا يستطيع فهو الأخر لم يكن يريد العودة إلى ذلك الطريق والدرب الدموي المقرف الذي كان فيه، وعلى طرف النقيض من وليام ماني ونيد لوغمان سنرى شريكهم الثالث في تلك الرحلة الانتقامية سكوفيلد كيد الشاب ضعيف البصر الذي يريد أن يصبح كوبوي قاتل كما كان وليام ماني وغيره، طموح سكوفيلد كيد ليصبح كاوبوي لا يختلف عن طموح راي ليوتا ليصبح عضو بالمافيا في فيلم الصحبة الجيدة، حيث وجد كيف أن الناس حوله يقدسون رجل الكاوبوي ويحترمونه أشد الاحترام وهو الرجل الحقيقي الذي لا يخاف ولا يضعف والقادر على القتل ببرودة أعصاب كبيرة وبلا ندم، ولكن وعندما يدخل سكوفيلد كيد عالم الكاوبوي الحقيقي ويقتل أول شخص سيكتشف معنى أن يكون كاوبوي ومعنى أن يكون قاتلاً ومعنى أن يسلب حياة حياتهم سنراه بعد العملية التي قام بها يجلس وهو يبكي ويقول : ( لا أتخيل بأنه لن يعد يستطيع التنفس وبأنه لن يعد حياً على الإطلاق ….) .كما بات واضحاً فإن فيلم لا يغتفر لا يمجد الغرب الأمريكي وبطولاته كما في الأفلام الأخرى بل العكس تماماً هو يهاجم أسطورة الكاوبوي هجوماً شديداً وينتقده بشكل لاذع، فالفلم يدور في الحقبة التي تلت الحرب الأهلية الأمريكية وخلال مرحلة اغتيال الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن، هذه المرحلة هي مرحلة البربرية في الحياة الأمريكية حيث أن الكاوبوي قتلة قذرون متوحشون همجيون دائمي السكر والذهول لا يضعون قيمة للحياة الإنسانية ولا لكرامة الإنسان، ويركز الفلم على زاوية تعامل الفلم مع النساء، كلينت إيستوود وكما هو معروف مهووس بالنساء ويؤمن بمقولة وراء كل رجل عظيم امرأة وهو يعتبر والدته سبب نجاحه لذلك فنحن نراه إنه يركز على الأدوار النسائية بأفلامه ويجعلهم دوماً محركي الأحداث ويهتم بمعاناة النساء وهذا يبدو واضحاَ بأفلامه الحديثة ، فبفلم النهر الغامض شون بين يترك الإجرام لأجل الاهتمام بابنته ولكنه يعود إليه بعد أن تقتل بالإضافة إلى طرح عدة نماذج للزوجات وطريقة كل واحدة بمساعدة زوجها على تجاوز محنته ، وقد رأينا فلمه الأخير مليون دولار بيبي كيف يدور بأجمله عن معاناة فتاة مسحوقة تسعى لإثبات نفسها وذاتها من خلال الملاكمة، ويبدو إن الاهتمام بمعاناة النساء بهذا الفلم هو الذي جعل إيستوود يعود ليقدم فيلم ويسترن بعد أن كان قد أعتزل تلك المهنة لسنوات عديدة ، بهذا الفلم يركز إيستوود على معاناة النساء كيف أنه في الغرب كانوا يعاملون النساء كالدواب ولا يحترمونهن أو يقدرونهن ولا يكترثون لهن ، عملهم فقط تأمين المتعة للرجل والانصياع له ولرغباته بدون إبداء أي اعتراض، سنرى صاحب البار الذي اشترى مجموعةً من النساء وجعلهم وسيلة رزق له من خلال تشغيلهم بالدعارة ويعاملهم معاملة سيئة وكأنهم بهائم ، ضرب وإهانات وشتائم مستمرة ، وعندما تتعرض أحداهن للاعتداء والتشويه يتعامل مع الوضع وكأن أحد بضائعه قد تعرضت للتلف فبدل أن يأخذ بقصاص الفتاة يأخذ بضعة خيول تعويض لجيبه هو لا لأجلها في حين إنه يستمر بتعذيب تلك الفتاة بل يزداد بتعذيبها بعد أن أصبحت لا تنفعه إلا بأعمال التنظيف غير مكترث لمعاناة الفتاة وجروحها وكأنها هي الذنب بتشويهها لا السبب كاوبوي يعتقد بأنه يصبح بطل إذا قام بتشويه كل من يسخر منه في حين إن إيستوود يصر بفلمه على أن النساء أكبر وأعظم من ذلك من خلال حديثه المستر عن زوجته الراحلة كلوديا والتي نجحت بجعله يتخلى عن كل عاداته السيئة القتل والسرقة وعدم الاكتراث بالعائلة والإدمان على الشرب ، لقد لمسنا كيف تغيرت معاملة ماني مع الجميع من حوله وبالأخص النساء حيث لم يصبحوا مصدر متعة بالنسبة له بل أصبح يعتبرهم ملائكة يجب احترامهم ،سنراه يتحدث عن زوجته بإجلال طوال العمل ، وسنراه يحاول رفع معنويات الفتاة المشوهة بعد أن أهانها بالخطأ حيث بعد أن يتعرض للضرب يقول لها : ( لقد أصبحت أشبهك الآن )، ولكن وعندما يدرك بأنه أهانها يقول لها : ( لقد كنت مخطئاً أنا لا أشبهك …. أنت لست بشعةً مثلي أنت جميلة بل أجمل من كل صديقاتك ولو كنت أستطيع الاختيار لاخترتك أنت..) .




والآن حان دور الحديث عن ليتل بيل الذي أغفلت الحديث عنه طوال تلك السطور السابقة لأن ليتل بيل لا يكفي أن نتحدث عنه بطريقة ثانوية، ليتل بيل هو الكابوي العتيق الصلب ، هو الأخر أسطورة ، هو شريف المقاطعة وقد عمل بعدة مناطق متوحشة قبلها وتمكن من ضبط الأوضاع، ليتل بيل متوحش بلا رحمة يؤمن بأسطورة الكاوبوي بل ويقدسها ويعتبر أن الرجل الذي ليس كاوبوي ليس رجل ويجب قتله، مجرد ذكر اسم ليتل بيل بالقرية كافي ليثير رعب أقوى الرجال حيث يعرف الجميع بأن ليتل بيل لا يعرف المسامحة ولا يعرف المزاح ، هو لا يقتل بالمسدسات ليس لأنه لا يعرف استخدامه فليتل بيل معروف بأنه أسرع من استعمل المسدس ولكنه سادي يحب أن يقتل من شدة الضرب والإذلال وأمام الجميع، ليتل بيل لا يعترف بأن أفعاله أفعال شر فهو يؤمن بأن ما يقوم به له مبررات لأجل إقامة النظام في قريته ولأنه كاوبوي وهذه قوانين حياة الكاوبوي وصلاحياتهم، وليست فقط أفعال ليتل بيل كافية لإثارة الخوف من تلك الشخصية بل شكله أيضاً كاف لإثارة الخوف من خلال جثته الضخمة وطريقة كلامه الصارمة ونظراته المرعبة ، والأشد رعباً من هذا ضحكته الشيطانية المجنونة وطريقة كلامه السريعة وبالأخص حين يصف معارك سابقة خاضها ويبدأ بعدها بالاستنتاج كيف يجب أن يكون الرجال وتحديداً الكاوبوي منهم، قبل أن أشاهد هذا الفلم كنت أتوقع بأن دور مايكل كين في فيلم قواعد الخمارة هو أفضل دور ثانوي تقدمه هوليوود على الإطلاق ولكن دور جيني هيكمان جعلني أغير كل أفكاري عن كيف يجب أن يكون الدور الثانوي وكيف يجب أن يكون دور الشر باعتقادي لقد غير جين هيكمان معايير أدوار الشر بالسينما العالمية كلها على الإطلاق من خلال هذا الدور والذي أنا واثق سلفاً حتى قبل أن أشاهد دوره في الاتصال الفرنسي بأنه أفضل دور له على الإطلاق، وكان ممهداً كما أتوقع لدور دانييل دي لوس كبيل الجزار برائعة سكورسيزي عصابات نيويورك حيث أن الشخصيتان متشابهتان بشكل كبير ويبدو أن لويس قد حاول أن يكون كليتل بيل ولكن مع بعض التعديلات ، للأسف فإن هيكمان شوه دوره هذا حين راح يكرره عدة مرات بعدة أفلام وسترن أخرى ظهرت بعد هذا الفلم.
جين هيكمان كان أداءه الأفضل بالفلم بلا أي شك وقد استحق أوسكار الممثل المساعد عن جدارة ولكن لم يكن لوحده ذا الأداء القوي ، فإيستوود قدم بهذا الفلم الأداء الأفضل له على الإطلاق حتى بوجود أدائه الرائع بفلم مليون دولار بيبي نظراته الحزينة ولهجته المتعبة وحديثه بخجل عن جرائمه السابقة نبرة صوته الخائفة خلال وصفه لأحلامه المرعبة ثم نبرة صوته الخاشعة خلال حديثه عن زوجته، ستشعر بأن وليام ماني ضعيف ليس بحجم ما يقال عنه ولكن هجومه الأخير على القرية واقتحام البار بذلك الشكل المرعب وتحول نظراته إلى نظرات حادة ولهجته إلى لهجة صارمة ومرعبة وصياحه بوجه ليتل بوي بتلك العبارة المخيفة القوية : (نعم أنا وليام ماني ، أنا قتلت النساء والصغار ، أنا قتلت كل من يزحف على وجه الأرض ويقترب نحوي ، وقد أتيت لأقتلك الآن ليتل بيل !!) التي هي وكما أتوقع أفضل جملة له على الإطلاق بكل تاريخه التمثيلي، حيث إنه لم يكن يقصد بكلماته هذه ليتل بيل بل كان يقصد بها نفسه وليام ماني الشاب، ومن المشاهد التي لا تنسى مشهد صرخاته الأخيرة لأهل القرية بعد أن ينهي مهمته : ( لا أحد يخرج من بيته .... سأقتل من يخرج .... لن تهينوا النساء مرة أخرى ... لن تشوهونهن مرة أخرى ... ومن يفعل فأنني سأعود وأحرق هذه القرية .... هل فهمتم !!!) إيستوود ترشح لأول مرة للأوسكار عن هذا الدور ولكنه كان بوجه منافسين صعبين دينزل واشنطن عن تقمصه المرعب لشخصية المناضل السياسي المسلم مالكولم أكس في الفلم الذي يحمل نفس الاسم وأل باتشينو عن دوره الاسطوري كرجل أعمى يائس في فيلم (عطر إمراة) وطبعاً كانت الغلبة لباتشينو .

مورغان فريمان أدى أيضاً دوراً شديد الروعة بأداء دور نيد لوغان وهو الدور المفضل عنده الإنسان العجوز الخبير الذي يعاني بصمت أتوقع بأن أدائه الممتع لهذا الدور هو الذي دفع إيستوود لمنحه دور أيدي سكراب بفلم مليون دولار بيبي حيث أن شخصيته بهذا الدور هي مشابهة جداً لدوره هذا ولكنها متسعة أكثر ولو أن النص أعطى مساحة أكبر لدور فريمان وأهتم بطرح معاناته بشكل أوسع لكان من المنافسين على أوسكار أفضل ممثل مساعد.

ريتشارد هاريس أغنى الفلم بحضوره اللطيف من خلال شخصية بوب الإنكليزي الإستقراطي الإنكليزي المتعصب لإنكلترا والذي ما زال يؤمن بأن أمريكا قطعة إنكليزية وبأن الأمريكيين برابرة وهم حثالة الشعب الإنكليزي الذي طردهم إلى هذه الأرض في حين هو لا يختلف عنهم على الإطلاق من ناحية البربرية فهو الأخر يدور بالغرب بحثاً عن المغامرات ، وفي مجال الحديث عن الأدوار الذكورية لا ننسى الحديث عن جيمس مولفيت وأدائه الجيد لدور سكوفيلد كيد الكاوبوي الشاب ضعيف البصر .

وبالانتقال للحديث عن الأدوار النسائية لا نستطيع أن نتجاهل دوري فرانسيس فيشر و ساول ريبنك اللتان قدمتا أداء نسائياً شديد الروعة رغم طبيعتهما المتناقضة ، فرانسيس فيشر أدت دور أليس الفتاة القوية الشخصية والعنيفة لم تعد ترضى بالذل والهوان فقررت الانتقام بجمع المال لاستئجار قاتلان للانتقام من الشابان المتوحشان اللذان شوها صديقتها، في حين أن ساول ريبنك أدت دور المرأة الضعيفة التي تعرضت للتشويه وتعقدت من جميع الرجال وراحت تظن أن جميعهم قتلة متوحشون أنذال حتى التقت بوليام ماني الرجل العطوف والرقيق مع النساء .

نص الفلم هو من أفضل النصوص على الإطلاق حوارت الفلم كانت شديد الروعة حيث نجح ديفيد ويد بيبولز بإبراز معاناة وليام ماني وندمه وتصوير الأحلام التي تواجهه بالعديد من الجمل الرائعة منها جملة يسأله بها سكوفيلد كيد : ( هل كنت تخاف بالأيام السابقة؟!) فيجيبه : ( لا اذكر كنت سكراناً أغلب الوقت..) ، ويلاحظ العمل اهتمام الكاتب بتقديم البيئة الغربية لدرجة تصل إلى حد الهووس ، أسماء الشخصيات وأسباب تسمياتهم حوارات الشخصيات الثانوية فيما بينهما وطريقة مزاحهم وأسلوبهم بالشتائم ، وعقد الصفقات ووصف المعارك والمواجهات والأيام الغابرة وطريقتهم بالتحدي وتوعدهم لبعضهم، وعبارتهم الغريبة كعندما يصل وليام ماني و سكوفيلد كيد إلى منزل ضحيتهم يمرون من مرحاضه ذا الرائحة لاذعة يقول وليام ماني : (إن صديقنا كان متعفناً ) فيجيبه سكوفيلد كيد : (سأجعله يتعفن أكثر الآن !!!...).

كلينت إيستوود وكما هو معروف كان متأثراً خلال إخراج فيلمه هذا بسيرجيو ليوني الذي أخرج له العديد من أعمال الكوبوي الرائعة في الستينات وهي أجل حفنة دولارات والمزيد من الدولارات والسيئون والجيدون والقبيح ، إيستوود أخذ من ليوني قدرته على تحويل أبسط المشاهد إلى تحف بصرية رائعة من خلال حركة الكاميرا واللعب بالإضاءة والألوان، لذلك نلاحظ إيستوود يهتم بالمناظر الطبيعية كمشاهد الغروب والمروج والسهول والجبال صانعاً لوحات بصرية شديدة الروعة، إيستوود أهتم بتقديم بيئة الغرب ببراعة متناهية من خلال الملابس والبيوت وانتقاء الكومبارس ، إيستوود كان يدرك بأن الحقبة التي يدور بها الفلم هي حقبة كان يملؤها التعصب ضد السود ، فجعل منزل صديقه تيد لوغان بسيطاً ومعزولاً نائياً ، هذا الفلم وعلى عكس كل أفلام الغرب الأخرى التي مثل بها إيستوود يفتقر للمعارك فلا يوجد سوى معركتين أثنتين ولكنهما شديدتا الروعة والحماس حيث لم يطل بهما بل اعتمد على إنهائهما بسرعة مع حشد أكبر قدر من الحماس خلال تلك السرعة وهي طريقة أخذها إيستوود من مخرج إيطالي أخر هو دون سيغل الذي أخرج له هاري القذر ، فلا عجب أن يهدي إيستوود هذه التحفة إلى هاذين المخرجين الكبيرين الذين كانا لهما الفضل بظهور الفلم بهذه الصورة الرائعة والفريد بأن إيستوود قد نال الأوسكار كأفضل مخرج عن ذلك الدور في حين لم ينل هذين المخرجين أي ترشيح بحياتهما

0 التعليقات:

إرسال تعليق