RSS

Mission Impossible : Ghost Protocol - 2011


بعد إخراجه أثنين من أنجح أفلام الأنيميشين في السنوات الأخيرة (المذهلون 2004 و راتاتويل 2007) فإن اقتحام براد بيرد للسينما الروائية الضخمة يشكل الامتحان الحقيقي لمقدرات الرجل الإخراجية، بالأخص إن دخوله الأول كان بتصديه لصنع جزء رابع من إيقونة سينما الأكشن الحديثة (مهمة مستحيلة) والتي كانت فعلاً المهمة الأصعب بالنسبة للرجل ولعميل المخابرات الأمريكي إيثان هنت.
بيرد جاء خليفة لثلاث مخرجين صنعوا للسلسلة مع نجمها توم كروز شعبيتها العالمية المنقطعة النظير ، المخرجين الثلاث السابقين الأسطورة براين دي بالما 1996 والصيني الشهير جون وو 2000 وسيد التلفزيون الأمريكي الحديث جي جي إبرامز 2006 (وهو منتج هذا الجزء) صنعوا السلسلة بأسلوبية مختلفة في كل عمل وعرفوا في كل مرة كيف ينجو بفيلم ناجح جداً على شباك تذاكر ويحوز على رضا النقاد (بل إن الجزء الأول يعتبر من الكلاسيكيات الحديثة) براد بيرد كذلك ينجح بالخروج بفيلم ناجح على شباك التذاكر ورضا لا بأس به نقدياً ولكن إذا نظرنا إليه بعيداً عن قفزات كروز وركلات رينر و فكاهات بايج سنكون أمام عمل هزيل فنياً ويحوي أضعف نصوص السلسلة .
بداية الفيلم مثيرة ومشوقة و تحافظ على رتم الإثارة المتصاعد وجذب انتباه المشاهد، يبدأ الخلل بالعمل بعد تفجير الكرملين ووقوع العالم أمام تحدي حرب نووية محتمل ولا أحد غير ايثان هنت وفريق المهمة المستحيلة يستطيع منعها، الخلل يكمن مع التصوير السخيف لتصاعد ردّات الفعل الروسية والأمريكية، روسيا ترفض أي حوار وتريد الاتجاه نحو الحرب وأمريكا تقف موقف سلبي وترمي كل ثقلها على عميل مخابرات لا تعترف به، السخافة تكمن إنه حتى في أشد المواقف سياسية توتراً بالتاريخ كانت تبقى هناك قنوات حوار مفتوحة وجهود دولية لمنع الكوارث ولو بالسر ولكن هنا يتجاهل بيرد كل ذلك رغم إصراره إن الحكومة الأمريكية تعلم تفاصيل المؤامرة ولديها أدلة عليها ولكنها تبدو بكل أجهزتها الأمنية مغيبة وترمي الثقل – بأخطر تحدي بشري – على رجل واحد فقط ويبدو معه قبول هنت بالعملية شيء يشبه الإقحام غير المبرر ، لماذا لم يتم تصوير الحبكة على إن أمريكا تتملص من المسؤولية عن طريق تحميلها لهنت وفريقه ثم يقوم ذاك بكشف اللعبة ليخلص رقبته كانت الحبكة لتكون منطقية أكثر، ولكن تصويرها بالشكل الذي شاهدناه بالعمل كان سخيفاً ومبتذلاً، ثم تصوير دوافع الإرهابيين كان سطحياً عقائد غريبة تدفع شخص ليدمر العالم وهالة من الغموض تحيط به كيفية تمويله تخطيطه بل إن هيكل المنظمة يبدو مضحكاً الزعيم وحارسه فقط، وإقحام جيرمي رينر بالعمل والسر الذي يحمله يبدو دخيلاً بلا أهمية أو تبرير درامي منطقي.
النص العمل يتابع سخافته مع الدراما السطحية التي يقدمها والتي تبدو غير مفيدة للعمل وغير منتمية له ودخيلة عليه، والعودة السطحية لتصوير نزاعات الحرب الباردة بشكل حديث ولكن بسذاجة أفلام الثمانينات مع الكاريكتارات الكرتونية الروس الاشرار الأمريكان الأخيار الآسيويين الأثرياء والشهوانيين والأغبياء.
بالمحصلة هذا أضعف نصوص المهمة المستحيلة ولكن بيرد يحاول أن يغطي على عيوبه بأن لا يجعل الصورة تهدأ، تشويق وحركة وإثارة طوال العمل وفترات راحة كوميدية لطيفة خلاله، هو يقنعنا إن هذه المهمة فعلاً الأصعب وتحديات حقيقية لم يواجهها هنت سابقاً، أجواء العمل ساحرة والتكنولوجية المستعملة فيه مميزة والموسيقى تعطي الكثير له، وبيرد يصنع مشاهد أكشن مبتكرة ويستغل جنون توم كروز إلى أبعد حد بالأخص بمشاهد المجازفات الصعبة والمستحيلة والمشوقة جداً ومعه فريق جامح مثله ويعرف ما يفعل، رغم إنه من الواضح تقدم السن على توم كروز ولكنه يعوض ذلك بمشاهد حركة مبهرة فعلاً وجذابة ويثبت إنه ما زال من أكثر الممثلين المحبوبين حالياً وأحد نجوم الحركة الكبار ولولاه لسقط الفيلم ولما تذكره أحد ، كروز وبيرد يدركان إنه لم يعد شاباً لذلك يضعان معه أحد الممثلين الشباب البارعين بمجال الأكشن جيرمي رينر نجم الفيلم الحربي الأوسكاري هرت لكر و اللّافت للإنظار بفيلم الجريمة المثير المدينة (نال عن الفيلمين ترشيحين للأوسكار في عامين على التوالي) يحمل جزء من جنوح كروز ومجازفته وجنونه ويبدو على مستواه و صلابته، نجم الكوميدية الإنكليزي سيمون بايج يقدم لحظات فكاهة مناسبة للعمل وخفيفة وجيدة، السمراء باولا باتن جيدة بالعمل ويشارك فيه القدير توم والكسن بدور صغير وظهور جيد لجوش هولوا الشهير بدور سوير في مسلسل لوست، الفيلم مشوق ترفيهي بالكامل رغم سذاجته ستستمع بمشاهدته ولكنك ستنساه فور انتهائه ولن يبقى فيه شيء محفور بالذاكرة سوى قفز كروز على برج خليفة .
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق