RSS

seven - 1995


الناقد أرنولد كوبيلسون: (بعد أربعين سنة من الآن لا أحد سيذكر ديفيد فينشر أو براد بيت، ولكن الناس سيتحدثون عن شخص سيئ يوصل رأس شخص جيد في صندوق، لا أحد سينسى هذا)
في عقد التسعينات نميز عدة مخرجين موهوبين سطعا في التسعينات ولكن لا يوجد سوى اثنين استطاعا أن يخلفا بصمة في عالم السينما الأول هو كوينتن تارانتينو والثاني هو ديفيد فينشر ، البصمة التي خلفها تارانتينو هي بأسلوبه الثوري والمتمرد بعرض قصة فلمه وبحواراته واقتباساته وأجواء القصة وطريقة رسم الشخصيات والدمج الغريب واللذيذ بين الكوميديا والدراما الرعب والرومانسية السطحية والعمق صانعاً مزيجاً مبدعاً لم يستطع أحد إلى حد الآن مجاراته ، بصمة الثاني تكمن بنجاحه بصنع عوالم جديدة لسينما الإثارة النفسية التي لم تعد مجرد إثارة نفسية ولعبة تشويق للجمهور بقدر ما أصبحت نافذة للغوص إلى عالم آخر ومحاكاة الواقع ومناقشة مشاكل المجتمع ومشاكل الإنسان الداخلية والنفسية.


ديفيد فينشر بدأ الإخراج السينمائي لأول مرة عام 1993 بعد أن عمل سابقاً مصوراً لدى العديد من المخرجين مثل ستيفن سبلبيرغ في فلم أنديانا جونز، وعمل بعد ذلك مخرجاً للإعلانات ومخرجاً لأغاني البوب، فينشر في فلمه الأول كان خليفة لريدلي سكوت وجيمس كاميرون حيث أخرج الجزء الثالث من فلم الخيال العلمي الناجح جداً Alien (بطولة سيغورني ويفر) ولكن هذا الفلم كان بداية سيئة جداً عدلها فينشر فيما بعد بفلم الإثارة النفسي الرائع جداً Se7en (بطولة براد بيت ومورغان فريمان وكيفن سبيسي وغويث بالترو) وتابع بأفلام الإثارة النفسية بالفلم الجميل The Game عام 1997 (بطولة مايكل دوغلاس وشون بين) وبعده بعامين قدم أهم أعماله فيلم الدراما الغامض السوداوي Fight Club (بطولة براد بيت وإدوارد نورتان) ثم عاد إلى الإثارة النفسية بفلم The Panic Room (بطولة جودي فوستر) عام 2002 وقدم الجريمة عام 2007 في  زودياك بطول جاك غلينهال ونال أول ترشيح له للأوسكار في بينجامين بوتين 2008 وأفضل أعماله الشبكة الاجتماعية 2010 وعاد للجريمة عام 2011 في فتاة بوشم التنين.
فلم Se7en يبدأ بمشهد للمحقق (وليام سمرست) وهو يدخل إلى مسرح الجريمة ليرى شخص مقتول يسأل مساعده (هل شاهد الطفل ما حدث؟!) فيرد عليه مساعده : (وماذا يهم ما رأى الطفل؟!) ثم نتعرف على (سمرست) محقق عجوز أمامه أسبوع للاعتزال وقبل عمله يكلف بالعمل مع الضابط الشاب (ديفيد ميلز) على كشف جريمة غريبة حدثت ذهب ضحيتها راهب كنيسة، الغرابة في الجريمة هي أن هذا الراهب قد قتل من جراء الإفراط بتناول الطعام فالقاتل راح يطعمه طوال الليل حتى انفجرت أمعائه، وأمام مسرح الجريمة كتبت كلمة (الشره)، وبعد البحث في مسرح الجريمة لا يعثرون على أي بصمة أو على أي دليل، وفي اليوم التالي يصلهم الخبر عن العثور على جثة في مبنى حكومي ذهب ضحيتها محامي وذلك حيث أجبره المجرم على قطع رطل من لحمة وتركه ينزف مدة يومين حتى قتل، رطل ليس فيه عظم أو غضروف على أسلوب شكسبير في مسرحية تاجر البندقية و وقد وضع القاتل في مسرح الجريمة ميزان زان عليه رطل اللحم وكتب في مسرح الجريمة كلمة (الطمع) عندها يدرك (سمرست وميلز) وجود صلة بين الجريمتين وبالصلة بينهم يكتشفون أن الأنجيل جاء على ذكر سبع خطايا هي (الشره، الطمع، الكسل، الشهوة، الغرور، الحسد، الغضب) يجب المعاقبة عليهم وأن القاتل متأثر من ذلك لذلك فهو يرتكب جرائمه لمعاقبة الخطاة على هذه الخطايا السبع، وفي مسرح الجريمة يعثر المحققان على بصمة تقودهم إلى معرفة القاتل وهو تاجر مخدرات وعنوان سكنه وعندما يدخلون الشقة ويعثرون على صاحب البصمة مربوط إلى سريره وموصول إلى سيرون لجعله يحصل على الغذاء الذي يجعله يستمر فقط على قيد الحياة، في حين أن جسم الشخص قد نحل جداً وتفسخ من جراء تثبيته إلى السرير وقد قطعت أصابعه ليستعملها القاتل الحقيقي كبصمات، وأمامه صور منذ يوم تثبيته حتى لحظة العثور عليه وأول صورة يرجع تاريخها من سنة فالضحية مثبت بسريره من سنة، وحين سأل (سمرست) عن سبب عدم عثور الناس عليه كان الجواب أن الأجرة كانت تصل إلى صاحب الشقة بظرف كل شهر، ولم تكن الضحية تثير الإزعاج لأحد فلم يشتكي منه لأحد، الضحية كان (أفضل مستأجر عثرت عندي) هذا ما كان يقوله صاحب الشقة، والآن المجرم مازال طليقاً ومجهولاً وما زال أمامه أربع جرائم لارتكابها.
فيلم Se7en ليس أفضل وأهم أفلام فينشر هذا الصفة ملازمة لفيلم Fight Club ولكنه مع ذلك أكثر أفلامه تأثيراً، الفلم فور عرضه عومل كحدث سينمائي بارز ولكن النقاد قبل عشر سنين لم يدركوا أن هذا الفلم سيغير شكل سينما الإثارة وأنه سيصحب ملهماً للعديد من المخرجين، وها نحن نرى آثاره في أفلام كريستوفر نولان مجتمعة والفلم الكوري الولد العتيق وفلم الرعب الناجح جداً المنشار وجزءه الثاني وأخيراً في فلم الفندق والقاعدة ستتسع جداً مع الأيام، فلم Se7en يقدم لنا أفكار عديدة ملهمة بصنع الإثارة النفسية فمن الأجواء المقرفة والجرائم السادية والشخصيات المضطربة المتناقضة والصدمة في نهاية العمل إلى عبثية لعبة القط والفأر وتحولها حيث يصبح الفأر يطارد القط، الفلسفة المثيرة لفكرة الانتقام والعقاب، والفكرة الخطيرة حول الإصلاح والشفاء من خلال الدم والإجرام والسادية، وهذه الأشياء نراها بأفلام العديد من الخرجين حالياً ولكن الشيء الوحيد الذي لم يستطع المخرجون أولئك أخذه عن فينشر هو جعل فلمهم يتجاوز كونه فلم إثارة ليقدم لنا أفكار فلسفية عديدة وتحليل لمشاكل الإنسان والمجتمع على السواء والتوازن الرائع بين عنصر الإثارة والعنصر الفكري الفلسفي، صحيح إن كريستوفر نولان و بارك شان ووكاقترابا من هذه الفكرة ولكن ليس بعبقرية فينشر وبقوته أفلامهما تحوي على ثغرات عديدة بهذا المجال لا تظهر عند فينشر، ففي رائعة نولان (تذكار) هناك تركيز على جانب الإثارة غطى عل جانب المعاناة النفسية للشخصية وفي فيلم (الأرق) حصل العكس حيث غطت المعاناة النفسية للبطل على أجواء الإثارة فعانى الفلم من بعض البرود،َ أما في تحفة بارك شان ووك (الولد العتيق) فهناك إبراز لسادية مفرطة غطت على باقي جوانب العمل، ومن هنا فمن الإجحاف جداً تصنيف فلم se7en على أنه مجرد فلم إثارة أو من أفلام الصدمة، فلم se7en أعمق وأعقد من هذا هو تحليل صارم لمشاكل المجتمع والإنسان وعزف على وتر بات فينشر يهواه بعد هذا العمل وهو مناقشة الحداثة ومخلفات المادية وانعكاسها فراح يناقش مشاكل المجتمع بشكل شديد السوداوية والتشاؤم فتحدث عن الفساد والانحلال الأخلاقي والاجتماعي وناقش الهووس بالمظاهر والجشع بالمال والاستئثار بالسلطة، ففي سعي (وليام سمرست وديفيد ميلز) وراء القاتل يدخلان في جولة في المجتمع ويقابلان نماذج عدة مختلفة في المجتمع كلها ممزوجة بالسوء والخطايا فمن الراهب الشره إلى المحامي الجشع بالمال لدرجة أنه يبع شرف مهنته وأن يقلب الحق باطل وتاجر المخدرات الشاذ والعاهرة المصابة بشتى الأمراض والزوج الخائن، والشابة الضائعة الشخصية والهدف والمهووسة بالمظاهر لتعويض نقص الشخصية التي تملكه لدرجة الموت.
ديفيد فينشر لم يكتفي بعرض هذه المشاكل بطريقة الترميز والمحاكاة الغير مباشرة، بل جعلنا وبشكل مباشر نغوص بمشاكل تعيشها شخوص الفلم وبالأخص مشكلة الحياة بالمدينة وما تزرعه من وحدة وضياع وغربة، ومشكلة تحطيم الأحلام والاصطدام بالواقع المؤلم ومن هنا كان لدينا بناء درامي للشخصيات بمنتهى الروعة والمتانة فتعرفنا على (ديفيد ميلز) الشرطي الشاب القادم من الريف مع زوجته التي ظفر بها بعد قصة حب طويلة، وهو يعيش معها في شقة فوق نفق مترو الإنفاق مما يصيبه بالتوتر كلما مر المترو الذي يجعل منزله يهتز، (ديفيد ميلز) شخص غاضب جداً وعصبي جداً ونزق إلى أبعد الحدود، أغلب أسباب غضبه ونزقه هو صدمته بذلك المجتمع الذي لم يتصوره هكذا والذي حطم له كل أحلامه، مجتمع قائم على الفساد والخديعة والجريمة، زوجته (تريسي) تعاني نفس المشاكل ولكن نضيف إليها مشكلة الشعور بالغربة والوحدة من الجميع حتى من زوجها الذي أختلف جداً بعد انتقالها للمدينة .
(وليام سمرست) شرطي أسود عجوز على وشك التقاعد وهذا ما يسبب أرقه وخوفه، فهو يعيش لوحده ويشعر بالوحدة يحاول أن يروح عن نفسه بالعمل ولكنه الآن على وشك التقاعد مما يعني هذا اتساع إطار وحدته، عدا ما يجعله هذا المصير يشعر بأنه أصبح بلا فائدة ولا أهمية، من ناحية أخرى (سمرست) يشعر بالقرف من هذا المجتمع الذي أصبحت الجريمة فيها داء لا شفاء منه، أول ما سأل عليه عندما دخل مسرح جريمة هو إذا كان الطفل قد رأى الجريمة وهو لم ينجب أطفال لأنه لا يستطيع أن يأتمن المجتمع على أولاده وهذا هو أكثر ما يؤرق مضجع (سمرست) فهو يشعر بالندم لأنه لم يتزوج ولم ينجب أطفال مما يجعله وحيداً في منزله الكبير الصامت باستثناء صوت ساعة يدوي فيه بشكل مزعج ومثير أكثر للتوتر، في الفلم يبقى (سمرستا) متجهماً خلال جميع الأحداث والمشاهد هو لا يضحك إلا عندما يجلس مع (ديفيد وتريسي) في منزلهما حيث شعراً أخيراً بدفء العائلة الذي أفتقده منذ زمن طويل.
أعقد شخصية وأخطرها وأهمها بالفلم وأقلها ظهوراً هي شخصية (جون دو) هو المجرم المتوحد المتزمت المصدوم بما درسه في بيت الدين وبين ما شاهده من معلمه الذي يناقض بتصرفاته كل ما يعلمهم إياه والمصدوم أكثر بما شاهده بالمجتمع من فسوق وفجور وخطيئة وانحلال، الحل الوحيد أمامه كان كحل ترافيس بيكل في سائق التكسي هو (انتظار المطر الذي سيخسل الشوارع من القاذورات) ولكن قاذورات (جون دو) ليست مجرد القوادين والشواذ والعاهرات كما عند ترافيس، بالنسبة لدو هي كل شخص يرتكب خطيئة يصبح قذارة من أكبر رأس بالمجتمع إلى أصغرهم، (جون دو) قرر كما (بيكل) أن يصبح هو المطر الذي سيغسل الشارع بل أمريكا كلها، ما يقوم به (جون دو) من جرائم ليس مجرد سادية وإجرام بقدر ما هو عقاب وعلاج وتنبيه للخاطئين النائمين بأن (جون دو) وأمثاله موجودين وهم لن يجعلوهم يستريحون بحياتهم، ولكن بالمقابل فإن (جون دو) ليس مرتاح لما يقوم به هو يشعر بأنه يخطأ أيضاً ولكنه لا يستطيع التوقف بفضل القوى الدينية ظاهراً والنفسية باطناً التي استحوذت عليه والتي تسيره نحو ما يقوم به.
وهنا لا استطيع أن أتحدث سوى عن تأثر فينشر بسكورسيزي وفلمه الأهم (سائق التكسي) وتأثره ببراين دي بالما، فقد تأثر فينشر من الأخير بوحشية أفلام دي بالما وجرائمها المفجعة في حين إن التأثر من سكورسيزي وسائق التكسي هو الغالب على طول الفلم وهو شيء لا نلاحظه إلا عند النهاية، فتوحد المجرم وكتابته ليومياته المرعبة، إيمانه بصواب ما يفعله بل وأحقيته بما يفعله، وما رافقه من شعور بالذنب وإنه مجبر على ذلك بفعل قوى ألاهية تسيطر عليه، جنونه دنائته وحشيته هوسه كلها أشياء قدمها سكورسيزي سابقاً وعاد فينشر ليقدمها مجدداً ولكن ليس بطريقة سكورسيزي فهو لم يستعرض قصته من جانب المجرم بل استعرضها من الجانب الآخر من خلال مطارديه وضحاياه الذين يمرون بما مر به (جون دو) سابقاً من كآبة وعزلة ولكنهم لم يحلوها مثله هم حاولوا حلها بطرقهم الخاصة عن طريق إغراق أنفسهم بالعمل أو استمرار الحياة وإنجاب الأطفال والتفاؤل بالخير وبأن الحياة ستصبح أفضل، فينشر لم يقترب من سائق التكسي من خلال الموضوع بل من خلال الشكل العام أيضاً حيث شاهدنا قذارة الأماكن وحشية الأجواء وسوداويتها الموسيقى الكئيبة الموضوعة بالفلم ، والتبحر بأعماق الشخصيات ، ولكن مع هذا كله فإن فينشر لم يأتي بسائق التكسي كما هو بل قام أيضاً بوضع لمسته الإخراجية الخاصة الواضحة في كل مشهد كحركة الكاميرا الجنونية الإضاءة الخافتة والتكنيك الإخراجي والانسيابي الواضحة بالانتقال بين المشاهد، إبرازه لأجواء العزلة والوحدة التي تعانيها الشخصيات، التركيز على الألوان الصفراء والسوداء والآثاث الخشبي وإستمرار هبوط المطر صانعاً جواً مزعجاً جداً يلتحم بأجواء قصته العامة الدموية المزعجة، هذا عدا حرصه على إجبار المتابع على إجراء مقارنة مستمرة بين الشخصيتين الرئيسيتين (ديفيد ميلز ووليام سمرست) حيث يضعهما كلاهما في إطار الكاميرا ويعرضها لموقف واحد فنرى تعامل كل منهما معه بطريقته (ميلز) بالطريقة المتهورة الغاضبة المجنونة و(سمرست) بطريقته الحكيمة الهادئة، وراح يحرص فينشر على إظهار جمال العلاقة بين هذين الثنائي المتناقضين والتي تتعدى علاقة صداقة لتصل إلى علاقة أبوية جميلة حيث كان (سمرست) دوماً أشبه بأب لـ(ميلز) الذي كان كالأبن له، فنرى (سمرست) يحاول حل مشاكل ذاك الداخلية، ولكن كان هناك مشاهد أخرى صامتة رمزية أظهرت جمال العلاقة كالمشهد عندما يسهر به الاثنان في غرفة فحص البصمات وينامان على الكرسي ونرى (ميلز) واضعاً رأسه على كتف (سمرست) في حين يقوم ذاك باحتضانه بمشهد شديد الحنان والبراءة يظهر مدى حاجة (ميلز ) لأب يساعده، ويظهر مدى حاجة (سمرست) لأبن يشعره بأنه لم يضع عمره هباءً .
سيناريو فلم (Se7en) هو من أفضل سيناريو عام 1995 بل ومن أفضل سيناريوهات التسعينات شخصياً كنت لأفضل أن يفوز أندرو كيفين وكر بالأوسكار كأفضل سيناريو عن هذا الفلم فالسيناريو الذي قدمه أكثر عمقاً وتعقيداً من سيناريو كريستوفر ماكواري (المشتبهون الإعتياديون) الفائز بالأوسكار ذاك العام، فهو ينجح بالانتقال وبسلاسة شديدة بين كونه في إثارة ذكي ومركب جداً ورائع وبين كونه فلم درامي عميق عن حياة الشخصيات، دون أن يطغى أحدها على أخر وينجح أكثر بالغوص والتعمق بداخل الشخصيات وإظهار همومها وأحزانها وأفراحها وماضيها ومستقبلها ، وهو كذلك يقدم دراسة عميقة عن الحياة الأمريكية الحديثة وهمومها وانعكاساتها على حياة الأفراد، و قدم عشرات الأفكار والقضايا بفلم واحد لا تتجاوز مدى أحداثه الزمنية أسبوع ولكنه غني غنى أعوام طويلة رزخت تحتها الشخصيات وعانت فيه.
بالحديث عن الأداء التمثيلي في الفلم لا أستطيع سوى أن ابدأ بالحديث عن براد بيت هذا الممثل صاحب الأداء الإعجازي (سابقاً) والذي قدم في التسعينات مجموعة من الأدوار الشديدة الروعة بدأً من دور القاتل المعتوه في (كالفورنيا) ثم دور مصاص الدماء صاحب القلب في (لقاء مع مصاص الدماء) ودوره كالشاب الثري المختل عقلياً في (12 قرد) وختم التسعينات بأفضل أداء له بفلم آخر مع ديفيد فينشر (نادي القتال) وبين الفلمين الآخرين يظهر أداء براد بيت بهذا الفلم وبهذا الدور المعقد شديد الإتقان هو أحد أفضل أدواره المحقق الشاب العصبي الغاضب العاشق المتوتر القوي الضعيف، براد بيت قدم ذلك الدور في نفس العام الذي نال به الغولدن غلوب والترشيح الأول للأوسكار عن فلم (12 قرد) صحيح إن دوره في 12 قرد أقوى وأفضل ولكن هذا لا يعني أن دوره في سبعة ليس رائعاً وجميلاً أيضاً.
مورغان فريمان بعد أن نال عام 1994 ترشيح للأوسكار عن فلم (إصلاحية شوشانك) بدور مجرم محكوم عليه بالسجن المؤبد يأتي بعد الترشيح بعام ليقدم دور (وليام سمرست) المحقق العجوز المخضرم أداء فريمان كالعادة واثق هادئ وقور قوي وباللهجة صوته المميزة الحكيمة قادر على أن يسلب المشاهد ويجبره على التركيز به في كل مشهد يظهر به وأن يعجب به لا إرادياً، فريمان ممتاز جداً لهذا الدور هو يعشق تلك الشخصيات العجوزة القوية المسيطرة الحكيمة ويعرف كيف يقدمها بكل فلم يوجه آخر مختلف عن الآخر وقد قدمها بعدة أشكال سابقاً فمن قائد عسكري في غلوري إلى سائق متفاني في قيادة السيدة ديزي والفارس العربي في روبين هود أمير اللصوص وزعيم السجناء في إصلاحية شوشانك (أفضل أداء له حتى الآن) يأتي دور ضابط الشرطة ليقدمه وسيعلق بعد هذا الفلم طويلاً بهذه الشخصية وبعدة أفلام متوسطة المستوى مثلتأتأت لال (تقبيل الفتيات – قدوم العنكبوت الطويل) .
غوينث بالترو في أول أدوارها البطولية الحقيقية تقدم أداء جيداً جداً لشخصية تريسي يوحي بموهبة كبيرة فهي إمرأة حزينة عاشقة خائفة مضطربة ضائعة تحتاج إلى من يساعدها ، أما كيفن سبيسي فهو بهذا الفلم ومن خلال دور (جون دو) يبدع بشكل مميز جداً هو يقدم دوراً مناقض جداً لفيربال كنت في المشتبهون الإعتياديون رغم أن الفلمان قدما في نفس العام، فهنا نحن أمام شخصية مضطربة مجنونة متوحدة عنيفة قاتلة متناقضة كالمجتمع الذي تحاربه تعيش تحت وطئة الذنب تبرر ما تقوم به إنه ليس إرادياً بل هو واجب عليه تأديته أداءه ممتاز جداً متحكم بالدور إلى أبعد الحدود لهجة كلامه ونبرة صوته وحركة رأسه وفتحة عينيه، سبيسي يسخر كل عضو بجسمه لينجح الشخصية ويخلق لنا مشاعر مختلطة حوله فنحن سنكرهه وسنخاف منه وسنتعاطف معه ، بالمقارنة بين أدائه هنا وأدائه في المشتبهون الإعتياديون أرى نفسي عاجزاً عن الاختيار فكلا الدورين متقنان بنفس الدرجة إن كان من ناحية الرسم أو الأداء ولحسن الحظ إن سبيسي نال الأوسكار عن أحداهما

0 التعليقات:

إرسال تعليق