RSS

La Mome - La vie en rose - 2007


الصغيرة أو الحياة الوردية للمخرج أوليفر دان أحد ابرز الانتاجات الفرنسية الحديثة، فيلم عرض عام 2007 العام الفرنسي الذهبي حيث شهد انتاجات فرنسية بغاية الأهمية كتحفة جوليان شنابل بذلة الغواص والفراشة وفيلم الأنيميشين Persepolis، الفيلم يروي سيرة أسطورة الغناء الفرنسية أديت باف التي أدت دورها النجمة الفرنسية ماريون كوتيلارد ونالت عن الدور جائزة الغولدن غلوب والبافتا والأوسكار ونال الفيلم أيضاً جائزة أفضل مكياج وهو أنجح الانتاجات الفرنسية على شباك التذاكر منذ Amélie - 2001


الفيلم يروي سيرة ذاتية بغاية الجاذبية والغنى الدرامي، صعود أديت باف من القاع لتعتلي عرش الغناء بالعالم ثم انهيارها وعودتها، يتابع الفيلم حياة أديت منذ أيام تشردها مع والدتها المجنونة في شوارع باريس حيث كانت تلك تغني مقابل النقود في الطرقات، ثم انتقالها لتعيش عند جدتها التي تدير منزل دعارة وإصابتها هناك بالتهاب القرنية ومعاناتها من العمى الجزئي ، ثم حياتها مع والدها في السيرك قبل أن تتشرد مجدداً معه في شوارع باريس ليؤدي عروض بهلوانية مقابل المال وهناك اكتشف موهبة ابنته بالغناء وأصبحت الفتاة ذات التاسعة وغنائها مصدر عيش والدها وبقيت كذلك تعيش التشرد وتغني كوالدتها في الطرقات وتدمن الخمر قبل أن يكتشفها صدفة  لويس ليبلي مالك أحد المسارح الفاخرة وينقلها إلى الأضواء وتبدأ من هناك مسيرة الأحلام الصعبة نحو النجومية.
الفيلم يبدأ بتأسيس ممتاز لشخصية أديت، يأخذ مسافة وافية ليستعرض البيئة التي نشأت منها الصعوبات غير المحتملة التي عانتها وينتقل بالصورة بمونتاج مميز إلى مراحل متقدمة من عمرها يرينا كيف إنه رغم كل النجاح الذي حققته ولكن صعوبات البداية بقيت تلاحقها وتعكر حياتها، التأسيس العظيم للشخصية ينتهي حين ينتقل الفيلم للمرحلة الذهبية من حياتها وانطلاق شهرتها العالمية من فرنسا وأوروبا إلى أمريكا هنا الفيلم يقفز من عام 1936 إلى 1946 ولن تستطيع أن تمنع نفسك من الشعور بوجود فجوة بالعمل وقفزة غير مفهومة، تغييب تلك الفترة من حياة أديت أضاع علينا عرض الكثير من الأمور كيف تحولت شخصيتها من تلك الفتاة المهلهلة الضعيفة التي شاهدناها إلى امرأة واثقة وقوية، كيف تعاملت مع الشهرة والثراء كيف استوعبت تلك التغييرات السريعة، كيف مرّت عليها الحرب العالمية الثانية، هذه الأمور كلها افتقدها العمل وأدى إلى وجود تباين بين البداية الممتازة ثم القفزة السريعة غير المفهومة (مشكلة عانى منها سابقاً فيلم السيرة الذاتية الاسترالي Shine وكانت أفلام أخرى أمريكية عن سيرة مغنيين شهيرن كراي ومشي الخط عن سيرة راي تشارلز وجوني كاش قد تجاوزتها) الفيلم يحاول أن يعوض تلك الفجوة بالتأسيس لقصة حب أديت والملاكم الفرنسي مارسيل كاردان وهي قصة الحب التي تسببت بأكبر مآسيها.
دان يعيد شيء من التوازن لفيلمه مع التأسيس لقصة الحب الرائعة بين اديت ومارسيل، تلك التلقائية والعاطفة الخالصة والرومانسية الحقيقية تجعل للعمل مذاقاً شديد العذوبة ويرينا إنه فعلاً هذا كان الحب الحقيقي بحياتها وإنها كانت شديدة الصدق بمشاعرها معه، لتأتي لحظة موته التي عرضها بشكل سريالي عبقري، ولكن بعد ذلك الحدث يعود المخرج ليقفز بفيلمه سنوات للأمام ويعود معها بتشكيل فجوة بالأحداث وقطع الارتباط بين فيلمه والمشاهد، نرى أديت فيما بعد متزوجة مدمنة على المخدرات على شفى الجنون وصلت إلى الحضيض مجدداً الذي تسبب بانهيارها الصحي والمهني والعقلي دون أن نرى كيف بدأ كل هذا.
ما يحافظ على توازن الفيلم أكبر قدر ممكن هو الأداء المثالي من ماريون كوتيلارد، رغم إن الفيلم يضعف ويعاني من قفزات وفجوات وثغرات ولكن أداء ماريون هو وحده الثابت، الجميلة الفرنسية تحافظ على انسجام الأداء بشكل عجيب، تتقمص الدور بكل مراحله وتعبر عن كل تناقضاته ومشاكله ومعاناته، تعيش الدور كما لم نرى من قبل، تغني تمثل تعاني وكل شيء بمنتهى الإبداع، تعطي طاقة وعاطفة وجاذبية مذهلة للعمل، أداء ماريون يدخل ضن أعظم الأداءات التي شاهدناها في السنوات السابقة مع تشارليز ثيرون الوحش هيلاري سوانك  Million Dollar Baby - 2004  هيلين ميرين الملكة نتالي بورتمان Black Swan - 2010  ميشيل ويليامز My Week with Marilyn - 2011 ، ماريون تحولت إلى أحد نجوم الصف الأول عالمياً بعد هذا الدور الرائع ظهرت بأفلام لكبار المخرجين مع مايكل مان في Public Enemy إلى جانب جوني ديب وكرستيان بيل ومع دانيل دي لويس ونيكول كيدمان وبنلوبي كروز في تسعة تحت إدارة المخرج روب مارشل، وفي فيلم كريستوفر نولان   Inception - 2010 إلى جانب ليوناردو دي كابريو  وفيلم وودي آلين منتصف الليل باريس وآخر أعمالها Dark Knight Rises  مع المخرج نولان مجدداً.
الفيلم فيه ميزات بصرية رائعة تصوير إخراج فني أزياء مونتاج ومكياج طبعاً وكان شديد الإبداع، الفيلم رغم مشاكله ولكنه حوى عاطفة رائعة، روح أديت باف الشاعرية وصوتها الأخاذ وأغانيها العظيمة أعطت الفيلم شعوراً وتأثيراً عميقاً، ولن تستطيع بعد نهاية العمل سوى أن تشعر إنه آثر فيك بعمق.

0 التعليقات:

إرسال تعليق