RSS

Transcendence – 2014


لا استطيع اعتبار فيلم التسامي –
Transcendence لولي فايستر صدمة هذا العام، فجوني ديب لم يقدم شيء يستحق الحماس منذ 2010 ومستواه يتراجع عاماً تلو أخر و فايستر حائز على الأوسكار كمصور لروائع نولان وهذه تجربته الأولى بالإخراج ومن المحتمل أن يمر بعثرات، ولكن الصادم بالفيلم إنه كان يمشي خلال الساعة الأولى بالخط الصحيح ليكون Inception  آخر وفجأة أنحرف بشكل كامل وذهب إلى طريق آخر دمر المشروع كاملاً.


الفيلم يتحدث عن فكرة الذكاء الصناعي وتطوره ليحل محل البشر والإيجابيات من هذا والعواقب الأخلاقية والمادية أيضاً وعلاقة العلم بالإيمان وهيمنة الأنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي على العالم، يروي قصة ويلي كاستر (جوني ديب) عالم الأعصاب العبقري الذي وصل بأبحاثه إلى درجة متقدمة جداً بتطوير فكرة الذكاء الصناعي ومحاكاته للعقل البشري، يعمل مع زوجته إيفلين كاستر (ربيكا هيل) و صديقه ماكس واتسر (بول بيتاني) وأبحاثهم تصطدم بمواجهة مع جماعة إرهابية دينية متعصبة ترفض هذا العلم وتعتبره تحدي للرب ، وعندما يتعرض كاستر لمحاولة اغتيال ويشرف على الموت تقوم زوجته بنقل عقله وأفكاره وتصميم برنامج كمبيوتر يحاكيه ومن خلاله يتحول إلى شكل متطور جداً من الذكاء الصناعي يستغل الأنترنيت ليهيمن على العالم.

الساعة الأولى من العمل أكثر من ممتازة بناء رائع للشخصيات وتقديم ممتاز للأحداث وتصاعد مدروس وموفق بخط الإثارة وتطور بالأحداث جعلني لا استطيع أن أغمض عيني وأنا أتابعه واستغرب فشله على شباك التذاكر ولدى النقاد، ولو اكتفى العمل بالساعة الأولى لكان تم اعتباره أحد كلاسيكيات الخيال العلمي، ولكن حين وصل العمل إلى نقطة الذروة بالإثارة والفكرة توقف عن التصاعد ولم يستغل فايستر كل البناء وكل التقديم الذي عمل عليه بل رماه تماماً وبدأ بخط مغاير أخر عاد بالفيلم إلى نقطة الصفر وكأني أشاهد جزئيين لفيلم مدمجين بفيلم واحد الأول مبتور النهاية، القسم الثاني كمستقل جيد - ولو أنه عانى بشيء من الشطط والمبالغة بحجم الخيال – ولكن مشكلته اتصاله بالأول وعدم التوازن بالانتقال بين القسمين مما أفقدني التواصل مع العمل وأصابني بالملل بعد التشويق الذي عشته ببدايته ولم أعد استطع التواصل مع مجدداً وكرر فايستر أخطاء القسم الأول فلم يقدم شيء يعيد الجذب للعمل وقام ببعض الحركات والالتفافات الجيدة وحين حان وقت استخدامها استغنى عنها ورماها تماماً وأوصلنا إلى نهاية تقليدية سيئة وغير مقنعة إلى حد ما.

شاهدت الكثير من الأفلام التي شعرت إنها مليئة بالحشو ومملة ولكن هذا الفيلم بالذات شعرت إنه مكثف أكثر من اللازم أشبه بثلاثة أجزاء Matrix مدمجة بفيلم واحد، كان يحتاج المزيد من التفاصيل المزيد من التشويق والإثارة وكان قابل لذلك بالقسم الأول وكذلك بمرحلة معينة من القسم الثاني ولكن يبدو وكأن فايستر كان مهتم بالفكرة وتقديمها أكثر من اهتمامه بالإثارة فتهرب من أي موقف تصعيد للإثارة، وحين كان يشعر إنه متورط بتقديم الإثارة يقوم ببترها من جذورها، شيء من إنعدام الثقة بعمله جعله يهرب ويصيب الفيلم بالعطب على عكس التوازن العبقري بالإثارة والفكرة من أفلام ماتركس وتقرير الأقلية وانسبشن و لوبير مؤخراً إلى حد ما، ولو أنه فصله إلى فيلمين وصعد الإثارة والتشويق فيهما واهتم ببنائهما أكثر لصنع مجد سينمائي خاص، كنت متشوق أكثر لمتابعة المواجهة بين كاستر الذكاء الصناعي ومطارديه في القسم الأول الاطلاع أكثر على ذكاءه وحيله ومراقبته وهو يطور نفسه ويطيح بلجميع حوله لا أن يهرب هكذا ثم نرى على الشاشة عبارة بعد مرور سنتين، والمواجهة الأخيرة بين المهجنين و الأمن والمنظمة فاشلة أيضاً وكأن صنع جيش كاستر بالعمل كله هراء وبلا فائدة أو أهمية ولا يوجد لحظة مواجهة تمثل الذروة وتشوق المشاهد وهي مطلوبة جداً بهكذا نوعية صانعاً نهاية مفتعلة من حيث العواطف.

على صعيد القصة هناك ثغرات وغياب فترات طويلة للعديد من الشخصيات وعدم الاهتمام بها، شخصية واتسر بنيت أيضاً بشكل جيد وكان من الممكن الاستفادة منها أكثر ولكنها غيبت لفترة طويلة وظهرت فجأة مجدداً، شخصية تاغر (مورغان فريمان) لم أفهم سبب وجودها بالعمل أو أهميتها، وشخصية العميل بوشانان (كيليان ميرف) لا تحمل الفاعلية المطلوبة والمؤثرة ويبدو في النهاية منقاداً للمنظمة و بري (كيت مارا) لا يليق بها أبداً أن تكون العقل المدبر لمنظمة إجرامية لا كأداء ولا كبناء شخصية ولا كعمر يفضل لو أنها بقيت كعنصر عادي فقط، من الثغرات القاتلة أيضاً أداء جوني ديب، كان عظيماً بالساعة الأولى ثم ضاع مع بقية العمل ، لحظات عبقريته واحتضاره رائعة ولكن حين تحول إلى ذكاء صناعي لم يتجاوز أدائه مرحلة صوت اصطناعي ناطق عن كمبيوتر وصورة رقمية جامدة، لم يشعرنا أبداً بأن هناك حياة حقيقية وعواطف تعيش داخل الجهاز كصوت Hal الشهير من ملحمة كوبريك الفضائية، أو كصوت سكارليت جوهانسون في her  بالأخص إن إيفلين تبقى على حبها لزوجها حتى بعد وفاته وتحوله إلى عقل رقمي وتبقى تتأثر به وتنجذب وتنقاد له، والأمر ليس فقط إعجاب بفكر أو ذكريات هناك جانب عاطفي خفي بالعلاقة أقوى من أي ذكاء لم يقدمه ديب مما أدى إلى تغيب المحور العاطفي وعدم الاحساس بالعلاقة بين الشخصيتين وجعل ذلك الانقياد من قبل إيفلين شيء يشبه الأضحوكة  وتسبب بأن جعل النهاية غير منطقة ومقبولة.

مستوى الذكاء بالعمل كفرضيات علمية وتخيل للمستقبل وتأثير الذكاء الصناعي على العالم هو الشيء الوحيد ليس فقط الإيجابي للعمل وإنما العظيم فيه أيضاً وكان من الممكن لو تماشى مع توازن المحاور وصنع إثارة ممتازة بالعمل أن يتحول إلى أهم أفلام الخيال العلمي ، إيجابيات العمل تكمن بالتصوير على مستوى إنجازات فايستر مع نولان ولو إن النص وقع بيد نولان وبقي فايستر وراء الكاميرا لكان رحم البشرية وجمهور الخيال العلمي من خيبة أمل ومن إضاعة ساعتين بلا طائل.

4/10

0 التعليقات:

إرسال تعليق