RSS

Noah -2014


كان لدي إحساس منذ البداية إن فيلم نوح لدارين ارنوفسكي لن يكون بالمستوى المأمول ولكن أن يكون كارثي بهذا الشكل فهذا ما لم أكن أتوقعه، كنت قد شاهدت إعلان العمل قبل عرضه وانتابني شعور إن الفيلم قد وقع بفخ الأعمال الفنتازية أو أفلام الميثيولوجيا المكررة والنمطية كأفلام أساطير اليونان ضئيلة الميزانية أو الضخمة منها كصراع الجبابرة و طروادة، ولكن بقي لدي أمل إن دارين أرنوفسكي مبدع قداس حلم والمصارع والبجعة السوداء ربما يكون لديه حل لينتج ميثيولوجيا فلسفية دينية مبتكرة كرائعته النافورة 2006 بالأخص مع إعادة اجتماع نجما عقل رائع راسل كرو وجينفر كونللي ومشاركة انتوني هوبكنز وراي وينستون مع الشابين الموهوبين ايما واتسون ولوغان ليرمان (سبق له الاجتماع مع كرو في 3:10 to Yuma) .


بداية العمل مميزة بعرض رسومي سريع لقصة الخلق ثم الهبوط وصراع قابيل وهابيل وانفصال العالم بين نسل قابيل الكفار العصاة ونسل شيث المؤمنين المحافظين على وصية الرب حتى لحظة وصول الرؤية لنوح (راسل كرو) بأن طوفان سيغرق العالم ويقضي على شر الإنسان فيها وعليه بناء سفينة للحفاظ على المخلوقات الحية من الفناء وإعادة بدء مسيرة حياة جديدة على الأرض لا مكان لفسق البشر فيه.
منذ لحظة البداية تشعر بوجود خلل ما في العمل ، حيث يشهد نوح مقتل والده أمامه تشعر بثيمة مكررة من أفلام الأساطير الكلاسيكية (ككونان و قلب شجاع) تعود بلا مبرر ، ثم مشهد إنقاذ نوح للحيوان وقتل مطارديه أعطاه صورة بطل العضلات العنيف دون أن يكون هناك ضرورة لصنع هذه الصورة الأسطورية، نوح أسطورة بصنعه للسفينة وليس بقوة عزمه وعضلاته التي تطيح بالعشرات، وهذا قاد العمل فيما بعد إلى دروب سيئة حوله إلى أكشن بشكل مفتعل ومليء بمشاهد القتال والمعارك غير المطلوبة وكأن ارنوفسكي يريد حشو العمل وإطالة مدته ثم إيصال الخاتمة إلى صراع نهائي بين نوح و طوبال حفيد قابيل – قاتل والده - بأسلوب أفلام أكشن الثمانينات أساء كثيراً للعمل عدا استغلال قصة الملائكة الساقطين وتحوليهم إلى جنود حجرية على شاكلة أشجار سيد الخواتم جعل منه أضحوكة وسخرية.
كما إن أجواء العمل غير ناجحة وتفاصيل الزمان، الملابس تبدو أقرب للعصور الوسطى منها إلى ملابس حقبة خارجة من العصر الحجري، ثم تصوير رسالة نوح على شكل مناقض للفطرة الإنسانية والدينية، فكل الدعوات الدينية دعوات رقي ونماء وشعب قابيل شعب يستخرج الحديد و يحاول ابتكار طرق جديدة للعيش ويتغذى على الحيوانات لم نلاحظ فيهم كفراً وفجراً جقيقياً يستوجب العقاب سوى بحملهم أرث جدهم بقتل هابيل، ثم إن هذا التصوير المتطور لشعب قابيل يثير السخرية، استغلالهم المعادن بشكل متطور وصنعهم لنماذج بنادق بدائية أسلوب يجعلني أشعر إني لا أشاهد فيلم عن فترة ما قبل التاريخ .
الدراما بالعمل سطحية، البداية ومشاهدة الحلم كانت جيدة، ولكن النزاع بين نوح وحام لم يشبع أبداً ولم يعطى حقه الدرامي وكان سطحي، شخصية زوجة نوح كانت ثانوية جداً، شخصية حام مبتورة وسام كان مجرد إضافة بلا فاعلية، نزاعات النوح الداخلية كشخص يحمل هم الإنسانية ومصير الكون كله لم يتم تصويرها بالشكل الناجح بل إن نوح تحول إلى اشبه بمختل عقلياً يحمل رسالة غير واضحة ولا يفهمها، ثم لم أفهم لماذا لم يصعد متشوالح إلى السفينة، لماذا لم يبادر نوح بدعوة قوم قابيل إلى التوبة طالما إنه نبي ومن واجبه التبليغ ولماذا لم يبادره قوم قابيل بالطاعة ويرجوه النجدة طالما إنهم يعرفون إن سفينته هي المنجد الوحيد لهم، لماذا لم يخترعوا سفن وهم أكثر عدداً وأقوى، وكيف عرفوا إن هذا الطوفان سيقضي عليهم؟؟؟؟
الجانب الإيجابي بالعمل هو تصوير الأحلام فقط ولحظة إبحار السفينة بين عشرات الجثث الغارقة و حديث نوح عن نبوءته لعائلته، الشكل البصري والمؤثرات ممتازين جداً ولكن في عصر الافاتار والغرافيتي وحياة باي وهيوغو وسيد الخواتم فهذا لا يكفي لصنع عمل عظيم مع نص سطحي كهذا، الأداءات عادية جداً كرو حاول أن يقدم شيء هام في شخصية نوح ولكن بدائية رسم الشخصية لم يساعده، أبدع بمشاهد الأكشن أكثر من مشاهد التمثيل، العمل هو سقطة حقيقية في مسيرة ارنوفسكي أرجو أن تكون الأخيرة

3/10

0 التعليقات:

إرسال تعليق