RSS

مشاهدات 2016

مشاهدات عن مجموعة من أفلام عام 2016




في زمان مضى ... كنت استيقظ يوميا" في الساعة التاسعة صباحا"، أخرج من منزلي في حي الميدان الساعة 9:30 وأذهب مشيا" إلى عملي في منطقة البرامكة عبر طريق شارع خالد بن الوليد الشعبي لا عبر طريق شارع الجمارك، المسافة لا تستغرق معي أكثر من نصف ساعة وخلال المشي أشرب عبوة قهوة باردة (موكا) واتناول معها غوفر بالشوكولا، أصل يوميا" إلى عملي الساعة ال 10 صباحا" وانتهى الساعة ال7 مساء" وأعود من نفس الطريق مشيا" أيضا" عبر حي البرامكة الذي ربيت فيه ثم الفحامة ثم شارع بن الوليد فالمجتهد انتهاء" بالميدان، يسألني كثيرون لماذا تمشي هذه المسافة رغم إن الحافلة توصلك من باب عملك إلى باب منزلك؟ كنت اتحجج بأن عملي كمصمم إعلامي يستوجب علي الجلوس لساعات طويلة مما يسبب لي ألما" في الظهر وأحب المشي حتى أحرك فقرات ظهري اتقاء" للديسك، ولكن في الحقيقة فإن دقائق المشي هذه هي وقتي المفضل من اليوم، هي اللحظات التي أحرر فيها عقلي وروحي فلا أفكر بشيء أبدا" أدخل منطقة الفراغ وأطوف فيها، هي أشبه بوقت خاص للتنفيس عن روحي ونفسي لأحافظ على توازني العقلي ضمن زحام هذه الحياة بين عمل ودراسة وطموحات وإنكسارات ومستقبل مجهول وغيرها من هموم شبابية صغيرة كانت أم كبيرة، كل إنسان يحتاج لهذا الوقت الخاص الذي يمارس فيه شيء أشبه بإعادة الإقلاع لكمبيوتر عقله حتى لا ينفجر ولو كان بشيء بسيط .
جيم جارموش بعمله الرائع هذا عبر من خلال باترسون الناسك عن هذه الفكرة ، الدقائق التي يسرقها يوميا" لكتابة الشعر هي ما تبقيه متوازن ، هو ليس شخص مستسلم أو ضعيف هو أشبه بزاهد متصوف أكتشف إن الحياة لا يوجد فيها شيء يستحق الحزن والغضب والإنزعاج لأجله فأختار أن يعيش في سلم دائم ومصالحة جميلة مع العالم، يقضي أيامه الروتينية التي لا تتغير بسعادة وسمو، يحيا برضى تام وهدوء رغم فقره وإنعدام الطموح المادي بحياته بفضل دقائق كتابته للشعر قبل عمله وبفضل زوجته التي ورغم غرابة أطوارها ولكن هي بوصلة حياته بحبها له وتعلقها الطفولي به ونظرتها له التي تشعره إنه كائن عظيم رغم إنه إنسان متواضع جدا".
جارموش أعطانا بعمله البديع سر السعادة الحقيقي حتى لو لم يملك الإنسان المال أو المكانة الرفيعة، أهدانا جولة سياحة رائعة في منطقة باترسون نيوجرسي وشخصية مذهلة من خلال باترسون بأداء مذهل من أدام دريفير يجعلنا نتمنى حياته ونحسده على رضاه وهدوءه ومصالحته، وعمل روحاني منعش جدا" للقلب وأحد أفضل أفلام 2016 بالنسبة لي


غاريث ديفيدز في فيلمه الطويل الاول يحاول أن يقدم شيء من لاشيء تقريبا"، أن يجعل لفيلمه هوية ويصنع لنفسه شخصية إخراجية صلبة وينجح بذلك أغلب الوقت رغم ضعف النص غير موجود تقريبا"، غاريث بيل هو من كان يكتب العمل بكاميرته بالأخص في النصف الأول الممتاز جدا" واستعراض قصة ضياع المؤلمة لسارو واداء الطفل ساني باوار المبهر بهذا القسم، ديفيز يبدع بتقديم أجواء الهند والزحام والاختناق والفقر ، ينسج علاقة رائعة بين سارو وشقيقه غودو مهمة جدا" للقسم الثاني ولا يستجيب لإغراء تقليد المليونير المتشرد بمرحلة الطفولة والتشرد فيبقى له هويته.
مع وصول سارو لاستراليا يهبط إيقاع الفيلم لأنه بكل بساطة لم يعد هناك مساحة واسعة كالتشرد ليلعب ديفيز بها، هنا تبدو عيوب النص بعدم تفصيله لمرحلة مراهقة سارو وصنع شخصية والديه بالتبني والتعمق بعلاقته مع مانتوش، يصبح الفيلم باهتا" وقرار سارو بالبحث عن عائلته يبدو مفتعلا" وآلية البحث غير مشوقة (رغم إن ديفيز يجتهد بالربط بين الدافع المفجر للبحث وذكريات الطفولة ولكن الحفر بعمق الدوافع وأساسها ضعيف) في هذا المشهد هناك إهمال غريب لعلاقة سارو بأهله بالتبني ولنزاعه بين عائلتين بإنعكاس قرار البحث على والديه بالتبني ، والفيلم مشكلته الرئيسية إهمال عائلة سارو الإسترالية رغم وجود ممثلة بقامة نيكول كيدمان والتي استطاعت أن تسرق لحظة أدائية عظيمة خلال العمل .
قسم البحث باهت جدا" وممل ولكن ديفيز يجد مساحته هنا للتلاعب بصريا" ، مشهد الحلم ثم تفسيره لاحقا" ممتاز جدا" جدا" وضخ الروح بهذا القسم الميت بالإضافة لمحاولات ديف باتل بأداء صلب وحزين والبعيد عن الرثائية والإفتعال والبكائية بصنع حياة هنا .
ديفيز يستحق الثناء على مشهد اللقاء، هو كان يراهن على هذا المشهد وكسب الرهان، صحيح إن المشهد يوجد له ألف شبيه بالأفلام والمسلسلات حول العالم ولكن ديفيز يحاول أن يصنع شيء مختلف، عفوية أداء ديف باتل والممثلة التي لعبت دور أمه الموسيقى الرائعة وتصوير اللقاء بألوان حية وحقيقية بعد إن كسا القسم السابق الألوان الباهتة كتعبير عن إشراق روح سارو بعد ذبولها وتنقل المونتاج الممتاز لملامح الكومبارس وتفاعلهم الحقيقي لدرجة البكاء مع المشهد ، هذا المشهد جعل الفيلم ينجو رغم عثرات النص والأهم إنه قدم لنا غاريث ديفيز كمخرج ننتظر منه شيء مهم

إن سنحت لي الفرصة يوما" لأضع قائمة بأسوء الأفلام التي ترشحت للأوسكار فهذا الفيلم سيكون ضمنها وبمرتبة متقدمة أيضا"، قصة جذابة عن ثلاث نساء من أصل أفريقي كافحن في أمريكا الستينات لإثبات ذاتهن في الناسا والمجتمع ضد التمييز الذكوري ضدهن حتى ضمن مجتمعهن وضد التمييز العنصري ضد السود في وقت اشتعل فيه سباق الفضاء بين امريكا والاتحاد السوفيتي.
القصة تصلح كأساس لعمل سينمائي مميز ولكن الكاتب والمخرج ثيودور ميلفي لم يقدم شيء يعطي فيلمه أساس صلب ليعلق بذاكرة المشاهد، بل أكاد أراهن إنه كان يعمل بأمان تام وثقة بأن عمله سينجح وسيصل للأوسكار لأنه يستغل الموجة الحالية من قضايا العنصرية الحديثة وحقوق المرأة وعودة الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا، اكتفى بوقع القصة وقيمتها التاريخية وأهميتها في الوقت الحاضر أكثر من اهتمامه بصنع عمل سينمائي مهم (على عكس إنجاز باري جينكيز العظيم في moonlight الذي استند إلى قوة شخصية فيلمه لينجح ولم يترك كل شيء لسمعة القصة وموجة التعاطف السينمائية مع القضايا التي يعالجها)
إحساس ميلفي بالأمان وهو يصنع الفيلم إنعكس على روح الفيلم ككل ، بارد جدا" جدا" رغم توتر الحدث، لم أشعر أنا كمشاهد بالتوتر وضيق الوقت الذي عاشه طاقم الناسا وهو متأخر عن الاتحاد السوفيتي بإرسال إنسان للفضاء، لم أشعر بتوتر حياة كاثرين وإنقسامها بين عملها وعائلتها وحياتها العاطفية (على عكس ما قام به سودربيرغ برائعته ايرين بروكفيتش) ولم يكن للحظة إرسال فريندشيب 7 إلى الفضاء ذلك الوقع العاطفي الحماسي سوى بحدوده الدنية، ميلفي لم يكن يتعامل مع الفيلم فقط بأمان بل بنوع من المسلمات بأن الجميع يعلم إن النساء سينالون حقوقهن الفصل العنصري سينتهي الناسا سترسل شخصا" للفضاء لذلك لم يجتهد ليقدم شيء للقصة ولو اكتفى بصنع وثائقي عن الموضوع لما اختلفت النتيجة دراميا"، فالفيلم لن يفيدك سوى بمعرفة كواليس ما جرى دون أي حس سينمائي أو درامي.
في الفيلم يوجد أحد أسوء إنجازات المونتاج التي شاهدتها يشعرك بالانتقال بين حياة النساء بالناسا و حياتهن الخاصة بشيء من الفجوة أو الثغرات وعدم الإنسجام ، شيء يشبه البتر غير المريح والذي يسبب تشويش ويقطع الرابط بين المشاهد والحدث يجعل الفيلم ينتقل من الخفة إلى مستوى أخف.
ثم إن فوز الفيلم بجائزة أكاديمية التمثيل كطاقم تجعلني بحيرة حول مدى أحقية الطاقم، وما المميز بأداء أوكتافيا سبنسر لتنال ترشيح للأوسكار؟ ، ماهرشالا علي و جانيلي موناي اللذان تألقا في moonlight لا يقدمان شيء يذكر هنا، شخصية كيفن كوستنر تم التقديم لها على إنه حازم وعصبي ويصعب التعامل معه ولكن لم نرى بتصرفات الشخصية شيء من هذا، بل كان على النقيض الأكثر تعاونا" وتفهما" لكاثرين وهذا الشيء أنعكس على أداء كوستنر الذي كان باهتا" جدا"، جيم بارسونز هو نفسه شيلدون من مسلسل بينغ بانغ بدون حس كوميدي، كريستن دنست قدمت أداء يمكن لأي ممثلة صف ثالث أن تقدمه، تاراجي هونسون هي الوحيدة التي تستحق الثناء بالعمل وقدمت شيء حقيقي ومميز.
الفيلم يلعب على وتر العنصرية بإبتذال دون أن يغوص بالعمق، يعتمد على مداعبة المشاعر من خلال التركيز على قضية فصل المراحيض أكثر من اي شيء أخر ويلخص الاضطهاد بصعوبة كاثرين قضائها حاجتها ، فيلم مهزلة حقيقية وإهدار لقصة كفاح عظيمة إعتمادا" على موجة التعاطف لا على بنية سينمائية ومن المؤسف أن يحمل صفة مرشح لأفضل فيلم ويتم تجاهل روائع أحق مثل صمت سكورسيزي


فيلم كين لوتش هذا المتوج بسعفة مهرجان كان السينمائي وبجائزة الأكاديمية البريطانية (البافتا) كأفضل فيلم بريطاني هو أحد أكثر التجارب السينمائية إلياما" بالنسبة لي، فيلم يطعن بالصميم، القضية التي يطرحها هي فعلا" أحد أكثر المشاكل إنتشارا" وإيلاما" حول العالم وبكل الدول ولا أحد يكترث لحلها، جريمة حقيقية تمارس على شتى الصعد، لوتش يريك صعوبة الفقر وإهمال الدولة فوقه كيف هو أصل الشرور بكل المجتمعات أصل الجريمة والإنحلال الأخلاقي و التمرد، يبدع بتصور أصعب ألم يشعر به الإنسان حين لا يستطيع إطعام أطفاله أو معنى الجوع الحقيقي حين يحرم نفسه الطعام لأيام لإطعام صغاره، يريك معنى الظلم الحقيقي حين تهدر عمرك وصحتك من أجل الفتات وتقدم كل شيء وتعيش كمواطن نزيه ثم يتم رميك بلا مقابل، يريك المعنى الحقيقي للمهانة حين تضطر أن تتسول حقك وحين يرميك الجميع ويتخلون عنك ويعاملوك ككائن بلا قيمة مجرد رقم
المشكلة الأكبر إن فيلم كهذا ومثيله وغيره والكثير من المقالات والمحاضرات والكتب عن أزمة الفقر والتعويض الصحي والمعاشي والبطالة يتم التعامل معها كمشهد اعتراض دانيال من خلال الكتابة على الجدران تصفيق وهتاف وتأيد ثم الكل يمضي بطريقه رغم إن الكل معرض لهذه الكارثة دون أن يبادر أحد بفعل شيء .
صناعة مبهرة من لوتش خيط من الكوميدية السوداء يلف العمل بنعومة تصوير مؤلم لحجم المآساة دون إبتذال أداءات جبارة من ديف جوبز و هايلي سكويرز، بسيط ومحكم ومؤثر ومدروس بعناية رغم بعض الخفة في الخاتمة و شيء من المفاصل المتوقعة ، ولكنه عمل هام جدا" وصادق جدا" وأحد أفضل أفلام عامه وسعيد لفوزه بالسعفة


نهاية الفيلم فيها شيء لم يرق لي رغم إن تصميم رحلة الهرب مع تشجيع الأخ وهتافه صنع لحظة مؤثرة في الصنيم، ولكن مع ذلك فالخاتمة السعيدة بانتصار البطل صنع شيء من عدم الإنسجام بالنسبة لي مع سياق الفيلم ككل ومع مقولة الفيلم إن سر الإبداع هو بأن تحب تعاستك، كما إن هذا الإنتصار أعطى الفيلم شكل حالم غير واقعي حوله لأحد الأفلام الرومانسية الخاصة بالمراهقيين والثانوية على عكس الشكل الواقعي الذي كان يسير عليه منذ البداية ، عدم إنتصار البطل وهربه مع محبوبته إلى لندن كان جعل للفيلم مذاقا" أخر ، هربه لوحده للندن وبقاء محبوبته بعقله وقلبه كمصدر لإلهامه كان ليكفي .
بغض النظر عن النهاية التي لم استسيغها كثيرا" فالفيلم منعش جدا"، جميل وعفوي كوميدية سوداء مستخدمة بعناية خط رومانسي جيد علاقة ممتازة بين البطل وأخيه ، فيلم عذب جدا" قصة شاب أراد تشكيل فريق موسيقية لنيل إعجاب فتاة جميلة أكبر منه وأنغمس بالأمر حتى تحول إلى نافذة للهروب من واقعه ثم إلى وسيلة لتشكيل شخصيته وعالمه، قصة جميلة جدا" عن الطموح والشغف الذي يصطدم بالبيئة والظروف والمفاهيم والقيم وتحدي كل شيء لإشباع هذا الشغف، في العمل سلسلة رائعة من الأغاني و أداء تمثيلي عفوي جدا" ومنسجم بين طاقم التمثيل المراهق، أجواء رائعة من دبلن الثمانينات وفيلم إيرلندي ممتاز من جون كارني يجعلك ترغب بالعودة لإكتشاف باقي أفلامه، ورغم النهاية الحالمة فإنه أحد أفضل العام بالنسبة لي


ﻃﺒﺨﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﺟﺪﺍ ﻭﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﺑﻬﺪﻭﺀ ﻭﻧﻔﺲ ﻋﺎﻟﻲ، ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻠﻌﻨﺔ بأﻧﻬﺎ ﺗﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺃﺳﻮﺀ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﻢ، ﺣﻈﻬﺎ ﻳﻀﻌﻬﺎ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺑﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﻴﻦ ﺑﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺗﺤﺎﺭﺏ ﺷﻴﺎﻃﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ، ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺭﺍﻓﻘﺘﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻃﻔﻮﻟﺔ ﻇﻠﻢ ﻓﺎﺩﺡ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﺗﻬﺎﻣﻬﺎ ﺇﻧﻬﺎ ﺷﺮﻳﻜﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﺰﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻭﺍﻧﻌﻜاﺴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻠﻔﺖ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻧﺪﻭﺏ ﻻ تجبر ﻭﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻣﺒﻜﺮﺍ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻭﺗﻮﺍﺟﻬﻪ ﺑﺎﻛﺮﺍ ﻟﺘﺒﺮﺉ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺗﺸﻚ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺄﻋﻤﺎﻗﻬﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﺩﻭﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺣﺶ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻭﺣﺶ ﻳﻈﻬﺮ ﻛﻞ ﺣﻴﻦ ﻭﻳﺘﻠﺬﺫ ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﻐﻞ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﻨﻘﺎﻁ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﻴﻦ ﺑﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻃﻼﻉ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻔﺎﻳﺎﻫﻢ ﻭﻳﺤﺸﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ﻭﻳﺘﻠﺬﺫ ﺑﺈﺫﻻﻟﻬﻢ ﻭﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﺑﻜﺸﻔﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﻢ، ﻭﻛﺄﻥ ﻣﻴﺘﻴﺸﻞ ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻳﺤﺎﺳﺒﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺎﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺘﻬ ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻳﺒﺪﻭ ﻋﻤﻼ ﻣﻤﺘﺎﺯﺍ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻣﺎ ﻳﺨﻔﻴﻪ ،ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﻭﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﺟﺪﺍ ﻣﻦ ﻭﺣﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺩﻭﺩﺓ ﻭﻟﻄﻴﻔﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﺧﻔﺎﻳﺎﻫﺎ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺟﺪﺍ ﻭﺳﻮﺩﺍﻭﻳﺔ ﻭﺧﻠﻒ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻐﻠﻘﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺨﻔﺎﻳﺎ ﻭﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ، ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻤﻴﺘﺸﻴﻞ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﺑﺘﺼﻮﻳﺮ ﺇﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺕ ﺻﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮﺕ ﺑﻬﺎ ﻭﺣﻤﻠﻬﺎ ﻵﺛﺎﺭ ﺳﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻭﺍﻟﺸﻜﻮﻙ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ، ﺍﻟﺼﻼﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻛﺘﺴﺒﺘﻬﺎ ﻭﻛﺴﺘﻬﺎ ﺑﺒﺮﻭﺩ ﻣﺮﻋﺐ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﺭﺩﻭﺩ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﻘﺎﺑﻠﻪ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻭﺣﺸﻲ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺧﺎﺹ، وﻳﺒﺪﻭ ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺣﺶ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻈﻬﺮﻩ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺧﻼﻝ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻟﻴﺲ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﺑﻞ ﺍﻟﺼﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻫﺬﺍ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻐﻨﻄﻴﺲ ﻳﺠﺬﺏ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺰﺩﻭﺟﻲ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴات ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻼﻗﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﺁﻥ ﺻﺪﻳﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻟﻤﻴﺘﻴﺸﻞ ﻟﺘﺮﻯ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﺘﻘﺪﻩ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺃﻗﻮﻯ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺭﺑﻤﺎ ﻭﺳﻴﻠﺘﻬﺎ ﻟﻴﺤﻈﻰ ﺃﺑﻨﻬﺎ ﺑﻨﻤﻮﺫﺝ ﻣﻦ ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺤﻨﻮﻧﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﻲ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺇﻧﻬﺎ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﺸﻚ ﺑﺄﻣﻮﻣﺘﻬﺎ ﻟﻪ ﻭﺗﺤﻤﻞ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺫﻧﺐ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺸﻪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺁﺧﺮ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺠﺎﺭﻫﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪﺍ ﻟﺘﻌﻮﺩ ﻭﺗﻮﺍﺟﻪ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻮﺣﻮﺵ ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﺎ ﺗﻤﺮ ﻣﻌﻪ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻭﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﺟﺪﺍ ﻟﺘﻌﻴﺪ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﺎﺿﻴﻬﺎ ﻭﺗﺼﺤﺤﻪ ﻭﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺗﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻭﺗﻤﻀﻲ ﺑﺴﻼﻡ ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﺎ، ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺮﻯ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻳﺒﺪﻭ ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻭﻝ ﻓﻴﺮﻫﻮن ﺑﺮﻭﺍﻳﺔ ﻗﺼﺘﻪ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﺟﺪﺍ، ﻓﻴﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﻗﻌﻲ ﺟﺪﺍ ﻭﺣﻘﻴﻘﻲ ﺟﺪﺍ ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻭﻱ ﻗﺼﺔ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻋﻦ ﺃﻧﺎﺱ ﺣﻘﻴﻘﻴﻦ ﻭﻋﻮﺍﻟﻤﻬﻢ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﻓﻌﻼ ﺑﺤﻘﻴﻘﺘﻬﻢ ﻭﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﺗﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﺧﻠﻒ ﺃﻱ ﺑﺎﺏ ، ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﻪ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﻒ ﺛﻢ ﻗﻴﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻬﺪﻭﺀ ﻣﻦ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺣﻮﻝ ﺇﻣﺮﺃﺓ ﺗتعﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺃﻏﺘﺼﺎﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺷﺨﺺ ﻣﺠﻬﻮﻝ ﻟﻴﺮﻭﻱ ﻗﺼﺔ ﻣﻌﻘﺪﺓ ﻋﻦ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺍﻷﻏﺘﺼﺎﺏ - ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ - ﺣﺪﺛﺎ ﺛﺎﻧﻮﻳﺎ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻭﺗﺤﺪﺙ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺇﻥ ﻛﺸﻒ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻐﺘﺼﺐ ﺑﻤﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻻ ﻳﺒﺪﻭ ﻟﻪ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺌﺔ ﺍﻹﻋﺘﻴﺎﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ﺑﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﺇﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﻭﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ﻛﻜﻞ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺮﺍﻫﺎ ﻭﻧﺮﺍﻗﺐ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻣﻴﺘﺸﻴﻞ ﻣﻌﻪ، ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻌﻼ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻭﺑﻘﺎﻳﺎﻫﺎ، ﺍﻟﺤﻮﺍﺭﺍﺕ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﺻﻴﻎ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﺑﺸﺪﺓ ﻭﺗﺒﺪﻭ ﻣﺠﺘﺰﺋﺔ ﻭﺗﻜﻤﻠﺔ ﻟﺤﻮﺍﺭﺍﺕ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻭﻗﻌﺖ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﻴﻞ ﺇﻥ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ﺑﻌﺪ ﺗﺘﺮ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﺤﺘﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﺣﺪﺙ ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻭﻟﻢ ﺗﺤﺴﻢ ﻷﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻻ ﺗﺤﺴﻢ ﺃﺯﻣﺎﺗﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﺘﻠﻮﻥ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺸﻜﻞ ﻭﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ، ﺃﺩﺍﺀ ﺇﻳﺰﺍﺑﻴﻞ اوبر ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻋﻈﻴﻢ ﺟﺪﺍ ﻭﺑﺼﻌﺐ ﺍﻟﻮﺻﻒ ، ﺍﻟﺒﺮﻭﺩ ﻭﺍﻟﻘﺴﻮﺓ ﻭﺍﻹﻧﻜﺴﺎﺭ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻬﺸﺔ ﺟﺪﺍ ﻧﻔﺴﻴﺎ ﻭﺗﺮﺍﻛﻤﺎﺕ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺘﻬﺎ ﻭﺗﺨﻮﺿﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻫﺎﺑﺮﺕ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﻋﻔﻮﻳﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺟﺪﺍ ﺗﻌﻄﻲ ﺇﻧﻄﺒﺎﻉ ﺇﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﺑﻞ ﺗﺠﺴﺪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺶ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻭﺗﻜﻮﻧﻪ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ، ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻋﻦ ﺃﻧﺎﺱ ﺣﻘﻴﻘﻴﻦ ﻭﻋﺎﺩﻳﻴﻦ ﻭﺟﻮﺍﻧﺒﻬﻢ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ اوبر ﻋﺎﺩﻳﺔ ﺟﺪﺍ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺩﻱ


ما واجهه سولي بعد إنقاذه للطائرة عام 2009 كان أصعب من حادثته الشهيرة، ملاحقة شركة التأمين وشركة الطيران ومؤسسة الامن الجوي ونقابة الطيارين وضعه بمأزق لا يحسد عليه كاد أن يطيح به وسبب له شكوك بقراراته وموقفه، حين كان سولي يحظى بالاحتفاء من الإعلام والهتاف من الشارع كان الحبل يضيق على رقبته بالخفاء ويوشك أن يخنقه ، مشروع مشوق كفكرة ولكن العمل لم يكن جيدا أبدا ومخيب للأمال بالكثير من الجوانب.
مشكلة العمل باعتقادي هي بالنص، هناك تشتت واضح بما يريد أن يقوله، بين عرض قصة هبوط سولي بطائرة الايرباص على نهر هدسن بنيويورك ثم عرض المازق وعرض شكوك سولي بنفسه ومحاولة التعمق بتفاصيل غير ضرورية بمشاكله الحياتية وماضيه ، محاولة للاحتفاء بالغريزة الإنسانية زمن الآلة، تمجيد البطولة من جميع أطراف حادثة نهر هدسن، وفي النهاية لا شيء من هذا تحقق، إيستوود يستحق الثناء لجهد المخضرم الواضح بالتوفيق بين المحاور وردم عيوب السيناريو وصنع توازن بين الإثارة المضبوطة والعاطفة المضبوطة والتركيز على صراع سولي مع شياطينه وصنع فرجة بصرية جيدة ورمى بجهده على هانكس الذي لم يخذله وقدم أحد أفضل أدواره ولكن عيوب السيناريو افدح من ان يستطيع إيستوود وهانكس تجاوزها.
عرض حادثة نهر هدسن بمنتصف العمل كان جيد لأنها جاءت بعد تمهيد طويل عن انعكاساتها زرعت فينا الفضول حول حقيقة ما جرى، ولكن السحر انقلب على الساحر، تقسيم عرض الحادثة إلى ثلاث مراحل منفصلة خلال العمل مرة من نظر برج المراقبة ومرة من نظر الركاب وعمال الإنقاذ ومرة من نظر سولي وشريكه قتل عاطفة اللحظة وإثارتها وسبب ثغرة بالربط بين الجمهور والعمل ولم أفهم ضرورته سوى بخطاب سولي الاخير عن إن نجاح حادثة هدسن جاء بفضل تعاضد الجميع ليس بمجهوده وحده، ولولا خطابه الخير لما وصلتني هذه الفكرة ، لم اشعر بهذا الغرض ابدا خلال العرض، مشاهد مشاكل سولي بمنزله ماضيه كطيار لم يهماني ابدا ولم اشعر بفائدتهما للعمل وكانوا مجرد حشو، والفيلم بمجمله مخيب للآمال ويستحق المشاهدة فقط للاستمتاع بأداء توم هانكس فوق الطبيعي الذي نجح بتقديم شخصية سولي وصراعاته الداخلية مع شياطينه وتشكيكه بنفسه ومواجهة شركات الطيران وإخفاء ذلك كله ومحافظته على رباطة جاشه وهيبته وتماسكه حتى بأصعب المواقف، مؤثر جدا ويكفي صوته المتعب لوحده ليصل للمشاهد الجحيم الذي تعيشه الشخصية


نهاية الصراع في العمل غير تقليدية، لم اعتد أن أرى مثل هذه المسامحة مع خصم ارتكب ما ارتكب من فظائع كسيد القمر حتى لو كان التبرير إنه فقد ذاكرته وسيعطوه فرصة جديدة، هذه المسامحة استهجنتعا بعض الشيء في المشاهدة الأولى لم أشعر إنها جاءت بمكانها، ولكن في المشاهدة الثانية اكتشفت إنها جاءت بصميم الحكاية والغاية من الصراع (العائلة) ، فالعائلة هي غاية العمل وهي سبب الصراع، لا ثأر كوبو ولا اطماع سيد القمر بعينه الثانية، الثأر والعين ليسا الغاية، هما الوسيلة لغاية أكبر ، أن يحظى كوبو بعائلة، بشيء من أرثه الضائع الذي يربطه مع عائلته أن يبقى إلى جانب والدته ويعيش بسلام، أما جده وخالاته فطيلة الوقت يطاردان والدته للانتقام منها لأنها كسرت قدسية العائلة ويريدان كوبو حتى ينضم لجده ويعيش مع عائلته، ومسامحة الجد بالنهاية وإعطاءه فرصة ثانية هو لمنح كوبو فرصة ليكون مع أخر فرد من عائلته ويعيش أخيرا بسلام.
استديو لايكا الجديد نسبيا على عالم الانيميشن صنع عملا عظيما، شاهدت للاستديو عملين سابقين كارولاين وبارانورمان كلاهما ممتازين ولكن كوبو شيء أخر، ترافيس نايت مخرج العمل ومدير الاستديو يصنع عملا دقيقا متوازنا بين حبكة وعبرة بغاية العمق للكبار ومهمة ومسلية جدا للصغار كعادة كل كلاسيكيات الانيميشن، في كوبو هناك ألم حقيقي واخز سوداوية ناعمة لا يبالغ فيها نايت حتى لا يخسر جمهوره، ومساحات من الكوميدية المدروسة الجيدة المبهجة ، ومغامرات مسلية وصناعة بصرية رائعة جدا.
أكثر ما أحببته العمل هو علاقات الشخصيات، صحيح ان نايت لا يكلف نفسه الكثير من الجهد ليجعل حقيقة الشخصيات صادمة فالمشاهد سيخمن بسهولة هويتها، ولكن مع ذلك هناك متعة بمتابعة كيف يتارجح كوبو بين جدية القرد وصرامته وطفولية الخنفساء وعفويته وستبهج المشاهد نسج العلاقة الممتعة المضحكة والمتكاملة بينهما، وتعاون الثلاثي في المغامرة ناضج جدا، رفيقا الرحلة لا يرميان كل شيء على كوبو ويقفان بالخلف لأنه المرصود للمهمة، ولا يحمياه ويتصدران المشهد لانه المستهدف، هما لهما دور كبير بالمغامرة وهو كذلك له دور فعال ونراقب كيف تنضج شخصيته وقدراته قبل المواجهة.
ثلاثة تحديات تواجه كوبو في رحلته يصنع كل منها نايت باسلوب بصري ممتاز، الصناعة التقنية السلوموشن والأنيميشن الالوان والمؤثرات والنظرة الإخراجية مع الموسيقى وأصوات النجوم من ماثيو ماكونغهي وتشارليز ثيرون مع روني مارا وراف فينز تصنع أحد كلاسيكيات الأنيميشن من وجهة نظري وأحد أفضل أعمال العام، أحد الاعمال النادرة التي تمزج بين المورث الشعبي من سينما أنيميشن اليابان مع المغامرة والتحدي وقيم العائلة من أنيميشن هوليوود، فيلم عزز من قناعتي إن عام 2016 هو عام سينما الأنيميشن عن جدارة


هذا شريط سينمائي عظيم ، واتوقع إن الزمن كفيل بتحوله إلى كلاسيكي كنادي القتال او مولهلاند درايف، فيلم عظيم عن الإنكسار والاضطهاد الداخلي والخارجي وعن التحول الذي يؤدي له، فيلم ممتاز عن صراع الإنسان بين ذاتيته وبين ما يتوقعه منه الناس ويطلبونه وبين ما يطمح أن يكون عليه، شخصيات العمل بغالبها تعاني الإضطهاد بسبب هويتها حتى تنكسر وحين يحدث ذلك تمارس دورها باضطهاد الآخرين.
طوال العمل كنت مشتاق لأرى الشكل الجديد الذي أصبح عليه ادوارد (جاك جلينهال) والإنعكاس الذي شاهدناه عليه في الرواية بشخصية توني كفيل لنعرف ما هو المسخ المشوه الذي أصبح عليه، بعد عشرين سنة من الموت البطيء أصبح لديه القدرة لمواجهة سوزان (إيمي أدمز) وفضح ما فعلته به، أنتقم منها حين وضعها أمام حقيقة وحشيتها أمام الصورة التي يتخيلها عليها في روايته ليست لورا كما يوحي العمل وإنما راي (ارون تايلور جونسون) هو الذكرى الذي بقيت بعقل إدوارد عن سوزان وهي تكتشف ذلك أثناء قراءتها للرواية ليزيدها أسى" وندما" وإنهيارا" فوق الذي تعانيه، ليضعها وجها" لوجه أمام حقيقة إنها أصبحت الشيء الذي لطالما كرهته وهربت منه، ولا يكتفي إدوارد بهذا بل يوجه لها صفعة مؤلمة حين لا يأتي بعد أن تستدعيه، حين يكسر أخر بقايا كبريائها ويقول لها صراحة إن إدوارد مات وما بقي منه هو توني لنراها بلقطة ختامية عظيمة تصنعها إيمي أدامز بأداء صاعق عن حقيقة التشوه الذي وصلت إليه بعد سنوات من اضطهادها لذاتها، عن حقيقتها المختبئة تحت السطح البراق الكاذب.
توم فورد بفيلمه الثاني الطويل عظيم جدا" الصورة المبهرة التي يصنعها مع لمسة السريالية تضع العمل على المنتصف بين الواقع والخيال بين الحقيقة والرواية بين العقلاني والجنون، لديه طاقم تمثيلي ربما هو الأهم هذا العام ويرفعون من قيمة العمل باداءات جبارة إيمي ادامز وجاك جلينهال وارون تايلور جونسون ومعهم العظيم مايكل شانون والمفاجأة لورا ليني يقدمون مزيج بين الأداء الجماعي المنسجم جدا" وبين الإبداع الفردي حيث كل ممثل أعطى لمسته للشخصية و جعل لها ميزتها الخاصة

الكوري الجنوبي بارك شون ووك يصنع عملا للذكرى ، طوال مدة العمل الطويلة نسبيا لن تستطيع أن تغمض عينيك عن الجمال الذي تراه، في أي لحظة توقف العمل سترى نفسك أمام لوحة بصرية رائعة لا توصف، تكامل فني بديع بين التصوير والإخراج الفني والأزياء والمكياج والكوادر البصرية تسير مع موسيقى لا تتوقف تطرب الآذن وتنعش الروح.
فيلم بديع جدا جدا، حتى لو اكتفى بارك بعرض العمل كصور بصرية وموسيقى دون قصة كان يكفي ليبهج المشاهد ولكنه أكمله بقصة مبهرة على مستوى العمل وتكنيك بصنع الإثارة والتشويق وتقديم سينما ذكية لا يتقنها سوى هو و الأمريكي ديفيد فينشر، شاهدت أعمال بارك شون ووك كاملة منذ old boy، هذا الفيلم هو أفضلها، من أبهرته تحفة ووك العتيقة من عام 2004 فهذا العمل مرض تمام له، ليس بعنفه السابق ودمويته المعهودة، ولكن خفايا القصة وأجواءها قاسية جدا ووحشية المضمون جدا أكثر حتى من مشهد القتال الشهير لقطة واحدة، ومع ذلك هناك مشهد سادي هدية من باراك لعشاقه وهناك غريزة انتقام تقود العمل.
بارك شون ووك يصنع اثارة رفيعة المستوى كلتي قدمها فينشر بتحفته Gone Girl حيث يمكن اعتباره ثلاثة افلام بفيلم واحد ينتهي الاول بمنتصف العمل بمشهد صادم جدا، ثم يبدأ الفيلم الثاني يلاحق صدمة الاول ويعيد رواية الأحداث وخفاياها ويصنع من كواليس أحداث الفيلم الاول فيلما اخر ممتازا جدا، وينهي القصة بفيلما ثالثا بديعا جدا عن اصل الغاز العمل كلها وحلها جميعا رغم إني شعرت إن فيها استسهال بعض الشيء لم يرقني وعاب العمل إلى حد ما، وبين الافلام الثلاثة هناك العديد من الالغاز والاسرار والرائع بالعمل إنك لا تدرك وجود السر أو اللغز إلا بعد كشفه أمامك ليجعلك تقول كيف كان هذا يحدث أمامي ولم اره، في العمل أداء رباعي عظيم من الطاقم وتحديدا مين هي كم بدور ليدي هيديكو باحد أجمل الاداءات النسائية الحديثة على الاطلاق و جيم وونغ جو بدور العم كوزوكي الذي رغم اداءه غير الواضح طوال العمل ولكن مشهده الاخير يجعله يستولي على جو العمل وكذلك تاي ري كم بدور الخادمة ابدعت طوال العمل ومعها جونغ وو ها


حالة افلام عام 2014 تعود مجددا" هنا، انترستلار عاد بنفس اخطاءه من خلال ارايفل وفيلم كلينت ايستوود القناص الأمريكي يعود مجددا" بنفس ثغراته من خلال فيلم ميل غيبسون هذا هاكسو ريدج، الفرق الوحيد هو إن فيلم إيستوود كان عن قاتل جبان وفيلم غيبسون عن جبان يرفض القتل، نعم بإمكاني أن اقدر الفعل البطولي الذي قام به ديزموند دوز (أداء جيد من أندرو غارفليد) ولكن لم استطع أبدا" الإقتناع بمبادئه بعدم حمل السلاح بالحرب أو التعطيل عن العمل يوم السبت والشعور بأن قضيته منطقية وكعسكري كنت أشعر أحيانا" إنه مهين للبذلة العسكرية ولشرف الجندية في كل العالم وهذا الشيء سبب لي قطيعة مع النصف الأول من الفيلم ، النصف الثاني تجسيد المعركة ممتاز بصريا" و من الواضح إن غيبسون حضر درسه جيدا" بإستحضار أجواء إنقاذ الجندي رايان و سقوط النسر الاسود دون أن يضيف شيء جديد سوى زيادة الأشلاء ومشاهد تقطيع الأوصال والدموية، ولكن مع ذلك كانت المشاهد مطولة أكثر من اللازم دون سبب درامي واضح وكأنها فقط حشو لإطالة مدة الفيلم، ثم حين علق ديزموند في ليلة المعركة هنا بان انحياز غيبسون الواضح للفيلم الهوليوودي الكلاسيكي فالأحداث أحيانا" كثيرة تبدو مبالغة وغير منطقية أو قابلة للتصديق ومفتعلة، ونهاية العمل امتلأت بالكليشيهات لدرجة الابتذال واستدرار العواطف والدموع لدرجة السخافة ( اليابانيون كانوا ينتظرون الجيش الأمريكي لينهي صلاته أيضا" ولم يبدأوا المعركة ويهاجموه) الفيلم أخذ بنهايته بعد ديني فج معركة بين الرب والشيطان إنحياز واضح لبطولة الأمريكان وتصوير شيطاني أحادي عفى عليه الزمن لشخصية الشرير فلا عجب أن يكون الفيلم مفضلا" جدا" للأمريكان وينحازوا له بترشيحات الاوسكار، شخصيات مهمة اختفت بنهاية العمل ومنتصفه وتحديدا" عائلة ديزموند وبالأخص شخصية والده رغم أهميتها، فنيات جيدة طبعا" وكفيلم القناص الأمريكي قالب أو إطار براق لمحتوى فارغ وصدمة أخرى من عام 2016


في أحد مشاهد الفيلم البديعة تغني اينيس برفقة عزف والدها أغنية عن الطفولة يبدو إنهما غنياها طويلا" ومرارا" فيما سبق، أغنية عن الأطفال وطموحاتهم، تبدأ الأغنية بصوت منخفض حاني عن الطفل الذي يبحث عن بطل وحين تصل إلى مقطع تتحدث فيه الأغنية عن الطموح وصنع المستقبل والنجاح تعلو نغمة أينيس أعلى من العزف حتى يصبح غناؤها مزعجا"، يبدو هذا المشهد فيه الكثير من الشرح للعلاقة بين أينيس ووالدها ، قصة طفلة تريد أن تكبر وترحل وتبني ذاتها بعيدا" عن المفاهيم القديمة ، قصة جيل كامل نضج سريعا" قبل أن تنضج بلاده وبشكل مختلف عن عقلية سلفه، بين أينيس ووالدها لا يوجد إنقطاع ود ، هناك ود موجود وهناك علاقة متصلة ولكن هناك إنقطاع بالحوار ، هناك برود بالعلاقة صنعه افتراق الطرق بين الجيلين، ليس فقط خلاف حقبتين زمنيتين تنتمي لها الشخصيات، بل خلاف عقليات، بين اب موسيقي هادئ مرح وابنة باردة تنتمي لعالم الأعمال والشركات متعددة الجنسية العابرة للقارات، هذا ليس فيلم عن أب وحيد يسعى لمد علاقته مع أبنته الوحيدة الجافية، هذا فيلم عن أب يسعى لإنقاذ أبنته من الكآبة التي تعيشها، اينيس التي تمثل جيلا" من الشباب الغربي الطامح نحو النجاح والتقدم والتطور حتى طحنه السعي والطموح، تحول طموحه إلى هوس وعلق عنده، أصبحت مفاهيم السعادة مشوشة وهلامية، كل شيء متوفر لديه والمادة تحكم حياته ولكنه لا يستطيع الإحساس بالسعادة وإدراك ماهيتها، أينيس تعمل في مركز مرموق وتعد بالتقدم لديها شقة فارهة أمتيازات وظيفية مال يمكنها من فعل ما تريد عشيق شاب وسيم واستقلالية بالحياة واحترام في عملها ولكنها متهجمة طول الوقت عابسة لا تشعر بالجمال والسعادة الضغوط تستهلكها بالكامل حتى توشك ان تفلت السيطرة على ذاتها وتنهار، هي تمثل جيل يعيش حالة من عدم الاستقرار البارحة كانت في ألمانيا واليوم في رومانيا وغدا" في سنغفورة، الأب يستشف هذا الحزن عند ابنته يستشف الاضطراب وحالة عدم الوزن التي تعيشها حين يراها بالحفل المبكر لعيد ميلادها منعزلة عن الجميع تلاحق اعمالها على الهاتف، يسافر لعندها بعد وفاة كلبه المقرب ربما يستطيع إنقاذ مخلوق أخر مقرب لقلبه، يحاول اقتحام حياتها بنكاته وتهريجه المزعج السمج (ومارن أده تتعمد تصويره منعدم الفكاهة و بيتر سيمونشيك يبدع بمزج السماجة بطيبة القلب) اينيس لا تتقبله وتبعده عنها تواجهه بانعدام الطموح وإنه يريد تقيدها وإحباطها فيبتعد عنها تبكي تودعه نادمة على الكلام الجارح الذي قالته له (مشهد رائع جدا" لتصوير طبيعة فلسفة أينيس وعلاقتها بوالدها)، وحين يعود ويدخل بحياتها متنكرا" بشخصية توني اردمان السفير الالماني ومدرب الخبرات تتقبله أينيس وتمشي معه بفكاهته، ربما لأحساسها بالندم على كسر مشاعره ولكن بالعمق هي تحتاج لهذه المغامرة، تحتاج لبعض الفوضى والفكاهة، بمغامرتها مع والدها تضحك من قلبها لأول مرة وتغني مع والدها وتكون طبيعية بالكامل، تدرك مدى فوضوية وتفاهة عالمها حين يدخله والدها ويكتشفه، وذاك بالمقابل يدرك إن الحياة ليست كما تخيلها، فكاهته وطيبته لم تعد تنفعا في هذا العالم والزمان أصبح أكثر تعقيدا" مما كان عليه، ويؤلمه المستوى الذي وصلت له ابنته ولكن لا يتخلى عنها.
مشهد حفلة العري مبهر بصنع حلول عظيمة للنزاع، حفلة العري بفوضويتها تكشف مدى التخبط الذي تعيشه اينيس وحين يدخل والدها بتنكره الغريب وتقف أمامه عارية تماما" وهو يهرج لها ثم يذهب فتطارده وتحتضنه، تناديه بطفولية (بابا) ، احتضنته بحنان وشوق وهي تدرك إنها مهما وصلت لتخبط وضياع فسيبقى هناك هذا الأب الذي يتقبلها كما هي و يحتضنها ويلاحقها ويعتني بها ومهما رأى منها نشوز ومهما حاولت إبعاده سيعود إليها، مشهد الختام يشرح الاب لابنته معنى السعادة يعطيها حصيلة حياته إن هذه المادة لا تعني شيء وإنما اللحظات القليلة من الفكاهة المسروقة هي ما تصنع سعادة الحياة ، اينيس تسايره وتتنكر مثله تحاول إدخال الفكاهة على حياتها لتصنع شيء من التوازن في حياتها.
مارن أده صنعت عملا" عظيما" متوازنا" دقيقا" في صدام بين عاملين، لا تنساق نحو الكوميدية ولا الخطابية والتنظير، تشرح فكرتها عن نزاع عقليات وأفكار بأقل ما يمكن من التكلف و أجواء رومانيا تلعب دورا" كبيرا" بالفيلم، بيتير سيمونشيك يقدم اداء" عظيما" بتقديم الحزن والتوتر على ابنته تحت كل التهريج والجنون الذي يظهره، ساندرا هيلر تبدع بإظهار شخصية أينيس كفتاة مراهقة يحرجها والدها وتحاول الهرب منه وصنع شخصيتها، وفي لحظة تتحول إلى سيدة أعمال رصينة و قوية وممتازة بإظهار الضغوط والتوتر والإنهيار النفسي الذي تعيشه .


تزمت دينزل واشنطن بالتعامل مع الاصل المسرحي لفيلمه مزعج جدا"، تقريبا" لا يوجد سينما هنا، والاحساس بطغيان المسرح يخنق الفيلم ويمنعه من الوصول إلى المشاهد وأن يوصل ما يريد قوله عن أرواح مخنوقة وكائنات تصارع واقعها وماضيها حتى تتمكن من النهوض من فراشها، ما يريد قوله عن التضحية والاستنزاف الداخلي الذي يمارسه الإنسان بحق نفسه من أجل عائلته وعن (الأسوار) التي نشيدها حول أرواحنا والتي تمنع أقرب الناس ليصلوا إلينا يصل بصعوبة للمشاهد، قوة النص المسرحي تنقلب عليه أحيانا" ومع ذلك يصل بالنهاية إلى بر الأمان بعد جهد شاق بفضل الأداءات الجبارة التي يقدمها دينزل والعظيمة فيولا ديفيز ، هناك الكثير من المواجهات الحوارية الطويلة الكثير من المونولوج الشخصيات محدودة الأماكن محدودة الإحساس إن الفيلم مقسم إلى فصول واضح جدا" رغم إن بنية النص تبدو إنه من الواضح إنها قابلة لتتحول إلى بنية سينمائية بسهولة ولكن دينزل تكريما" لكاتب المسرحية الراحل الذي أكسبته وديفيز جوائز توني يصير على ألا يعدل عليه شيء وهذا أزعجني جدا" بالعمل رغم إعجابي بقيمته كبناء عوالم للشخصيات ومعاناتها ونفسيتها وصراعاتها والأداء التمثيلي لها، ولكن تمنيت لو كان هناك مساحات صمت، تامل ، مونولوجات داخلية ، المزيد من الشخصيات الثانوية ، تصوير لعوالم الشخصيات خارج المنزل أو بداخله أكثر لا أن يبقى محصور بالفناء الخارجي 90 % من وقت العمل ، ليس العمل إهدار للتمثيل أو النص ولكن كان من الممكن أن يكون أكثر جمالية وربما كلاسيكي لو تولى النص كاتب ومخرج بعيد عن المسرحية ومستقل عنها وليس متشرب بها كمسرحية ومهووس بها وبقي دينزل (الذي كان واضح غرامه بالمسرحية لدرجة إنه خنق الفيلم من شدة الحب) فقط كممثل


باعتقادي هذا أكثر فيلم تعرض للظلم والتجاهل الموسم الماضي، تجاهل غريب حتى على مستوى الترشيحات التقنية، الإسباني الكتلوني جي ا بيونا (مخرج the impossible المرشح لجائزتي اوسكار 2012) صنع فيلما" بديعا" يعيد للذكرى رائعة غاليرمو ديل تورو متاهة فون، قصة درامية مؤلمة بنفس فنتازي متقن، ما نراه ليس كون موازي فنتازي بل نحن نرى تعامل طفل مع مآساة ووضع مضطرب يمر به ونشاهد الأحداث من منظوره وداخل عقله (تماما" كمتاهة فون)
كونور طفل يشرف على المراهقة والدته تحتضر من السرطان والده لا يريد أن يرعاه ومأواه الوحيد هي جدته الصارمة، تقتحم عالمه شجرة عملاقة متكلمة متوحشة عتيقة تروي له ثلاث قصص عن الأمير الوسيم الساحرة الشريرة الفتاة المظلومة وعن العطار الطماع ورجال الدين المنافقين، ينتقل الفيلم بذكاء بين الواقع والفنتازي ويتقلب بإبهار بين الروائي والأنيميشن، يقدم وراء القصتين المحكمتين (قصة كونور مع عائلته وقصته مع الشجرة) قصة نضوج مبهرة لطفل ينتقل إلى طور الشباب ويتعامل مع معضلة صعبة برغبته ببقاء والدته معه وإرهاقه من مرضها وتمنيه إراحتها من آلمها وأنتهاء معاناته معها مما يسبب له عقدة ذنب لا يجروء أن يبوح بها ، يكتشف نسبية الخير والشر، إن الحياة ليست نهايات سعيدة، إن الإيمان لا ينفع دوما" فالحياة لا تمشي حسب الأمنيات، إن الغضب والفوضى والتمرد لا يؤدي دوما" إلى تحقيق ما نريده، فيلم رائع جدا" منفذ بحرفية وإبهار عالي من حيث التقنيات والتصوير والموسيقى وصنع الأنيميشن ، العبرة الختامية ممتازة إظهار إن ما عاشه كونر ليس حالة فنتازية أو طفرة إبداعية، بل هو شيء مما ناله من تربية والدته بالصغر، خبرات ومهارات كسبها بصغره حفزتها المآساة حتى تتفجر بعقله وتعينه على تجاوز أزمته كما جرى مع والدته بصغرها حين فقدت والدها، أداء الطفل ممتاز وليام نيسون له حضور صوتي أسر فيلم من مفضلاتي ل2016


ممثل السويد في ترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي ، فيلم لطيف جدا" سرد متين قصة متماسكة أداء مبهر من رولف لاسغارد وتستطيع أن تستمتع بالفيلم رغم إنه لا نستطيع إنكار إن القصة معلوكة ومطحونة ومقدمة عشرات بل مئات بل ألاف المرات وتحديدا" من هوليوود وربما البنية الهوليوودية للعمل الاسكندنافي (المنطقة التي تعتبر مصدر لنهج سينمائي صقيعي مغاير جدا" للنهج الهولويدي) هو ما جعل للفيلم القبول الكبير أمريكيا" ، على أي حال كون الفيلم غريب عن بيئته ويتبنى نهج أخر عالمي ليس بالضرورة أن يكون عيب فيه هو متماسك وممتع ويلعب بامتياز في منطقة متوسطة جيدة بين كوميدية الموقف والدراما الرثائية دون أن يتبنى أي منهما ليكون حالة مريحة وممتعة للمشاهد مع رسم كاريكتر تقليدي ولكن ممتع التنفيذ بفضل المكياج والاداء التمثيلي


(لقد كانت غلطة ... غلطة جميلة) ..
لا يمكنني اعتبار شخصية بين (فيغو مورتنسن) ثورية بالمعنى الكامل للكلمة، اختياره لنمط الحياة البدائي الذي يعيشه مع عائلته ليس سببه الثورة بقدر ما هو إغراء الفكرة، الرغبة بالتحرر من كل القيود وكل الضغوط الاجتماعية والعيش بحرية كاملة، تجربة بدءها مع زوجته لإنقاذها من إكتئاب الحياة العصرية ثم تحول إلى أدمان لهذا النمط ، ولكن والغريب بهذا العمل عن نظراءه الذي ينتصر لنمط الحياة الثوري المتمرد إن المخرج والكاتب مات روس (ممثل تحول إلى الإخراج وهذه تجربته الطويلة الثانية) لا ينتصر أو ينحاز لفكرة ثورية بين ونمط حياته، هو حيادي جدا جدا بالتعامل مع الحالة الغريبة التي نراها أمامنا، نعم نحن نشعر بالتشويق وإغراء التجربة ولكن في نفس الوقت نشعر إن هناك شيء غير مقبول وشيء خاطئ يحدث بالأخص من ناحية تعامل بين مع أولاده، نشعر إنه ورغم جمال التجربة ولكنها غير صحية ولا يمكن أن تنتج أطفال أسوياء، مهما تمتعو بقوة بدنية وخبرات تعايش مع الطبيعة و ذكاء معرفي ولكنهم لا يمكن لهم أن ينجوا بالحياة الحقيقية ولا يمكن أن يعيشوا كبشر أسوياء.
في الفيلم تتحدث ابنة بين عن نقدها لرواية لوليتا إنها تتعاطف مع بطل الرواية ولكنها في نفس الوقت تكرهه ولا تتقبل ما فعله، مات روس يقودنا لانطباع مشابه تجاه عمله، بستطيع تجاوز إغراء تمجيد التجربة ومقاومة غرائزه الأنسانية بالإنحياز لها ليكون حيادي بشكل صارم، في رحلة بين وعائلته لحضور جنازة أمه يصور الحياة المدنية بشكلها الواقعي دون الإمعان بهجائها وإظهار مساؤها، شخصية الجد رغم كونها نمطية (عسكري ، محافظ ، ثري ، العدو التقليدي لكل الثوريين) ولكنه ايجابي جدا وإنساني جدا ولا نكرهه، حتى في التشكيل البصري لا يوجد تميز لمشاهد الغابة عن مشاهد المدينة الكوادر البصرية في المرحلتين رائع جدا، روس بارع جدا بهذه الحيادية فلا يجعلها تجره بطريق معاكس للهجوم على بين وتصويره كمجنون، أنت تقدر تجربته تعجب بها ولكنك تدرك عواقبها ومخاطرها ولا تتقبلها أكثر من كونها حلم ، المرحلة الوحيدة التي تشعر إن الفيلم ينحاز بها لأحد الأطراف هي مرحلة تواجد العائلة بالحافلة، هذه الجزئية مميزة بصريا جدا ومحببة رغم إنها أيضا مليئة بالتصادم بين الشخصيات ولكن تشعر بها بدفئ عائلي حقيقي، دفئ يستند إليه العمل ويجعله البوصلة التي تقوده إلى بر الأمان في النهاية وتنقذه.
ربما أعيب على العمل إنه لم يعطي لشخصيات الفتيات المراهقات فعالية درامية بقدر شخصيات الشبان ولكن مع ذلك فالعمل بمجمله ممتاز، عمل بصري مذهل جدا وشريط صوت رائع والدراما والصراع بين الشخصيات مدروس جدا ومضبوط، فيغو مورتنسن مبدع بالدور يقف على خيط رفيع بين الثورية والجنون، حساس جدا وشاعري ينتصر للشخصية ولكن مع ذلك مضبوط جدا ويجبر المشاهد على البقاء حيادي معها في أحد أفضل اداءاته


بإمكاني ان اقول ان جيف نيكولز يتحول سريعا إلى احد صناع السينما الواعدين المفضلين بالنسبة لي، الكاتب والمخرج الشاب (37 عاما) خط لنفسه نهجا مستقلا لم يفلح به الكثير قبله، وهي قصص ما وراء الطبيعة، المعالجة الواقعية العصرية لحكايا ونبوءات الموروث الديني، نيكولز ابدع سابقا باقتباس حكاية سفينة نوح وتقديم معالجة عصرية لها وشرح انساني واقعي عظيم لبلاء الانبياء في take shalter عام 2011 ، وها هو اليوم يحاول مع نجم عمله السابق (وشريكه بكل افلامه) مايكل شانون ان يقدم رؤية عصرية للمسيح او الملائكة الهابطة وعوالم ما وراء المحسوس او مزجهم كلهم سوية بفيلمه الجديد هذا midnight special، صحيح إن تجربته هذه ليس بعظمة وجمالية تحفته السابقة وشابها الكثير من الضعف ولكنها مبهرة بالنسبة لي بقدرة نيكولز على تطويع الاسطورة والنبوءة بشكل عصري واقعي بعيد عن أي شطط خيالي او انجراف نحو الإثارة التي تفرضها هذه النوعية، وربما مبالغة نيكولز بهذا المجال انقلبت عليه، نيكولز الذي خفض مستوى الإثارة جدا في عمله السابق قتلها بعمله الجديد هذا لدرجة إن العمل اصابه شيء من المطط وكان مملا ببعض المواقع، ثم تركنا مع العديد من الأسئلة التي لم يحاول الإجابة عنها ولا أن يلمح لحلها، لماذا الأبن هو وحده من حصل على هذه القدرات دون والديه؟، هل يوجد أمثاله الكثيرين على الأرض؟، ما مبرر تلك الفترة التي قضاها في عالمنا قبل أن يذهب إلى عالمه ؟ ما الغرض من وجود امثال الطفل وما التغير الذي سيقدمونه وما التغيير الذي حققه الطفل لمن حوله؟ ، ربما نيكولز من المخرجين الذين يحبون جعل المشاهد يفكر بأعمالهم ولكن هنا تجاوز الأمر التحريض على التفكير ليصل لدرجة عدم وجود مبرر، تشعر إن نيكولز هرب إلى الغموض لأنه لم يعثر على مبرر منطقي لحبكته ، كما إن حبكة الإثارة عانت خلل رهيب في النهاية حين نجح عميل المخابرات بتخليص الطفل من السجن، الحيلة التي لجأ إليها نيكولز طفولية جدا وغير منطقية ، نيكولز مخرج ممتاز من عمله السابق وبهذا العمل هناك لمحات ممتازة جدا ولكن ليس التجربة المتكاملة التي انتظرتها منه.


كتابة رأي عن هذا الفيلم مضيعة للوقت وتبذير للكلمات مثل ما كان الفيلم مضيعة لجهد بصري ممتاز وتبذير لأداء عظيم، أفضل أداءات العام الماضي النسائية تأتي من أحد أسوء أفلام العام، مثال حقيقي لمعنى السيناريو المشتت، ما الغرض من المقابلة؟ ما الغرض من اعادة تجسيد برنامج جاكي التلفزيوني عن البيت الأبيض؟ ما الغرض من تقاطعاتهم مع تصوير معاناة جاكي بعد مقتل زوجها؟ لماذا تبذير محور جلستها مع القس بدل من استغلاله لجعل الفيلم قيمة وجودية وحرفه باتجاه وعظي مباشر مبتذل؟ ما مشكلة جاكي تتألم لفقدان الزوج ؟ تريد جنازة تليق بالزوج الرمز؟ تشعر بأزمة وجودية ؟ تشعر بالذنب؟ تشعر بالحسرة على شبابها ؟ تشعر بالخوف من المستقبل ؟ ما الغرض من الإشارات المستترة لحب بوبي لها ؟ لماذا شخصية بوبي عانت هذا التسطيح ؟ لا إجابة ، لأن العمل لم يكن جريئا" برسم الشخصية ولم يكن جريئا" بالمعالجة وحدها ناتالي بورتمان من حملت الفيلم وجعلت له قيمة وكانت الوحيدة المتفهمة للشخصية وصنعت لها انضباط بين كل الفوضى الموجودة، الألم والحسرة والندم والصدمة وشيء من جنون ما بعد الصدمة أبدعت نتالي بتقديمه، ملامح وجهها صوتها مشيتها تدخينها ارتجافها نظراتها بكاءها حيرتها كله إبداع حقيقي، الأزياء ممتازة فعلا" ومبهرة، التصوير والديكور والموسيقى رائعة


هذا الفيلم اعاد لي ذكرى انترستلار قبل ثلاث أعوام ليس لأن الفيلم خيال علمي يغوص بقضايا فلسفية وعلمية و ليس ﻷنه من بطولة نجوم الصف الأول أو من إخراج مخرج صاعد يحصد النجاح تلو النجاح بفترة قياسية ويشكل قاعدة شعبية لا تستهان بها ، بل ﻷن كلا الفيلمين كانا حالة منتظرة جدا بالنسبة لي ثم تحولا إلى خيبة أمل كبرى ، الفيلم حاول أن يقدم الكثير ويتحدث عن الكثير، أن يكون عن ضرورة التواصل بين البشر عن أهمية الحوار والتفاهم والتقبل ، عن الخوف من المجهول والغريب وما يسببه سوء الفهم والترجمة، أراد أن يغوص أكثر بفكرة القدرية وعلاقة الإنسان مع مستقبله حين يعرفه ، أراد أن يصنع حبكة مشوقة بعجنة إنسانية ويقدم نهاية مفاجئة وعاطفية ، ولكن وكما انترستيلار اكتفى بالسطح ولم يتوسع ولم يغص ولم يشبع ، لم يكن مشوقا" وأحيانا" كان مملا" وأغلب الأحيان مشوشا" وكثيرا" من الأحيان غير منطقيا" وشحيحا" بنسج عوالمه الخيالية وضعيفا" بمؤثراته ، هو رغم إنه أكثر أفلام الخيال العلمي المعاصرة مديحا" وترشيحا" للأوسكار ولكنه أضعفها في نفس الوقت، حتى انترستيلار أفضل منه، إيمي أدامز جبارة بأدائها رغم إن الشخصية أحيانا" كثيرة غير مفهوم سبب الألم الذي تعيشه ،الموسيقى بالعمل رائعة جدا وهي أفضل شيء فيه ، وبالمحصلة فيلم مخيب والغريب هذا الكم الهائل من المديح والترشيحات

0 التعليقات:

إرسال تعليق