RSS

The Salesman – 2016


سعيد أنني أعيش بزمن أعاصر به ظهور أعمال أصغر فرهادي الواحد تلو الآخر وأشهد نجاحها، شيء ربما يعوض علينا حسرة إننا لم نعاصر الراحل كيورستامي وصعوده إلى صدارة المشهد السينمائي الإيراني والعالمي، في سنة رحيل مبدع السينما الإيرانية يبدو هذا العمل اشبه بتكريم أو بتأبين مبهر للراحل الكبير، فرهادي يمسك على الشعلة بقوة بعد عمله العظيم (إنفصال) المتوج بالأوسكار ثم تألقه بالسينما الفرنسية بـ(ماضي) الفائز بأفضل ممثلة بكان، يكمل السلسلة بالبائع فيلم نال جائزتي مهرجان كان كأفضل ممثل وسيناريو ووصل إلى ترشيحات الأوسكار النهائية كأفضل فيلم أجنبي، في عام تزاحمت به كلاسيكيات السينما من مختلف العالم يبدو لي إن هذا العمل هو بين أفضلها على الاطلاق .


كأفلامه السابقة يقدم فرهادي شخصيات إنسانية بمبادئ أخلاقية عالية تتعرض لإمتحان مزلزل، يضع المبادئ والقيم وجهاً لوجه مع الطبيعة والغرائز البشرية، يقوم بلعبته المفضلة بتوريط المشاهد مع شخصياته وحبكته وتركه مع الكثير من الحيرة والكثير من الحسرة، يلعب بمساحته المفضلة في القصص اليومية العادية، ضمن البيوت المغلقة خلف الأبواب والستائر بين خلافات الأزواج وتعارضهم وشجارهم، يقدم الكثير من النزاعات والكثير من المشاكل من خلال الأحاديث الهامشية بالنظرات بنبرة الصوت بالصمت، يترك لنا مساحة واسعة بين السطور وعلى الهوامش لنملأها بأحكامنا وانطباعاتنا الخاصة حول الشخصيات والحبكة والقصة.
العمل حول عماد ورنا (أدائين عظيمين من شهاب حسيني و تاراني عليدوستاي ) زوجين وممثلين مسرحيين، شريكين بالحياة والفكر والعمل والمشروع والطموح الثقافي والفني، تواجه حياتهما امتحاناً مؤلماً أثناء تحضيرهما لعرض مسرحي مقتبس عن أرثر ميللر (موت البائع الجوال) حين تتعرض رنا للإعتداء في منزلها من مجهول، في وقت تصبح به رنا بأشد الحاجة لحب زوجها ورعايته واهتمامه والتعبير عن حقيقة حبه لها يتملك عماد الهووس بالثآر الذي يستهلكه حتى آخره.
من خلال هذين الزوجين ومحنتهما يوجه فرهادي أسئلة عديدة عن حقيقة الإنسان المثقف في مجتمع محافظ متعصب لفكرة الشرف، عن نسبية العدالة وتفريقها عن الإنتقام، عن المحن التي تضع المعاني الحقيقية للإنسانية والمسامحة على المحك، عن الحب الذي لا تصوره الكلمات والمعاملة زمن الهدوء، الذي يحتاج للصدمة والمصيبة حتى يبان جوهره من زيفه، عن الحياة والمسرح، عن الإدعاء والحقيقة، يبدأ فرهادي فيلمه بالمسرح ويختمه بالمسرح وبينهما يدخلنا بصراع بين ما نبدو عليه لدى الناس وبين ما نحن عليه بالحقيقة.
فرهادي يقدم بشكل متوازي تمهيد عظيم للحدث والشخصيات، يبدأ العمل بتصدع المبنى الذي يسكن فيه عماد ورنا، بين الحطام وخلال الهرب يندفع عماد لينقذ ابن جارتهم المعاق مخاطراً بحياته وزوجته تراقبه وتستعجله، يبدو المشهد على قصر مدته واف لنتعرف على عماد، طبيعته الشهمة مبادئه العالية وحسه بالأخرين، وصفاته هذه هي الأساس التي أحبته رنا من أجلها، هذه الشمائل هي التي ستتعرض للامتحان الحقيقي، يركز فرهادي الصورة على زجاج يتكسر، كإشارة إلى امتحان قادم وكسر لن يجبر ستتعرض له العائلة الصغيرة فور خروجهم من منزلهم.
تتالي المشاهد اللاحقة يدخلنا أكثر بعمق شخصية عماد ومجتمعه، يبدو صورة غير معروفة عالمياً عن إيران، فرقة مسرحية في بلد يعادي أمريكا تعمل على إقتباس مسرحية أمريكية، الممثل متزوج من الممثلة ويعيشون بجو أخوي مع أعضاء الفرقة من ممثلين وموسيقيين يرتدون جميعاً الملابس الغربية ويشربون الكوكاكولا ويبدو عليهم الكثير من الانفتاح الغربي ببلد شرقي محافظ، ولكن في نفس الوقت لا يقتلع فرهادي الفرقة من جذورها المجتمعية، الممثلة التي تلعب دور العاهرة بالمسرحية – المطلقة التي تربي أبنها الصغير بمفردها – تبدو حساسة جداً للدور الذي تقوم به وتفسر أي كلمات أو غمزات من زميلها بمعنى سلبي، وتبدو حتى سخرية زميلها جزء غير منفصل عن رواسب مفاهيم المجتمع المحافظ ضمن هذه الدائرة المنفتحة الضيقة،  وهذا المشهد مهم جداً لوضعنا بجو العمل وبجو المحنة القادمة التي ستعصف بالشخصيات.


في المشاهد اللاحقة يتعمق فرهادي أكثر بشخصية عماد مع استمرار القصة بالتصاعد، هو مع كونه ممثل مسرحي يعمل مدرس إعدادي، يبدو إنه يمارس دوراً تنويرياً للطلاب بالإضافة إلى كونه أستاذ، يعرض لهم فيلماً من كلاسيكيات السينما الإيرانية ويحاول أن يوزع عليهم بعض الكتب الثقافية، ويدعوهم إلى مسرحيته، معاملته لهم أخوية جداً ويبدو صديقاً مقرباً لهم، يساعده صديقه بالمسرحية بابيك على الانتقال إلى منزل أخر يملكه ريثما يعثران على سكن جديد، ويصر عماد وزوجته على دفع الأجرة، يزعجهما إن المنزل كان فيه مستأجرة قديمة ويشعران بشيء من تأنيب الضمير وإنهما سلباها حياتها، بالأخص حين يعلمان إن المستأجرة تريد أن تعود إلى المنزل، ويتعاملان مع أغراضها بحرص بالغ جداً.

في هذه المرحلة يركز فرهادي جداً على الهرموني بين عماد ورنا والحب الذي يجمعها والتفاهم العالي وتشارك المبادئ، هذه المبادئ التي يسلط فرهادي الضوء عليها بمشهد مبهر في سيارة الأجرة، على تصارعها مع قيم المجتمع المحافظة ليلعب بذكاء على الوترين، حين تتذمر إمرأة من جلوس عماد بجانبها وتلمح إنه يتحرش بها بوجود طالبه، الطالب يدافع عن أستاذه ويبرر عماد موقفها إن هذه المرأة تعرضت لموقف سابق جعل لها ردة الفعل هذه، هذا المشهد يركز فيه فرهادي على حساسية مفهوم الشرف كأساس للحدث القادم، وعلى نفسية عماد المتساحمة جداً المبررة جداً المتفهة جداً الراقية جداً، ليجعل من إنتظارنا لتعامله مع الصدمة التي تعترض حياته مشوقاً جداً، و يبدو من ناحية فيه عرض لشيء أعمق بنفسيته، الإنسان الذي لطالما تلقى المعاملة السيئة، لطالما تعرض للظلم وسوء الفهم وكبت بذلك بنفسه طويلاً وبرر للجميع وللمجتمع إساءاته (في مشهد أخر يتحدث بابيك بغضب عن إن عماد اشترى منزله المهدم بقرض من البنك وعليه الآن بيع سيارته لسداد القرض وعماد يتجاهل الحديث ولا يعقب عليه، مع إشارة سريعة وذكية من فرهادي بمشهده الافتتاحي إلى مسؤولية الدولة عن إنهيار البيت) هذا الإنسان الذي كبت بنفسه طويله كان ينتظر مثل تلك الصدمة حتى يفجر غضبه على الجميع .

قبل مشهد الاعتداء مباشرةً يصور لنا فرهادي رنا وهي تخلع مكياج المسرحية عن وجهها، وكأنه يقول لنا إنه بهذه اللحظة سينزع قناع الرقي عن الشخصيات وسنراها على حقيقتها ببشريتها الكاملة وسيضعها ويضع مبادئها وأخلاقيتها بإمتحان مع عاداتها وغضبها وثورتها لأجل حقوقها وضد الاعتداءات التي لحقت بها، فرهادي لا يصور لنا الاعتداء وإنما أثاره ليلعب لعبته المفضلة بإثارة فضول المشاهد حول حقيقة ما جرى في الحمام، وليجنب مشاهديه مشهد عنف صادم يجعل حكمهم متحيزاً وينزع تعاطفهم اتجاه ما سيجري بالمرحلة القادمة، هناك مخرجين يهتمون بمعاملة مشاهديهم كشخصية أخرى خفية بالعمل تشاهد كل شيء، وهناك أخرين مثل فرهادي وقبله كيورستامي يفضلون أن يبقى المشاهد مجرد مشاهد، أن يكون قاضي لا يرى كل شيء مباشرة بل يستمع للحدث الرئيسي من الشخصيات ويقيم بنفسه الحدث بعقلانية تامة وبلا تعاطف، وهذه الأسلوبية لا تفيد فقط بصنع إثارة عالية القيمة بالعمل بل تعطي المشاهد مساحة واسعة للتفكير بقيمه ومبادئه وأحكامه وقياس الشخصيات على نفسه وتخيل نفسه في موضعها .

في المرحلة اللاحقة يبدع فرهادي بتصوير إنعكاسات الصدمة على رنا وعماد وعلاقتهما، يركز كثيراً على الجروح والأذى الذي تعرضت له رنا وعلى حالتها النفسية المنهارة والفريد إنها هي الطرف الأكثر مسامحة من زوجها ورغبة بتجاوز الأمر، في حين إن عماد يأخذ الموضوع على محمل شخصي جداً بالنسبة له، يبدو جرح الكرامة الذي يصيبه جراء الإعتداء مؤلماً أكثر من جروح زوجته، لذلك فهوسه بالإنتقام يبدو لرد اعتبار شخصي له أكثر من ثأر لآلام وكرامة رنا، ونجاح هذه المعادلة تأتي بفضل التمهيد فوق الممتاز للشخصيات والبيئة.
في هذه المرحلة هناك انقلاب جذري يحدث بشخصية عماد، يهمل طلابه وتدريسهم وتنهار علاقته معهم، ينام أثناء عرض الفيلم ويتحول الأمر إلى فوضى، وحين يأتيه المستخدم ليخبره إن المدير رفض توزيع الكتب الثقافية على الطلاب يطلب منه عماد أن يرميها، وكأن عماد فقد إيمانه بكل شيء، وحين يهين طالبه ويشعر بالأذى النفسي الذي سببه له يصمت عماد متأملاً نفسه شاعراً بالخوف من الوحش الذي يتحول له، لتصبح قضية أخذ ثأره حاجة لا لتضميد جروح كرامته بل لتجاوز المآساة والعودة لشيء من التوازن النفسي.
الإنهيار الحقيقي يدخل بعلاقته وبيته ومع زوجته، يتجنبان النظر المباشر لبعضهما، يتحدثان بلهجة خالية من العواطف، يواجهان صعوبة بنطق الكلام اللطيف، يهتم عماد بتكرار السؤال حول ماجرى يوم الاعتداء و حول صفات المعتدي، ورغم إنه لا ينطق بالأمر مباشرة ولكن في لهجته الكثير من الاتهام لزوجته و لا يجرء أن يبوح به إشفاقاً على حالتها، بالأخص مع المعلومات المتضاربة التي تقدمها زوجته والمتناقضة أحياناً مع رواية الجيران بتأثير صدمة الموقف، لأجل ذلك يبدو إنه من الأسهل عليه توجيه اللوم إلى بابيك الذي لم يعلمه سابقاً إن ساكنة الشقة إمرأة سيئة السمعة، أو تخيل مؤامرة حاكتها تلك المرأة ضدهم إنتقاماً على أخذهم للشقة، رغم إن ذلك كله غير منطقي ولكن عماد بحاجة إلى غريم يفجر عليه غضبه، عماد رغم غضبه العارم ولكنه لا يعرف كيف يعبر بعصبية عن الأمر، طبيعته وهويته كمثقف منفتح متفهم تكبت الكثير من ردود أفعاله، يعبر عن غضبه من بابيك بالإرتجال بالمسرحية وإهانته مما يسبب شجار معه يجعله يلمس عدم منطقية ما يفعله، وعندها يقرر بجدية ملاحقة هوية المعتدي ويأتي مشهد المعكرونة العظيم ليؤكد ذلك، مشهد فيه الكثير من السلم والهدوء ، يبدو فيه إنه يوجد فرصة لتجاوز الأمر والمضي بالحياة، ولكن حين يكتشف عماد حقيقة مؤلمة أثناء العشاء يدرك إنه لا يمكن لكل شيء أن يعود إلى طبيعته ما لم يحقق ثأره من المعتدي، وبمرحلة البحث تتوقف كل اتهامات عماد لزوجته وبابيك وتخيل مؤامرات المرأة عليهم، لأنه قرر التخلي عن الهواجس غير المنطقية وأن يتحلى بالجرأة المطلوبة ليلاحق غريمه الحقيقي المجهول.

رنا تبدو مع آلامها تشعر بشيء من الذنب وإنها تتحمل جزء من المسؤولية، ولكنها أكثر بحاجة لعناية زوجها ورعايته من الإنتقام، بحاجة فعلاً لتجاوز الصدمة، ولكنها لا تطلب ذلك منه، تبدو المسافة تتسع بينهما، ولكن كرامة عماد المجروحة وإباء الأنثى لدى رنا الذي يمنعها من الطلب تقف حائلاً أمام مد يدهما لبعض، أحب هذا الجانب من فرهادي، الجانب الذي ينتصر به للمرأة، حين يجعلها حتى بأضعف حالاتها كاملة الكرامة لا تتنازل عن ذرة من عزتها لتطلب الإشفاق والسند من الشريك حتى وهي بأمس الحاجة له ولو كلفها الأمر حياتها الزوجية، وكأنه يجب عللا الشريك الحقيقي أن يهرع دوماً لنجدتها وإغاثتها دون أن تطلب ، ويعطي فرهادي دوماً نساءه مساحة خاصة لتعبر عن حاجتها للشريك دون أن يجرح كرامتها، كمشهد بكاء سيمين في السيارة في (إنفصال) ومصارحتها نفسها إنها مستعدة التخلي عن فكرة السفر كلها لو إن زوجها عبر لها عن حاجته ببقاءها معه، وهنا كذلك يعطي فرهادي رنا مساحة البوح الخاصة بها للتعبير عن حاجتها لعطف واهتمام عماد لا لإنتقامه في العرض الأخير لمسرحية موت البائع الجوال.
المرحلة الأخيرة، مواجهة عماد للمعتدي مستفزة جداً، فرهادي وجه المشاهد ليتخيل إن المعتدي هو ماجد الشاب، ولكن الصدمة باكتشاف إن المعتدي هو عمه عبد الحفيظ العجوز المريض، هوية الجاني صادمة ليس لأنه عجوز وديع ومريض بل لأن الإنتقام عندها يصبح دون ذا جدوى، فرهادي يصور عبد الحفيظ بطريقة مشفقة جداً يبدو معها الإنتقام مؤلم لعماد أكثر له ، ولكنه لم يعد يستطيع التوقف، هو بحاجة للإنتقام من أجل نفسه لا لزوجته لذلك فلا يختار أن يؤذيه جسدياً بل يريد فضحه وتعريته أمام عائلته وإهانة كرامته رداً على جرح كرامته، يترك عماد عبد الحفيظ سجيناً ويذهب لعرض مسرحيته (يطفئ له الضوء بعد أن يعتقله في غرفة مظلمة كتعبير عن صراع نفسي يعيشه عماد بعد وقوع غريمه بيده)، يختار فرهادي مشهد الختام للمسرحية بذكاء ، مشهد وفاة البائع الجوال ووقوف زوجته فوقه تخبره فيه إنها تحتاجه تريده بجانبها ولكنه أختار مع ذلك المضي برحلته الخاصة، في هذا المشهد فرهادي يعطي مساحة لرنا لتعبر عن حاجتها لزوجها وعطفه لها ليقف بجانبها بمحنته، ويرينا كذلك إن الطرق افترقت بين الزوجين كل واحد في اتجاه ورحلة خاصة.
أختيار فرهادي لبيت عماد ورنا القديم المتصدع ليكون مسرحاً للإنتقام لم يكن اعتباطياً ، المنزل المتصدع الجدران المكسر النوافذ المليء باللوحات والكتب المبعثرة الخالي من الحياة يبدو تصوير لنفسية عماد وللشكل الذي أصبح عليه، يتحاور عماد ورنا حول الانتقام داخل غرفة مغلقة، الكادر الذي تتموضع فيه رنا يوجد فيه العديد من اللوحات الموضوعة بينما الكادر خلف عماد عبارة عن جدار متصدع وباب مغلق، رنا ترفض مبدئ الإنتقام وتطالب عماد بالتوقف ولكن عماد يصر على المضي برحلته، كتعبير بصري عن إن رنا رغم المآساة التي مرت بها ما زالت تلك المثقفة ذا المبادئ، بينما عماد قطع الطريق ليصبح مشوه من الداخل محطم.


ينجرف الإنتقام نحو طريق لم يتوقعه أحد، ويلمس عماد إنعكاسات أعماله، وتنقلب الأدوار ليصبح الضحية هو الجلاد والجلاد هو الضحية، ومع وصول عائلته يصبح الأمر مشفقاً أكثر، يبدو وكإن فرهادي هنا لا يهتم بممارسة لعبة من الملوم أو تبدل الأحوال بين الجلاد والضحية، بقدر ما يهتم بفكرة إلى أين يمكن أن يصل الإنسان بإنغماسه بفكرة الإنتقام، وإلى مدى ستصمد الأخلاق والمبادئ بوجه الغضب، وكيف ستنجو علاقة عماد ورنا بعد ما جرى، عماد رغم إنه لمس فعلاً إلى أي حد الإنتقام بشع، ولكنه لم يتوقف رغم تهديد زوجته، وجه صفعة مؤلمة للعجوز، حتى شكل الإنتقام الذي خطط له والذي كان يريده أن يكون أكثر حضارية لم يكفيه، فلجأ إلى سلوك عنيف وحشي، الصفع، ولكن ألم الصفعة كان موجع لعماد أكثر من عبد الحفيظ ومميت للاثنين ، ومع الأزمة القلبية الأخيرة التي يتعرض لها العجوز تترك رنا زوجها وتلحق العائلة، أما عماد الذي سبق له وان خاطر لإنقاذ ابن الجار المشلول تحت الأنهيار لم يتحرك لحمل العجوز المحتضر ووقف ينظر إليهم من بعيد، فرهادي يختم عمله بمشهد تحضير للمسرحية ، يتنقل المونتاج بقطع متوازي بين رنا وهي بواسطة المكياج تغطي جروح الاعتداء كتغطيتها وتجاوزها لألم الماضي، وعماد بالمكياج يتقنع ليكمل حياته بقناع الإنسان اللطيف الوديع الذي كان عليه سابقاً ولكن الحياة من غير الممكن أن تستمر بسلام بعد  ما جرى، أحد أفضل أفلام 2016 بكل تأكيد .

0 التعليقات:

إرسال تعليق