RSS

Iron man 3 - 2013


Iron man 3

العام الماضي أنهى كريستوفر نولان الفصل الأخير من مغامرات الرجل الوطواط وهذا العام يأتي جون فافرو ليحذو حذوه ويقفل صفحة الرجل الحديدي بعد إخراجه للجزئين الأول والثاني وانتاجه للثالث ومشاركته ببطولتهم جميعاً، جون فافرو الذي نقل أسطورة الكوميكس إلى الشاشة لأول مرة عام 2008 بعمل متكامل وممتاز جداً أعاد نجومية روبيرت داوني جونيرو وغوينث بالترو وجيف بريدجز وفتح الباب لأبطال مارفيل جميعاً (هالك و ثور وكابتن أمريكا) ليكون بداية مشروع الأفينجرز الذي اكتسح العالم العام الماضي بفيلم ترفيهي ممتاز وبينهم قدم فافرو الجزء الثاني الجيد عام 2010 باستفادته من عودة ميكي رورك الجيدة للساحة بعد فيلم المصارع ومنحه دور شر تقليدي جيد، المهم بالسلسلة وبالأخص بالجزء الثالث هذا (من إخراج شاين بلاك كاتب أسلحة فتاكة) إن ظل عباءة وطواط نولان تحجب الشمس عن بذلة توني ستريك الحديدة.


في العمل الأول كان من الواضح تأثر فافرو بما قام به نولان في باتمان يبدأ بالأخص بالبحث عن الدوافع التي تحول إنسان عادي إلى بطل خارق وطموح الإنسان الأعمى لامتلاك قوى خارقة يفرض بها مبادئه ودراسة نفسية للإنسان وراء البذلة الخارقة، جون فافرو لا يلام بهذا فأسلوبية نولان هي الأسلوبية الأفضل لصنع فيلم كوميكس ذو قيمة وبين توني ستريك وبروس واين العديد من النقاط المشتركة، وفافرو استطاع بعمله أن ينقل أفكار وابتكارات نولان ليصنع فيلم كوميكس ذو قيمة دون أن تشعر به يقلد بل يستفيد من خطة ناجحة مع إضفاء مسحة كوميدية ترفيهية ممتعة متصلة مع كل عوامل الكوميكس الأخرى الهامة العلاقة العاطفية (وكانت بالرجل الحديدي الأول غير تقليدية وممتازة) وعدو شرير خطير حتى إنني أرى إن الرجل الحديدي لفافرو أفضل من بداية وطواط نولان .
المشكلة عند فافرو إن نولان قدم في نفس العام تحفته فارس الظلام واتبعها بعد أربع أعوام برائعته نهوض فارس الظلام عملين من الصعب جداً مجاراتهما كبداية الوطواط، فافرو حاول بالجزء الثاني أن يستمر على خطى الجزء الأول ويصنع شرير خطير يوازي الجوكر ويهتم بالنزاعات الداخلية لتوني ستريك مع توازي انجرار القصة نجو الأفينجرز ، هو نجح بصنع جزء جيد ولكنه أقل من مستوى الجزء الأول بكثير، و بعد تحقيق مارفيل لحلمها وإطلاق الأفينجرز يبدو إن فافرو وكأنه لم يتحرر فقط من هيمنة المشروع الأضخم الذي قيده كثيراً في الجزء الثاني بل إنه استفاد منه ليصنع عملاً ربما يستطيع به أن يتفوق مجدداً على نولان، عمل ضخم جداً ولكنه مع ذلك لم يستطيع أن يتفوق لا على نولان ولا على رجله الحديدي الأول.
ربما قد ينتقد البعض المقارنة بين قيامة فارس الظلام و الرجل الحديدي الثالث ولكن المشكلة إن كل شيء منذ بداية العمل يدفع إلى هذه المقارنة تشابه الشخصيتين وتشابه الأحداث، التركيز على عقد الرجل الحديدي الإنسانية ومخاوفه منذ البداية وإظهاره بوضع شبه اعتزال، التحذير من خطر يظهر تحت الأرض لا يمكن إخفاءه ويضرب الرجل الحديدي بعقر داره ويدفعه لتحديه، ثم هزيمة الرجل الحديدي واختفاءه وإشاعة موته وإيشاك الأشرار على أخذ العالم رهينة، مرحلة عزلة للحديدي يستعيد بها الكثير من اتزانه النفسي ويتغلب على مخاوفه ثم عودته لإنقاذ العالم يمساعدة الكولونيل روديس واتصال كل تلك الأحداث بماضي الحديدي واكتشاف إن الشرير (وهو أيضاً إرهابي له معتقدات خاصة غريبة وأفكار تدميرية وخطيب مفوه) ليس سوى ألعوبة بيد شرير خفي ثري وعالم يحوم حول توني ستريك ليتعاونا باكتشافات علمية طبية مهمة للإنسانية وله صلة بماضيه، ثم انتصاره في النهاية واعتزاله ليعيش حياة طبيعية ، تقريباً سيناريو قيامة الوطواط يعود هنا ولكن  مع تعديلات وحيل لإخفاء التشابه ومسحة كوميدية غالبة جيدة، ولكن المشكلة إنه حتى مع استعانة الرجل الحديدي بسيناريو جاهز شاب العمل الكثير والكثير من القصور التي لم تعطيه مذاق الملحمة الختامية العظيمة كالجزء الثالث من الرجل الوطواط.
بداية العمل ممتازة جداً عرض الحالة النفسية المتدهورة لتوني ستريك بعد ظهور الأفينجرز وهجوم لوكي والفضائيين من أبعاد كونية أخرى ومعركة نيويورك وإشرافه على الموت، توني يعاني من نوبات ذعر، يشعر إن العالم مختلف عمَا كان يعرفه ومليء بتحديات ومخاطر لا تكفي لها بذلة الرجل الحديدي وإنه يفقد خصاله الخارقة، توني مصاب بالأرق مهووس بتطوير بذلته وعلى حافة الجنون ويكاد يعاني من انفصام الشخصية، في هذا الوقت تبدأ منظمة إرهابية جديدة بالنشاط تحت الأرض بزعامة ماندرين (بين كينزلي) منظمة أصولية شرقية تدميرية تريد هدم الحضارة الأمريكية وتقوم بسلسلة من التفجيرات الغريبة غير المسبوقة، الحكومة الأمريكية تعزل الرجل الحديدي عن الأحداث فهذا ليس خطر عالمي يستدعي تدخل الأفينجرز بل خطر داخليه تتولاه هي بقيادة بطلها الخاص (الوطني الحديدي) الكولونيل جيمس روديز (دون شيدول) الذي حاز على بذلة الحديدي في الجزء الثاني ولكن تطور الأحداث بشكل يتجه نحو توني ستريك بشكل خاص يستدعي تدخله.
هنا يدخل العمل بقسمه الثاني ويبدأ بالإنحدار إلى ما يمكن عدّه مغامرات مفتعلة مع تراجع بمستوى المحور الدرامي الذي لم يستمر على نفس قوة البداية، ثم إن ما قام به نولان بالجزء الثالث (والذي عدّه البعض نقطة الضعف بملحمته العظيمة) يعود ليتكرر هنا ولكن بشكل يبدو إصراراً على التقليد دون أن تشعر به يشكل فائدة ملحّة للعمل وهو الإصرار على عدم جعل البطل الخارق يرتدي بذلته والتركيز على الإنسان وراء البذلة، توني لا يقاتل كثيراً ببذلته حتى نهاية العمل ولا أفهم السبب أبداً ففيلم الرجل الحديدي مختلف عن فيلم الرجل الوطواط وهي بأن ميّزة الحديدي ببذلته وخصائصها المشوقة التي تجعل المشاهد يشتاق لها ويتابع العمل لأجلها، أما الوطواط فما يميزه هو عقده ومشاكله النفسية العتيقة التي تؤسس له أرضية لتحل شخصية بروس واين بديلة عن شخصية الوطواط دون أن تشعر إن العمل يعاني من الضعف، هنا ورغم الاهتمام بالبناء النفسي لتغطية هذا النقص ولكن يبقى المشاهد يشتاق للبذلة بالأخص إنها تصبح مشوقة جداً مع تطويرات توني عليها في البداية ولكن تراجع المحور الدرامي في الثلث الثاني لم يصنع بديل ممتاز لغياب البذلة التي اختفت وقت أطول من اللازم ، التعويض الوحيد الممتاز هي بالتحدي الذي يواجه الحديدي هذه المرّة الأولى في السلسلة التي تشعر إن هناك تحدي حقيقي أكبر وأخطر من السابق وما فعله فيلم الأفينجرز استفاد منه صناع الجزء الثالث ليطلقوا العنان لصنع أعداء خياليين بقدرات خارقة لا مجرد ابتكارات علمية ميكانيكية بل خصائق جينية خارقة مطورة علمياً دون أن يشعر المشاهد بوجود مبالغة.
العمل يكاد يهوي في الثلث الأخير، اكتشاف حقيقة مالندرين تجعل من الشخصية أضحوكة دون ضرورة لمجرد صنع صدمة بهوية العدو الحقيقي التي تبدو فقط تقليد دون ضرورة لها بالأصل ولم يكن من الضروري تصوير حقيقة مالندرين بذلك الشكل الهزلي، والمثير للسخرية إن صناع الحديدي يبدو وكأنهم كانوا يعرفون إنهم يقلدون لغاية التقليد فلم يهمتوا بصنع تشويش أو غموض حول شخصية كيليان (غاي برينس) فلم يصنعوا صدمة كما في الرجل الوطواط الثالث ولم أعرف مبرر تلك الدوامة شرير خلفه شرير فكيليان رغم إن العمل يقدمه مرتبط بماضي توني ولكن لم يبدو لارتباطه أهمية حقيقية بالأحداث أو مبرر ليتحول إلى وحش شرير ولم أعرف حتى دوافعه أو أسباب شره أو غاياته مجرد شرير تقليدي من أفلام الكوميكيس والمؤامرة التي يقودها لا تساعده، مؤامرة تقليدية ومكررة دون أي ذكاء أو جاذبية.
نقاط الضعف بالعمل كثيرة تطور العلاقة بين بوتيس (غوينث بالترو) وتوني يبدو أضعف كثيراً من كل الأجزاء السابقة وشخصية الكولونيل كان يمكن شطبها بجرّة قلم دون أن يختلف شيء بالعمل فهي لا تقوم بأي دور مهم أو مميز أو مساعد لتوني كما فعل مورغان في فيلم الوطواط، أما شخصية مايا (ريبكا هيل) فلم أفهم لما يجب أن تكون بالعمل وما الفرق الذي أحدثته ثم لماذا اختفت بلاك ويدو أو نيك فوري كان يمكن أن يكون لهما ولو حضور شرفي سريع يعطي نكهة جميلة للعمل بالأخص إن العمل لم ينعزل عن الأفينجرز، شخصية الطفل مكررة كثيراً في أفلام الحركة و لم افهم ضرورتها هنا بالأصل إنه لم يتم الإشارة أبداً إلى عقدة التزام عائلي في هذا الجزء لدى توني ومشاكله مع والده انتهت من الجزء الثاني ، المغامرة بالعمل تقليدية كما ذكرت ومشاهد الأكشن ليست بذلك التميز ، المؤثرات البصرية جيدة وأفضل ما في العمل هو كوميدياه وهنا بهذا الجززء بالذات أفضل كوميدية من الأجزاء السابقة وهو بشكل عام ممتع جداً ومسلي ولكن هذا لا يكفي أبداً لصنع فيلم عظيم.
6 / 10

0 التعليقات:

إرسال تعليق