RSS

أفضل 10 أفلام 2018



نعِت العام المنصرم 2018 بأنه عام سينمائي فقير، إن نظرنا له من الواجهة الهوليوودية فهذا صحيح إلى حد ما، الأعمال الأمريكية كانت متوسطة المستوى إلى جيدة دون وجود عمل يمكن اعتباره علامة فارقة إلا ما أخرجه مخرجين من خارج المنظومة الهوليوودية، ورغم وجود استثنائيات جيدة أمريكية ولكن لم تترك بصمة، والأسوأ إن الأعمال التي تقدمت لصدارة موسم الجوائز هي فقيرة جداً، بالمقابل فإن السينما دولياً كانت متوهجة، كثافة الأعمال المميزة فرضت نفسها حتى على الداخل الأمريكي فكان أحد أكثر الاعوام الذي تستحوذ فيه أعمال غير أمريكية على ترشيحات الأوسكار بمختلف الفئات، وكثافة هذه الأعمال الجيدة هو ما سبب تأخري بوضع قائمة لأفضل 10 أفلام، ورغم أنه ما زال الكثير لم أشاهده ولكن الوقت حان لإصدار قائمة مع بداية موسم جوائز 2019 بمهرجان فينيسيا وكل عام وأنتم بخير.




أعمال جيدة : If beale street could talk – The House that Jack belt – The Sisters Brothers – Dogman -  The Ballad of Buster Scruggs -First Reformed –At Eternity's Gate  -Avengers infinity war – Vice -Mandy      

الأفضل لعام 2018

-10-
كفرناحوم

فخر السينمائيين العرب .... صحيح أنه ليس أول فيلم عربي لبناني يحقق هذا المجد العالمي ، ولكنه ربما أول من حقق هذه الحالة الشعبية العربية والعالمية، نادين لبكي مخرجة محبوبة عربياً ومعروفة منذ أن بدأت بثورتها في عالم إخراج الفيديو كليب في مطلع القرن الحالي، ربما لأجل ذلك احتفى بها الجمهور العربي أكثر من ابن بلدها زياد دويري الذي حقق إنجازاً مماثلاً لها بالقضية 22 – وهو من مظوري أهم من كفرناحوم – بالإضافة لاختلافات أخرى، إنسانية موضوع لبكي المفرطة وتأثيرها، لدي ملاحظات على الفيلم لم أخفيها، مشهد المحاكمة الأخير والمباشرة بطرح لبكي لأفكارها التي أخذت طابع جدلي أحياناً مجرد من الإنسانية وإهمال لجوانب من أصل مشكلة واقع الشخصيات وتركيزها على نقطة واحدة منه، انتقاداتي تلك لم تمنعني من حب الفيلم وتقديره والفخر به، فيلم حقيقي جداً، جريء جداً في أغلب مفاصله، متقن جداً، ومؤثر ومصنوع بتميز حقيقي.

-9-
The Favorite

الفيلم الإنكليزي الثالث لليوناني يورغيس لانثيموس، هو الأكثر نجاحاً بمسيرته مع أسد فينيسيا الفضي وبافتا أفضل فيلم بريطاني وترشيحات أوسكار رئيسية وفوز بجائزة التمثيل للقديرة أوليفيا كولمان، ولكن مع ذلك هو الأقل تميزاً بين أربعة أفلام شاهدتها له بالأخص تحفته اليونانية التي افتتح بها هذا العقد (Dogtooth ) ولكن هذا لا يقلل قيمته، بديع بصرياً، متكامل العناصر بشكل كلاسيكي، يدخلنا بدوامة محيرة بين المصلحة والصداقة والعلاقة الحقيقية، يجبرنا على طرح عدة أسئلة حول حقيقة علاقة الشخصيات، هل يريدون ما يظهرونه من رغبة بالسلطة والتحكم؟ هل ما زال للمشاعر البشرية الأصيلة مكان في لعبة المصالح وإدمان السلطة؟، هل الاستحواذ وسيلة أم حاجة بذاته؟ حاجة تجعل للسلطة والتحكم معاني هلامية أمام رغبة مجنونة بأن نكون (مفضليين)

-8-
Touch me not

للمخرجة أدينا باينتايلاي، فيلم روماني توج بدب برلين الذهبي ثم نُسي تماماً، هذه ربما من أصعب وأغرب التجارب السينمائية التي عشتها،  ديكودراما غريبة عن علاقة الأشخاص بأجسادهم، عن غربتهم عنها، عن إحراجهم منها، وعن تقبلنا لذاتنا رغم عيوبنا، يجعل من علاقة الإنسان بجسده نافذة لعلاقة الإنسان بذاته ويعطي لعبارة (أكبر عدو للإنسان هو نفسه) معاني جديدة، هو فيلم عن الحواجز التي نصنعها بيننا وبين العالم، عن العزلة التي يصنعها الإنسان ويدمن عليها.
فيلم متقن وقاسي جداً حتى بصرياً، شخصياته استثنائية وخارجة عن المآلوف، مدعوم بشريط صوت بغاية الغرابة والجمالية.

-7-
beautiful Boy

الفيلم الأمريكي الوحيد في القائمة للمخرج الدينماركي فيلايكي فان غروناينغن (سبق له وترشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي عن The broken circle breakdown) عمل آخر تعرض للتجاهل في موسم الجوائز بشكل غريب رغم أهمية الموضوع الذي يطرحه وقوة المعالجة، قصة عن إدمان شاب على المخدرات وانعكاس الأمر على عائلته بالكامل، نص عظيم يسير على عدّة طبقات، العوامل النفسية التي تدفع شاباً متوهجاً للإدمان، الجحيم الذي يعيشه هو وعائلته بسبب إدمانه، يعيد تكرار عدّة متواليات من الشفاء والانتكاس بطريقة متعمدة ليشعرنا باليآس والإرهاق الذي يصيب الشخصيات ويجبرها على اتخاذ قرارات قاسية، وفي عمق العمل – وهم الأهم – تشريح للعاطفة والعلاقة الأبوية الحقيقية، الأبن الذي يبقى بعين والده (فتى جميل) مهما كبر يحتاج للرعاية والحماية، حجم الصبر والتضحية المستمرة والتحمل والإحساس بالذنب الذي يبذله الأب بلا طلب مقابل سوى أن يكون أبنه بخير، حجم الهزيمة التي يشعر بها الأب حين يرى ابنه يغرق ولا يستطيع إنقاذه، فيلم مبني على نص جبار وصورة جميلة وأداءين استثنائيين من ستيف كاريل وتيموثي شاملا.

-6-
Burning

مع الاحتفاء العالمي الكبير الذي لقيه مؤخراً الكوري الجنوبي بونغ جون هو وفيلمه (طفيلي) الذي نال سعفة كان الذهبية في دورتها الأخيرة، نتذكر فيلم كوري جنوبي آخر نال استحسان وثناء كبير في دورة كان 2018، (يحترق) لـ (لي تشانغ دونغ) يبدو في ظاهره إثارة وتشويق وجريمة مصنوع بروح غاتسيبي العظيم وهيتشكوك ضمن مزاج مخرجه الخاص، ولكن في العمق ما هو أكبر وأهم من قصة إثارة، الوضع الاقتصادي والاجتماعي في كوريا الجنوبية ينتقل بلحظات مدروسة من خلفية المشهد ليتصدره، ليشكل صورة مجتمع كوريا الضائع بانتمائه بين ما هو عليه وبين ما يريده، الإرث الكوري والعلاقة مع الجارة الشمالية غير الودودة حاضر بشكل ثانوي ولكن مهم ويجعل معه الفيلم يخرج من الحدود الكورية الجنوبية ليبدو من ناحية معينة وكأنه دراسة مبطنة للعلاقة بين الكوريتين المتلاصقتين والمتباعدتين، فيلم تثبت معه السينما الكورية مجدداً إنها أحد أكثر السينماهات العالمية الجديرة بالاحترام .

-5-
The Wild Pear Tree

فيلم التركي القدير (نوري بيج جيلان) صورة قاسية لشكل مجتمع يخنق شخوصه ويعيد تكرار نفسه، مجتمع يقع في ريف مفتوح لا آخر له ولكنه بالحقيقة عبارة عن سجن كبير بأسوار وقضبان غير مرئية، كل محاولات الهروب منه تبدو مستحيلة، والشخصيات لا حل لها سوى التأقلم أو الاستسلام وإعادة تكرير حيوات سابقيها، اختيار أن تكون الشخصيات من ضمن الوسط التعليمي فيه جرأة كبيرة ونظرة سوداوية قاسية، كيف يمكن لمن هو مقامر ومستهتر أن يكون باني أجيال؟، ما شكل الجيل الجديد الذي سينتجه؟ وهل يتحمل هو مسؤولية فشل الجيل القادم والذي قبله في ظل مجتمع يتغذى على وئد أحلام أفراده وحول كل شيء إلى سلعة وأفقد مهن نبيلة كالتعليم قيمتها وحولها إلى مجرد وسيلة لكسب العيش؟

-4-
Never Look away

الشريط الثالث لصائغ التحفة Life of Others الألماني فلوريان هانكيل فون دونرسمارك، مستوحى من سيرة الرسام والفنان التجريبي الألماني جيرارد ريختر (الذي لم يرضيه العمل) يمتد على مدى ثلاث عقود، مع صعود الرايخ الثالث وحتى منتصف ستينات القرن الماضي، يلعب على عدة طبقات صعبة مترابطة بعناية، مزدحم جداً ومليء بما يريد دونرسمارك قوله، يبدو هذا الازدحام أحياناً مضراً للعمل وعلى وشك أن يطيح به وكأن صانعه يمشي بين حقل ألغام، قد يكون غير مرض للبعض وقد يكون للبعض الأخر سبب تميزه، ولكن من منظوري العمل استطاع النجاة وخرج بصورة مبهرة، طويل وبعيد عن الاستعجال ولكن دون حشو، ممتلئ بالمحاور ولكن مترابط بطريقة قريبة جداً للممتاز، عاطفي جداً في نهايته ولكن دون استبكاء، فيلم عظيم عن ارتهان الفن بيد السلطة وتحوله إلى أحد ضحاياها، محور يجعله دونرسمارك تعبيراً عن الحرية الفردية المفتقدة في ظل الأنظمة القمعية، الفن يمكن أسره بكل مكان ولكن سيبقى طليقاً داخل روح الفنان وسيقوده للتحرر وسيحرر معه المجتمع، يجعل العمل مع تقدمه يحمل عدة وجه للصراع، صراع الفنان مع محيطه وصراع في داخله بين ما يريده وبين ما يفرض عليه.

-3-
Shoplifters

فيلم الياباني هيروكازو كوريدا الحائز على سعفة كان 2018 هو ثالث مشاهداتي للرجل، مقتبس عن حوادث سرقة بسيطة انتشرت أخبارها في الصحف اليابانية، هو ككل أفلام كوريدا عن أشخاص يشكلون مجتمعهم الخاص على هامش المجتمع المحيط بهم ويعيشون بقوانينهم وأخلاقهم الخاصة ضمن رمادية الأخلاق العامة، يبحث عن معنى العائلة وفطرية العواطف ومفهوم الخير والشر والأخلاق، ستة شخصيات أساسية لكل منها خيطها الخاص التي تنسج القصة العامة البسيطة والممتازة، فيلم عظيم عن آثار الماضي، عن النضوج، عن التغيير، عن فرضية أن يختار الشخص عائلته، مشاهد تصوير بديعة، مونتاج آسر، لحظات آدائية جبارة، شخصيات غريبة مليئة بالسلبيات يصب فيها كوريدا جانب إنساني عميق يجعلنا نتفهمها ونتعاطف معها.

-2-
Cold War

فيلم أبيض وأسود من ذكريات بافل بافلوفسكي مستوحى عن سيرة والديه، عن التغييرات التي ضربت المجتمع البولندي بعد الحرب العالمية الثانية وهيمنة الشيوعية عليها وحالة التشويه التي أصابت الماضي والحاضر وتنذر بمستقبل ضائع الملامح ضمن قصة عاطفية عظيمة عن الحب الذي يتغذى على الحرمان ويقتله الوصال، الموسيقى في الفيلم تلعب دور البطولة الرئيسي، هناك تعبير عظيم عن الزمن وتبدلاته من خلال الموسيقى، يبدأ بموسيقى شعبية بولندية تتحول إلى دعاية إيديولوجية للنظام الشيوعي، ثم تأتي مرحلة ويطغى الفلكلور الروسي على البولندي وتدخل لاحقاً موسيقى أمريكا اللاتينية في فترة صعود المد الشيوعي هناك مع كاسترو وتشي غيفارا، على نفس المستوى يصنع الجو الموسيقي في فرنسا، بدءً من الجاز والكلاسيكي ثم ملامح التحول نحو الروك في نهاية الخمسينيات، الجو الموسيقي للعمل مبهر جداً، تشكيلة عذبة من الألحان الموسيقية من مختلف الثقافات واللعب على ثيمة معينة لأغنية روسيا شهيرة لتحويلها من غناء الكورال إلى الكلاسيكي بالبولندي والفرنسي، نهاية الفيلم فيها دعوة للعودة إلى الجذور، بولندا من خلال شخصيتا فيكتور وزولا بلد ضاعت هويته بين شرق وغرب، لم يعرف السعادة هنا ولا هناك، و لم يبقى منه شيء سوى أطلال، قسوة السياسة دمرته وطمرت بقاياه، تركته مشوه وفارغ، وبقيت الشخصيات تبحث عن مكان أفضل لترى منه الأمور بشكل أجمل بشكل صحيح كما كانت مسبقاً.

-1-
Roma

كل أفلام العام في مكان وهذا الفيلم في مكان آخر، في كل بضعة أعوام يأتي فيلم يسمي العام باسمه، إذا نظرنا للسنوات السابقة رأينا أن 2011 سنة انفصال، 2012 سنة أمور، 2016 سنة لالا لاند، لتأتي سنة 2018 وتكون روما بلا أي شك، رحلة المكسيكي ألفونسو كوارون في ذاكرته من خلال عيني الخادمة البسيطة ليروي سيرتها من عينيه وسيرته من عينيها، ويشكلان معاً صورة للمكسيك في السبعينات ونلاحق معها على التوازي البيئة والمؤثرات التي شكلت بذور واحدة من أهم المواهب السينمائية المعاصرة.
فيلم روما كان موجود في كل أفلامه السابقة، المرأة التي خسرت كل شيء وتقرر القيام بمغامرة أخيرة للإحساس بالحياة في (… and your mother too) الفتاة التي تحمل في أحشائها الأمل الأخير للبشرية في واقع فوضوي دموي في (Children of men) المرأة التي خسرت طفلها الوحيد وتسبح في الفضاء للعثور على سبب للحياة في (Gravity) شخصيات عظيمة أساسه كله من حي روما في نيومكسيكو السبعينات، فيلم مزيج من يوميات أوزو وذاكرة تاركوفسكي، أحد أعظم الأعمال المعاصرة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق