RSS

American Hustle - 2013




ديفيد أو راسيل قطع الشك حول كونه أحد أفضل المخرجيين العاملين اليوم فبعد عام واحد على رائعته   S.L.P.B يقدم عمله الجديد هذا الزحام الأمريكي وبنفس الزخم والقوة التي تميزت بها أعماله السابقة، مبتعداً عن أجواء العائلات ومشاحناتها التي أبدع بها بفيلميه السابقين المقاتل والكتاب الفضي ليدخل جو المباحثات الفيدرالية وعالم الفساد السياسي والمافيا بأسلوبيته الكوميدية الخفيفة المحببة المتقنة الصنع القريبة من الجمهور.
القصة تدور في نيويورك السبعينات عن اريفين روسينفيلد (كرستيان بال) وسيدني بروسير (إيمي أدامز) نصابان ومزوران يقعان بيد المحقق ريتشي دايماسو (برادلي كوبر) الذي يستغلهما للإيقاع بالعمدة الفاسد كارمن بوليتو (جيرمي رينر) الأمور تسير بشكل جيد ولكن تداخل العلاقات الخاصة بين العصبة والصداقة الناشئة بين روسينفيلد وبوليتو ثم إصرار زعيم المافيا القوي فيكتور تيليغو (روبيرت دي نيرو) على أن يكون جزء من الصفقة ودخول زوجة روسينفيلد الغيورة والمتهورة المضطربة روزالين (جينفر لورانس) على الأحداث يجعل الأمور تتعقد وتوشك أن تطيح برؤسهم.
الفيلم ممتع جداً جداً مشوق ومبهج بقصة محكمة وسيناريو رائع وأجواء سبعينية أسرة وأداءات تمثيلية رفيعة المستوى، هو واحد من الأعمال التي تجعلك مع تقديرك لكل صناعها تقدر أيضاً العقلية الملهمة ورائها (مارتن سكورسيزي) فأجواء وفنيات (صحبة جيدة وكازينو) كانت حاضرة هنا بطريقة لا يمكن للعين إخطائها (كما في فيلمي بوغي نايت لبول توماس أندرسون و رجل العصابات الأمريكي لريدلي سكوت) ديفيد أو راسيل تعلم الدرس بشكل جيد جداً وصنع بالإستلهام من سكورسيزي عملاً رفيع المستوى مغ إضافة لمسته الرائعة بالتفاصيل الحياتية والشخصية وصنع علاقات الشخصيات وتركيبها بطريقة رائعة جداً رغم إن هذه اللمسة لم تكن واضحة جداً كما في أفلامه السابقة وغابت لصالح أسلوبية سكورسيزي الطاغية.
الفيلم يدور بنسق تصاعدي أسر ومحكم جداً وعلى درجة عالية من الإثارة كنت أتمنى لو أن عمل راسيل التالي يكون كسابقيه استمرار بتقديم القصص العائلية الاجتماعية ولكن دخوله عالم الجريمة والعصابات كان موفقاً ، الفيلم أسر بتفاصيله نيويورك السبعينات وألوانها وملابسها وأشكال الشخصيات والأغاني والمكياج والمنازل تجعل من العمل تحية لسينما عصابات السبعينات العظيمة بالأخص مع المونتاج والتصوير الرائعين .
جاذبية العمل الحقيقية هي كعادة أفلام أو راسيل من ممثليه واليوم استحضر طاقمي فيلمه الرائعين كرستيان بال وإيمي أدامز من المقاتل وبرادلي كوبر وجينفر لورانس وروبيرت دي نيرو من الكتاب الفضي والجديد هو جيرمي رينر (شعرت إنه جاء كبديل لمارك ولبيرغ) ومزجهم هنا ليقدموا جميعاً  حتى مع الممثلين الثانويين كـ لويس سيكة منافسة تمثيلية عالية المستوى بالأخص إن أربعة منهم قدموا أفضل أداءاتهم مع أوراسيل سابقاً وهم يستمروا هنا كذلك بال الذي وصل وزنه للأربعين كيلو قبل عشر سنوات حتى يلفت العالم لموهبته في فيلم الميكانيكي هنا يثبت بعد عشر سنين من النجومية إنه أحد عباقرة التمثيل الجدد بأداء مبهر وجذاب يخرج به – مجدداً- عن قناع باتمان ليمتع ويقنع بملامحه وغضبه وخبثه وذكائه وغيرته مع كاريكتر غريب ورائع تلاعب به بوزنه كالمعتاد، إيمي أدامز بأكثر حالاتها جاذبية وإثارة مع بلوغها الأربعين وبأداء ممتاز أيضاً كعادة الممثلة التي نستطيع أن نقول إنها من أفضل ثلاث عاملات اليوم بالمهنة، برادلي كوبر وجينفر لورانس يتفوقان على نفسيهما من الكتاب الفضي ويتابعان بدورين مبهرين جداً، كوبر الهائج الضائع الهش المهلهل الموشك على الإنهيار ، ولورانس في أفضل أدوارها للآن والذي سيمنحها ترشيحها الثالث للأوسكار قبل بلوغها الخامسة والعشرين وهنا تثبت مجدداً إنها سابقة لعمرها بظهورها المثير والمجنون المضطرب والمتناقض المنفلت والثائر المضحك والمحكم والمخيف أحياناً هي جوهرة العمل وثروته، جيرمي رينر ممتاز أيضاً ويأتي الدور متابعةً لمسيرة تمثيلية رائعة يعيشها، روبيرت دي نيرو بظهوره القصير بدور يعيد لنا دي نيرو في أدواره الأسطورية السابقة الزعيم القوي المتحكم بالأمور من العرّاب2 والمحصنون وصحبة جيدة وكازينو دقائق ظهوره القصيرة هي أعظم لحظات العمل، الأداءات العظيمة تصل لذروتها مع التفاعل والإنسجام العالي جداً من الممثلين وهنا تكمن القيمة الحقيقية لراسل القادر على أن يفجر عبقرية أداءات طاقمه بالأخص بوجود هذا النص الرائع وهو باعتقادي أفضل ماكتبه لليوم من تفاصيل وشخصيات وتسلسل وحبكة وحوارات ، الفيلم وحدة متكاملة ناجحة جداً هو من الأفلام التي لا تستطيع سوى هوليوود تقديمها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق